يقول باحثون إن البستنة أو الرقص أو لعب الجولف تساعد على الحفاظ على صحة الدماغ و في التغلب على الخرف
توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الأكثر نشاطاً والذين يمارسون نشاطاً بدنياً منتظماً ، حتى من خلال ممارسة التمارين الخفيفة نسبياً مثل البستنة أو الغولف ، لديهم أدمغة أكبر مقارنة بكبار السن غير الناشطين.
و يضيف هذا الاكتشاف إلى مجموعة من الأبحاث التي تُظهر أن النشاط البدني يساعد في منع انكماش الدماغ وإبطاء آثار شيخوخة الدماغ التي تؤدي إلى انخفاض الإدراك والخرف.
و قد كشفت فحوصات الدماغ في البحث الجديد ، و التي أجريت على 1،557 من كبار السن ،ممن كان متوسط أعمارهم يبلغ ال 75 عاماً ، أن الثلث الأكثر نشاطاً منهم كان لديهم حجم الدماغ أكبر بنسبة 1.4% من الثلث الأقل نشاطاً ، وقد أفاد الباحثون أن هذا الاختلاف يعادل كونهم أصغر بأربع سنوات .
كما أفاد الأشخاص في المجموعة الأكثر نشاطاً بكثير بالحصول إما على سبع ساعات من النشاط البدني المنخفض الكثافة أسبوعياً (أشياء مثل البستنة أو الرقص أو الجولف أو البولينغ) أو أربع ساعات من النشاط المعتدل (مثل التنس أو السباحة أو المشي لمسافات طويلة) أو ساعتان من النشاط عالي الكثافة (التدريبات الخطيرة مثل الركض أو كرة اليد).
وتقول مؤلفة الدراسة الرئيسية ييان جو Yian Gu ،الحاصلة على درجة الدكتوراه ، و الأستاذ المساعد للعلوم العصبية في جامعة كولومبيا Columbia University :
" تعتبر هذه النتائج مثيرة ، لأنها تشير إلى إمكانية الناس في أن يساهموا في منع تقلص الدماغ brain shrinking و تأثيرات الشيخوخة على الدماغ بمجرد أن يصبحوا أكثر نشاطاً " .
و سيتم تقديم النتائج الأولية ، التي لم يتم نشرها بعد ، في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب American Academy of Neurology في تورنتو Toronto هذا الربيع.
و الجدير بالذكر أن الدراسة لم يتم تصميمها لتحديد ما إذا كان هؤلاء الأشخاص الأكثر نشاطاً هم أقل عرضة لخطر الإصابة بالخرف.
و قد صرحت جو Gu لموقع إيليمنتال Elemental في دراسة منفصلة أجرتها هي وزملاؤها ، والتي نُشرت في ديسمبر / كانون الأول في مجلة ألزهايمر والخرف Alzheimer’s and Dementia Journal ، أنها قد اكتشفت أن النشاط البدني "مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض الزهايمر" .
كما وجدت دراسات أخرى أن الرقص يساهم في تضخيم أو توسيع منطقة الهيبوثلاموس في الدماغ hippocampus بالفعل ، وأن البستنة تعزز مستويات عوامل النمو المعروفة بأنها مفيدة للدماغ.
جسم سليم … عقل سليم
تتطور الآثار المدمرة على الدماغ من مرض الزهايمر ، و الذي يعد أكثر أشكال الخرف شيوعاً ، على مدار سنوات عديدة.
و في حين أن هناك بعض الأدوية التي يمكن أن تساعد في الحد من الأعراض ، إلا أنه لا يوجد علاج له ولا توجد تدخلات طبية معروفة لإبطاء تقدمه.
وفي الوقت نفسه ، أظهرت الأبحاث أن أنماط الحياة الصحية يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالخرف ، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن النشاط البدني المعتدل ، بما في ذلك المشي السريع ، يحسن من قوة الدماغ.
كما وجدت إحدى الدراسات التي أجريت في العام الماضي أن الأشخاص الذين مارسوا التمارين بشكل معتدل لمدة ستة أشهر كانوا أفضل من الأشخاص المستقرين في الاختبارات التي تقيس القدرة على الاهتمام وتنظيم المهام وتحقيق الأهداف. و قد وُجد أن هذه الآثار كانت لجميع الفئات العمرية.
وقال قائد الدراسة ، يعقوب ستيرن Yaakov Stern، و الحاصل على درجة الدكتوراه ، و أستاذ علم النفس العصبي بجامعة كولومبيا Columbia University : " لقد اختبر الأشخاص الذين يمارسون التمرينات أنهم ذوي أعمار تقل عن الـ 10 سنوات في سن الأربعين وحوالي 20 عاماً في سن ال 60".
في حين كشفت دراسة أخرى أجريت في العام الماضي عكس النتائج السابقة ، حيث أظهرت أن ضعف صحة القلب والأوعية الدموية في سن 50 يزيد من خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة .
و قد وجد تحليل واسع للعديد من الدراسات ، التي أجريت في عام 2017 ، أن ممارسة التمارين الرياضية (الآيروبيك aerobic ) تمنع تقلص منطقة الهيبوثلاموس ، وهو يعتبر جزءاً رئيسياً من الدماغ يساعد في وظائف التعلم والذاكرة. كما وضعت المزيد من الأبحاث المنشورة في عامي 2018 و 2019 حداً للجدل المستمر منذ فترة طويلة حول ما إذا كان كبار السن يستطيعون تكوين خلايا دماغية جديدة. إذ اتضح أنه بإمكانهم أن يفعلوا ذلك ، ويمكن للخلايا الجديدة زيادة حجم الهيبوثلاموس .
تأثيرات مرئية :
يمكن أن تكون فوائد التمرين واضحة للعيان في الدماغ. حيث قامت دراسة حديثة بإجراء فحوصات دماغية للأشخاص الذين مارسوا نشاطاً بدنياً معتدلاً على جهاز المشي لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع و قارنوهم بمجموعة مستقرة و مراقبة .
و قد كشفت النتائج أن جميع الأشخاص كان لديهم عوامل خطر الإصابة بالزهايمر ، ولكنهم لم يظهروا بعد علامات المرض.
الصورة: يتم عرض عملية أيض الجلوكوز (الاستقلاب الغذائي) في شخص مستقر (يسار) وشخص ما بعد برنامج مدته 26 أسبوعاً من التمارين المعتدلة (يمين). الصور من : مجلة الدماغ اللدونة Brain Plasticity journal
و بعد ستة أشهر ، قام الأشخاص الذين مارسوا التمارين الرياضية بزيادة مستويات استقلاب الجلوكوز الدماغي brain glucose metabolism في جزء من الدماغ المرتبط بمرض الزهايمر - وهي علامة جيدة على وجود الخلايا العصبية السليمة. كما أن أداءهم كان أفضل في اختبارات الإدراك لأشياء مثل التخطيط ، وتركيز الانتباه ، والتوفيق بين مهام متعددة.
كما قامت دراسة أجريت في وقت سابق من هذا العام في مجلة أحداث مايو كلينك Mayo Clinic Proceedings بدعم العمل الجديد الذي قامت به Gu وزملاؤها بشكل مباشر.
وقد استخدم الباحثون فحوصات الدماغ لأكثر من 2000 شخص ، تتراوح أعمارهم بين 21 و84 عاماً ، لإظهار أن التمرين يؤدي إلى تباطؤ الانخفاض المرتبط بالشيخوخة في الحجم الكلي للدماغ وحجم المادة الرمادية gray matter ، والتي يقولون إنها مرتبطة أيضاً بالتراجع المعرفي cognitive decline .
و يقول الدكتور رونالد بيترسون Ronald Petersen ، اختصاصي الأعصاب في مايو كلينك Mayo Clinic و الذي شارك في كتابة الافتتاحية المتعلقة بالنتائج :
"هناك أدلة جيدة بخصوص قيمة التمرينات في منتصف العمر ،و لكن من المشجع أنه يمكن أن يكون هناك تأثيرات إيجابية على الدماغ في وقت لاحق من الحياة".