يظهر بحث جديد أن أسلوب الحياة الصحي يمكن أن يحمي الدماغ، و يمنع التدهور المعرفي cognitive decline.
كشفت دراسة جديدة عن مدى ارتباط القلب و الدماغ Brain بسوء الحالة الصحية عند سن الخمسين 50 عاماً - فيما يتعلق بتدابيرٍ مثل، النشاط البدني والنظام الغذائي وضغط الدم - ترتبط بأكثر من ضعف خطر الإصابة بالخرف dementia بعد عقود.
و تعتمد النتيجة على أبحاث أخرى تُظهر أن الحياة الصحية في عمر الثامنة عشرة 18 تؤثر على القدرة العقلية في وقت لاحق من الحياة.
و يعتبر الخرف مصطلحاً عاماً يشير إلى ضعف التفكير والذاكرة و كذلك ضعف اتخاذ القرارات. و يعتبر مرض ألزهايمر Alzheimer’s disease هو النوع الأكثر شيوعاً.
و لا يوجد هنالك علاج معروف حتى الآن
و توضح أرشانا سينغ مانوكس Archana Singh-Manoux من جامعة باريس ساكلاي University of Paris-Saclay في فرنسا ، و التي أجرت البحث الجديد مع زميلتها سيفرين سابيا Séverine Sabia أنه "من المقبول الآن على نطاق واسع أن الخرف ينطوي على تغيرات في الدماغ على مدار 15 إلى عشرين 20 عاماً" ،. "لذلك ، من المهم تقييم عوامل الخطر قبل بدء عملية المرض."
صحة الدماغ مرتبطة بصحة الأوعية الدموية
لقد بحثت الدراسة ، التي نشرت في 7 أغسطس في مجلة BMJ ، البيانات الموجودة عن 7,899 من الرجال والنساء البريطانيين، و الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 55 عاماً في بداية الدراسة التي استمرت لمدة خمس و عشرين 25 عاماً.
و كان قد حصل كل شخص على تصنيف صحة القلب والأوعية الدموية في البداية - ضعيف أو متوسط أو مثالي - استناداً إلى سبعة تدابير مرتبطة بصحة القلب:
- التدخين
- والنظام الغذائي
- والنشاط البدني
- ومؤشر كتلة الجسم
- نسبة السكر في الدم
- نسبة الكولسترول في الدم
- وضغط الدم.
و تم تحديد حالات الخرف بناء على السجلات الطبية اللاحقة وسجلات الوفاة. و في المجموع ، تم تسجيل 347 حالة من الخرف.
و كان معدل الخرف أكثر من الضعف بين أولئك الذين يعانون من علامات ضعف صحة القلب الأولية مقارنة مع ذوي الدرجات المثلى.
و قد خلصت هذه الدراسة وغيرها الكثير على أن صحة الأوعية الدموية في منتصف العمر ، مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف في أواخر العمر.
يقول سينغ مانو Singh-Manoux في رسالة بالبريد الإلكتروني: "إن الكثير من الأبحاث في الخرف تدور حول الحلول العلاجية".
بيد أن "فشل جميع تجارب العقاقير حتى الآن، يجعل من المهم التفكير في الوقاية منه. و لكي تكون الوقاية فعالة ، نحتاج إلى قبول المسار الطويل للخرف ".
و قد كتبت كلٍ من كارول براين Carol Brayne من جامعة كامبريدج University of Cambridge و فيونا ماثيوز Fiona Matthews من جامعة نيوكاسل University of Newcastl في مقال مشترك في افتتاحية BMJ : "إن الآثار المترتبة على هذه الدراسة وغيرها الكثير، هي أنه كلما كان نظام الأوعية الدموية أكثر صحة في منتصف العمر ،كلما كان خطر الإصابة بالخرف -في أواخر العمر- أقل".
نمط الحياة و صحة الدماغ
تشير أبحاث أخرى إلى أنه إذا تم تبنى أسلوب حياة صحي في وقت مبكر من الحياة ، فإن ذلك سيكون أفضل لصحة لدماغ.
و قد بحث العلماء في بيانات حول 3,381 من سكان الولايات المتحدة و الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و 30 عامًا في بداية مشروع بحثي طويل الأجل.
و بعد مرور 25 عاماً ، خضع الأشخاص لاختبارات لقياس الذاكرة وسرعة التفكير والمرونة الذهنية. أولئك الذين بدأوا بمستويات أعلى من الموصى بها من ضغط الدم والسكر في الدم والكوليسترول سجلوا درجات أقل بكثير في الاختبارات المعرفية في الأربعينيات والخمسينيات ، و ذلك وفقاً لما ذكره الباحثون في مجلة Circulation في عام 2014.
وقالت كريستين يافي Kristine Yaffe ، عضوة فريق الدراسة ، وهي طبيبة نفسية وأستاذة بجامعة كاليفورنيا - سان فرانسيسكو: "إنه لأمر مدهش أنه عندما تكون شاباً ، يبدو أن مخاطر القلب والأوعية الدموية مرتفعة إلى حد ما، و هو أمرٌ مهمٌ للغاية مهمة لصحة دماغك في وقت لاحق من الحياة".
و تضيف "نحن لا نتحدث عن قضايا الشيخوخة ، ولكن عن قضايا مرتبطة بطول العمر".
وقد ربطت العديد من الدراسات الأخرى قضايا صحية محددة، بالخرف
وجدت دراسة أجريت عام 2017 في JAMA Neurology ، والتي شملت 15،744 شخصاً في الولايات المتحدة على مدار 25 عاماً ، أن ارتفاع ضغط الدم (يُعرف باسم 140/90 أو أعلى مع الزمن) مرتبط بزيادة 39٪ في خطر الإصابة بالخرف في وقت متقدم من العمر.
في حين أن ضغط الدم المرتفع قليلاً تم ربطه (120/80 أو أعلى) بنسبة 31 ٪ لمخاطر أعلى للإصابة بالخرف.
و في دراسة أخرى ، استعرض الباحثون البيانات المتعلقة بأكثر من مليون شخص على مدار 38 عاماً، لإيجاد فرق يتراوح بين 16٪ و 33٪ في خطر الإصابة بالخرف، لدى أولئك الذين كانوا يعانون من زيادة الوزن مقابل الوزن الطبيعي ، وزيادة مئوية مماثلة إضافية بين البدناء.
و قد كشف باحثون في العام الماضي في مجلة لانسيت للصحة العامة Lancet Public Health ، أن الخرف المبكر ، قبل سن عام65 ، يرتبط بالإفراط في شرب الخمر المزمن (4 مشروبات أو أكثر يومياً للرجال ، و ثلاثة مشروبات للنساء) في 57٪ من الحالات.
و لكن من جهة أخرى يؤكد يورجين ريهم Jürgen Rehm ، عضو فريق الدراسة: أنه "يمكن تجنب تلف الدماغ الناتج عن الكحول والخرف".
إحصائيات الخرف
للعلم فإن حوالي 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من الخرف ، و ذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية ، بالإضافة إلى عشرة 10 مليون آخرين يعانون من الخرف كل عام.
و من المتوقع بحلول عام 2050 ، أن تتضاعف كذلك النسبة المئوية للمسنين ، ومن المتوقع أن يكون الخرف أحد العوامل العديدة التي تجهد المجتمع و كذلك نظم الرعاية الخاصة به.
و تذكر منظمة الصحة العالمية في نظرة عامة على المشكلة انه "في حين أن العمر هو أقوى عامل خطر معروف للتدهور المعرفي ، إلا أن الخرف ليس نتيجة طبيعية أو حتمية للشيخوخة" .
و لكن السؤال المهم، ما الذي تستطيع القيام به؟
تشير الدراسات إلى أن اتباع نظام غذائي نباتي غني بالفواكه والخضروات هو الأفضل للجسم و الدماغ. و يوصي الخبراء بتجنب الدقيق الأبيض والأرز الأبيض والسكر المضاف والأطعمة المجهزة للغاية.
و تنصح كذلك منظمة الصحة العالمية بالحد من استهلاك الكحول وعدم التدخين.
فقد ثبت أن النشاط البدني ، حتى مجرد المشي ، مفيد لصحة الدماغ. ففي إحدى الدراسات التي أجريت في وقت سابق من هذا العام ، تم تقسيم الأشخاص الذين لم يمارسوا الرياضة إلى مجموعتين: واحدة تمارس التمارين الرياضية المعتدلة أربع مرات في الأسبوع ؛ في حين أن المجموعة الأخرى مارست فقط تمارين الشد (سترتش) stretching فقط.
و بعد ستة أشهر ، قاموا جميعاً بإجراء اختبار ، و لوحظ أن أولئك الذين مارسوا الرياضة كانوا كما ولو أنهم أصغر سناً بعدة سنوات. و كذلك ، فإن الطبقات الخارجية لأدمغة مجموعة التمرينات كانت سميكة ، وهي علامة على تحسن وظائف الدماغ.
و كما هو الحال مع الأبحاث الأخرى ، فإن الدراسة الجديدة لا تثبت أن ضعف صحة القلب يسبب الخرف ، لكنها تُظهر أن تجنب المخاطر المعروفة في وقت مبكر من الحياة يساعد في درء الخرف في وقت لاحق من الحياة.