يرتبط التأثير بالقيادة، وترتبط القيادة بدورها بأن تفعل من أجل نفسك ما تحب أن تفعله مع ومن أجل الآخرين.
إنني أساعد الناس في بناء علامتهم التجارية الشخصية (Personal Brand)، و هذا بدوره يعني أن هؤلاء الأفراد يريدون، بطريقةٍ ما، أن يكونوا مؤثرين.
إلا أن المشكلة تكمن في أن الكثير من الناس يرغبون في أن "يُنظر إليهم" على أنهم مؤثرون، أكثر مما يريدون فعلاً التأثير في مكانةٍ أو نوعٍ أو صناعةٍ معينة.
ويرجع السبب في ذلك إلى أن الأشخاص الذين المؤثرين يميلون إلى السير عكس التيار ، و عادةً ما يعني هذا بطريقة أو بأخرى أنك إذا سرت عكس التيار ستكون عرضة للخطر، بيد أنَّ الكثير من الناس لا يريدون أن يكونوا عرضة للخطر.
إنهم يريدون أن يصبحوا مؤثرين، دون أن يكونوا مختلفين.
كما أنهم يريدون أن يكونوا مثل أي شخص آخر، ولكن يرغبون في أن يسطع نجمهم في الوقت ذاته.
غير أنَّ التأثير الحقيقي لا يتم تحقيقه بهذه الطريقة.
فإذا كنت تريد حقاً أن تكون مؤثراً، فإليك المبادئ الأساسية الثلاثة التي تحتاج إلى التركيز عليها:
1. ما القيمة التي تقدمها؟
القيمة.
القيمة. القيمة. القيمة.
رددها و كررها معي.
إذ أن التأثير يرتبط بمقدار القيمة التي يمكنك تقديمُها لشخصٍ ما.
و هكذا يسيء كثيرٌ من الناس فهم معنى هذه الكلمة بشكل ملموسٍ، لذا اسمحوا لي أن أوضح الأمر لكم.
و إليك مثالاً رائعاً على ذلك : فلنفترض أنك ترغب في أن تصبح خبير تسويق في وسائل التواصل الاجتماعي.
و لاشك أن هناك الكثير من هؤلاء. وينشر العديد منهم كمياتٍ هائلة من المحتوى.
نعم كميات هائلة جداً. إضافة إلى مدونات مثل "5 طرق تساهم بها وسائل التواصل الاجتماعي في بناء أعمالك". حسناً، يمكن أن يكون لها بعض الأهمية .
ثم داخل هذه المدونة، تجدهم يكتبون أكثر 5 أشياء عامة وعشوائية وقُتلت بحثاً وجدلاً من قبل. ومن شأن القليل من البحث البسيط على محرك البحث جوجل أن يوصلك إلى أكثر من 100 مقالة بنفس المحتوى تماماً.
و هكذا فإن خبراء التسويق الذين يعملون على هذا النحو تراهم جالسين هناك، يجتهدون في نشر مدوناتٍ مثل هذه كل يوم، ويعملون بجدٍ حقيقي، بينما يقول كلٌّ منهم لنفسه: "إنني أقدم أشياءاً هامة! فلماذا لا يستمع أحدٌ إليّ!".
ذلك لأن الحقيقة في أن القيمة التي تقدمها ضئيلةٌ للغاية. و هي لا تتجاوز القليل من عشرات الجنيهات. كما أنك تصنع أدنى قاسم مشترك للقيمة.
كما أنه لا علاقة للقيمة بمقدار "العمل" أو "المجهود" الذي تبذله، وإنما بمقدار ما هو متاحٌ وموجودٌ بالفعل مما تصنعه، وبالمقدار الذي يرغب جمهورك أو السوق في تعلُّمه من الأشياء التي تعرضها وتشارك بها.
2. قم بهذا من أجل نفسك أولاً، ومن أجل الآخرين ثانياً :
لشدّ ما يثير حنقي عدد الأشخاص الذين يكسبون رزقهم من تعليم الآخرين كيفية القيام بالأشياء التي لا يستطيعون أنفسهم القيام بها، ناهيك عن محاولة القيام بها أصلاً.
وبالنظر إلى المثال أعلاه؛ أود أن أطرح عليك أسئلة مهماً : هل تعرف عدد الأشخاص الذين يطلقون على أنفسهم "خبراء في وسائل التواصل الاجتماعي"، ومع ذلك لا يمكنهم بناء جمهور خاص بهم؟ هل تعرف كم من الناس يطلقون على أنفسهم "قادة الفكر التسويقي" ولكنهم لم يقدموا يوماً شيئاً ذا قيمة؟
وماذا لو تطرقنا لأبعد من ذلك؟
وهل تعرف كم عدد المدربين الشخصيين الذين لم يصمدوا أبداً أمام رفع الأثقال 7 أيام في الأسبوع، وتناول أكثر من 6 وجبات في اليوم؟
وهل تعرف عدد "الكُتّاب" الذين يعتقدون أن المدونة التي ينشرونها مرة واحدة في الشهر تؤهلهم بما يكفي ليكونوا "كتّاباً"؟
وهل تعرف كم عدد "المدربين" الروحانيين، الذين يدعون إلى الوحدانية وأهمية الاستقرار الروحي، لكنهم يعرفون ذلك فقط لأنهم قرأوا القليل من كتب المساعدة الذاتية، عوضاً عن تجريب هذه الأعمال الروحانية بأنفسهم؟
نعم هناك الكثير. و الكثير، و الكثير.
أنا أعلم أن هناك حجة مفادها أنه يمكنك الذهاب إلى المدرسة للتعلم وليس عليك أن تعيش التجربة بالفعل لتدريسها. و أعتقد أن تلك الملابسات قليلة ومتباعدة. إذ أنني أؤمن كثيراً بالتجارب الحية.
فإذا كنا نتحدث عن إنشاء مهنة خاصة بك، بالتأكيد. يمكنك جني بعض المال من تعليم الناس كيفية القيام بالأشياء التي لا يمكنك القيام بها بنفسك.
ولكن إذا كنت تريد أن تصبح أحد قادة الفكر، وأن تؤثر في الناس، فحظاً سعيداً إذن.
حيث أن كل ما عليك فعله هو أن تتعلم العيش داخل الخنادق لتحقيق ذلك.
3. اتبع طريقتك الخاصة :
*فلتبدأ الموسيقى*
و أرغب هنا أن أثير في داخلك العديد من الأسئلة المهمة : هل تعلم لماذا كان (موزارت Mozart ) شديد التأثير؟
حسناً ، لأنه اتبع طريقته الخاصة.
وهل تعلم لماذا كان (بيكاسو Picasso ) شديد التأثير؟
لأنه اتبع طريقته الخاصة.
وهل تعلم لماذا كان (مايكل جوردن Michael Jordan ) شديد التأثير ؟
لأنه اتبع طريقته الخاصة.
و هل تعلم لماذا كان (جورج لوكاس George Lucas ) شديد التأثير؟
لأنه اتبع طريقته الخاصة.
و هنا نصل إلى النتيجة التي مفادها أنه لطالما اتّبعَ كل الروّاد العظام في أية صناعة، أو مكانة، أو نوع .. إلخ وسيتبعون دوماً طريقتهم الخاصة.
فإذا داومت على محاولة أن تكون شبيهاً بكل الأشخاص الآخرين؛ ستحقق بعضاً من النجاح. و في النهاية يمكننا القول أن هذا هو السبب وراء تواجد عدد قليل للغاية من القادة العظماء.
و يمكن لكثير من الناس أن يصبحوا قادةً متوسطي المستوى، بل وحتى جيدي المستوي. غير أنَّ أولئك الذين يشبهون (ليوناردو دافنشي Leonardo DaVinci )، و اللاعبون العظماء، قليلون للغاية ويفصل بينهم الكثير من الزمن.
والسبب في ذلك هو أنَّ تعلُّم الكيفية التي تغدو بها رائعاً حقاً في مجالٍ ما؛ هو أمرٌ يتعلق فقط بالانضباط والتجريب ومقدار الوقت المُستثمر في السعي.
بيد أنَّه لتتعلم كيف تكون مؤثراً، وتكتشف أسلوبك الفريد؛ يتوجب عليك القيام بكل هذه التجارب والمحاولات، ثم و في مرحلةٍ ما، تتجاهل القواعد وتسير وفقاً لطريقتك الخاصة.
إلا أن فقط قلةٌ قليلة من الناس على استعدادٍ للقيام بذلك.
و لنا أن نتساءل : لماذا؟
ذلك لأن الأمر مخيف. وسيتم انتقادك بسببه. والناس لا يحبون ذلك. وسوف يستفسرون عن ذلك. وسيرتابون بك – وربما ستشك حتى أنت في نفسك.
غير أن هذا هو الثمن الذي يتطلبه حتى تكون مؤثراً. كما ينبغي عليك لأقصى درجة أن تتبع طريقتك الخاصة.