خاطبوا أطفالي وأخبروهم بما يجب عليهم فعله، فلا بأس فعلاً بذلك.. فالأطفال يحتاج إلى أن يفشلوا في بعض الأحيان.
يروى أن طفلاً كان يركض عند مسبح الحين وفي ذلك اليوم طلب منه حارس بركة السباحة أن يسير و ألا يركض اقتداءً بما يفعل بقية الحاضرين، منذ أن بدأوا بالقدوم إلى بركة السباحة.
وبعد ذلك جاء والد الصبي وهو رجل بنية ضخمة وتبدو على ملامحه الجدية و اتجه إلى حارس المسبح وأبلغه أنه بصفته والد الطفل فهو الوحيد الذي ينبغي إخبار ابنه بما يجب عليه فعله، وإذا كان للحارس ما يقوله للصبي فيجب توجيهه إلى الوالد وليس إلى الطفل، وعندها سوف يقرر ما إذا كان ابنه بحاجة إلى التوجيه أم لا.
كنت قد أردت أن لا أولي اهتماماً لما قاله الأب، و لكن الحارس حافظ على هدوئه وأجاب بحذر أن وظيفته هي التأكد من أن الناس يتبعون قواعد بركة السباحة، وأن "عدم الركض" هي القاعدة الأساسية في برك السباحة و هنا قام والد الصبي بدفع حارس البركة ووقف أمامه مشيراً ببعض الحركات العدوانية لتخويفه.
فهو لم ير أي خطأ في ما كان يفعله طفله (الأب) لذلك بقدر ما كان يشعر الحارس بالقلق ما كان عليه إلا أن يتراجع. وهنا كان الطفل يركض بحرية حول بركة السباحة لأن أباه سمح له بذلك، ضارباً بعرض الحائط قواعد برك السباحة. هذه أمريكا! لا أحد يخبر طفلي بما يجب فعله إلا أنا.
حسناً..
هناك خوف غريب ينتشر بين البالغين
ففي يوم ما ، زار بعض الأصدقاء منزل عائلة أختي وهناك قدمت أحد النساء (البالغات) لطفل من أطفال أختي بعض التوجيه المهذب حول التعاون أو شيء من الأساسيات من هذا القبيل.
وكما نعلم فإن الناس يوجهون الأطفال في بعض السلوكيات، ولكن أدركت هذه المرأة (الناصحة) الخطأ الجسيم الذي ارتكبه واعتذرت لأختي عن تجاوزها المخجل.
وعندها قالت أختي:" هل تمزحين؟
أرغب -وبالتأكيد- أن تنصحي أطفالي إذا كانوا يفعلون شيئاً لا تعتقدين أنه ينبغي عليهم فعله! وفي الواقع اسمح لك بأن تفعلي وتقولي أكثر من ذلك ! إنهم بحاجة إلى أن يتعلموا سماع أشياء من أشخاص آخرين غيري".
فإذا كنتُ الشخص الوحيد الذي يمكنه إخبار أطفالي بما يجب فعله فأكون حينها قد فشلت في إعطائهم توقعات غير واقعية تماماً فيما يتعلق بالعالم، وأيضاً لن أكون مطمئنة عند رحيلي، لأن أطفالي لن يكونوا قادرين على رعاية أنفسهم. ووفقاً لمنطق الأب صاحب البنية الضخمة في بركة السباحة فإنه لا يمكن لحارس بركة السباحة أن يقوم بعمله بشكل صحيح (لحماية الناس من الغرق) وكذلك المعلم لن يقوم بمهنته بالصورة الصحيحة أيضاً ولا المدربين ولا المديرين أو غيرهم من الموظفين.
و بالتأكيد يمكنك أن تدرك مؤدى ذلك، أليس كذلك؟
أطلقت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً على هذا الأسلوب اسم "إزالة العقبات والصعوبات من طريق تربية الأبناء" snowplow parenting– فالآباء الأثرياء غالباً ما يشبهون
"الآلات التي تتقدم إلى الأمام ويزيلون أي عقبات في طريق أطفالهم من أجل أن يحققوا النجاح لذلك لن يتوجب عليهم أن يواجهوا الفشل أو الإحباط أو الفرص الضائعة".
و نعلم جميعاً تلك الأم التي تلازم المدرسة و تقوم بالتصعيد للتأكد من حصول طفلها على الدرجة "أ" المتميزة، او اختياره لمجلس الطلاب أو حصوله على مكان في برنامج المنح.
كنت أحاول تجنب أن أكون مثل تلك الأم، التي فشل ابنها (زميل ابني في المدرسة المتوسطة ) في أحد الأيام في تسليم مشروعه الأخير في الوقت المحدد، حتى بالرغم من العديد من التذكيرات بتسليمه في الموعد النهائي. وقد جاءت أمه إلى منزلي ولم تغادر حتى تحدثت معها لمدة ساعة تقريباً عن الظلم.
وقد كانت تشعر بالحزن تجاه خيبة أمل ابنها الذي يجب أن يشعر بنفس مشاعرها بسبب فشله، وأرادت معالجة ذلك بطريقة أو بأخرى أو محاولة إقناع المعلم بالتراجع عن قراره (الذي كان عادلاً تماماً).
هنا -أنا- لا أقصد التفاخر، و لكن ابني الآخر الذي يدرس في المدرسة الثانوية فشل في بعض الأشياء. و لم يكن أي منها ذو شأن عظيم ولكن لا يزال هناك الوقت الكافي للتصحيح. إذ إنني أخبرته مؤخراً أن مهمتي هي تركه يفشل، طالما لا يزال يعيش معي في المنزل معي لأنه بحاجة لأن يتعلم كيف يفقد صوابه، ومن ثم يجمع شتات نفسه و يستمر للأمام. ومن خلال تجاربي المهمة، فقد كانت هذه من أهم المهارات الحياتية.
حيث أنني سأشعر بالاستياء الكبير إذا انهار أحد أبنائي في فصله الأول في الكلية عندما لا يأتي بالنتيجة المرغوبة في امتحاناته.
و هنا أقدم للأشخاص الذين يعرفون أطفالي هذه الملاحظة المفتوحة:
تقدموا تجاه أطفالي وأخبروهم بما يجب عليهم فعله. لا بأس فعلاً بذلك..
قولوا لهم ألا يضعوا أقدامهم أمامكم على الطاولة..
واطلبوا منهم التوقف عن الركض أو اللعب بالسكين أو عدم لمس الأشياء الخاصة بكم...
واطلبوا منهم ألا يأكلوا جميع رقائق البطاطس خاصتكم...
وأن لا يتناولوا هذا الشراب على سجاداتكم النظيفة..
وأياً كانت القواعد التي تحددها في بيتك، أخبر طفلي أن يتبعها ويسير عليها، إذ لدي دافع أناني من وراء كل ذلك.