القلق
كيف تعالج القلق عندما تسافر

 إذا حدث و قررت الذهاب في رحلة ما فستلاحظ حتماً تفاقماً  لأعراض القلق عندك. من أجل ذلك فإن الاستراتيجيات التي سنتناولها في هذا المقال يمكن أن تساعدك على تجاوزها.

عندما صعدت ميشيان إستيز كروز MechiAnn aísEstévez Cruz على متن طائرة لتغادر موطنها في كاباريتي ، وهي بلدة صغيرة في جمهورية الدومينيكان، حيث تدير هناك مدرسة للغة الإسبانية، بدأت على الفور بتخيل حصول "كارثة" في رحلتها.

وكردة فعل  تخيلت ميشان كل الأشياء المختلفة التي من الممكن أن تسوء بدءاً من انفجار إطار السيارة وهي في طريقها إلى المطار وصولاً إلى طائر يطير باتجاه محرك الطائرة مؤدياً إلى سقوط الطائرة .

 لقد كانت إستيز كروز ، و التي كانت قد شهدت أحداث أيلول/سبتمبر 9/11 في نيويورك  وعانت من اضطراب ما بعد الصدمة والقلق العام تعرف أن الفرصة الفعلية لوقوع حادث تحطم الطائرة هي  احتمال ضئيل. ومع ذلك فهي تقول أن أسوأ حالات السيناريو هذا لا تمنعها من إشغال تفكيرها.

ووفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية ، فإن ما يقدر بحوالي 31% من البالغين في الولايات المتحدة سيعانون من اضطراب القلق في مرحلة ما من حياتهم. و يمكن أن يؤدي السفر بالنسبة للكثيرين منهم إلى تفاقم هذا القلق ، وهي ظاهرة مختلفة وغالباً ما تكون أشد من مجرد كونك مسافراً منفعلًا.

حيث تعد حداثة السفر -  وهي القدرة على رؤية أشياء جديدة وتجربة أطعمة أيضاً جديدة، والتخلص من الروتين القديم المتعب - أحد أكبر السحوبات، ولكن ترك محيطنا المألوف وجداوله الزمنية وراءنا يمكن أن يكون ذلك حافزاً.

وتقول العالمة النفسية السريرية كولين رايخمان Colleen Reichmann، الحاصلة على الرخصة في فيلادلفيا : "إن الشعور بالشك هو على الأرجح الجزء الأكبر المثير للقلق من السفر حتى لو لم ندرك حقاً حدوث ذلك، فربما يكون الأمر عبارة عن مجرد عودة إلى هناك في العقل الباطن في مكان ما  لكنه ( الشعور بالشك) ما زال يحدث".

و بالرغم أنه من الطبيعي أن يزداد شعورك بالقلق أثناء رحلاتك،  إلا أن رايخمان تشيرإلى أنه ليس من الضروري أن يفسد ذلك رحلتك.

و يمكن أن يساعدك الاختصاصي في التوصل إلى طريقة شخصية للتعامل مع ذلك . ومن أجل ذلك ، سنتناول هنا بعض الاستراتيجيات العامة التي يمكنك استخدامها لإدارة القلق أثناء خروجك من المنزل:

1- معرفة أي نوعٍ من الرحلات يناسبك

تقول رايخمان  : " إن فهم وتوقع الطرق التي يمكن أن يتم من خلالها السفر قد يساعدك. وبالنسبة إلي، فهي تعتبر أن ذلك الأمر يتضمن أن تكون صادقاً مع نفسك حول ما تستطيع التعامل معه.

وعلى سبيل المثال ، قد يكون الشخص الذي لا يشعر بالقلق حول الطيران سعيدًاً جداً بالفرار في عطلة نهاية الأسبوع. " و لكن بالنسبة لرايخمان  فإن الرحلة القصيرة ليست ممتعة للغاية بعد أن هبطت إلى وجهتها.

فهي كما تقول :" إن راحة الوصول بأمان ستفسح المجال بسرعة للهلع و الفزع بسبب الاضطرار إلى العودة إلى الوطن".

ومن الصعب جداً بالنسبة لي أن أصعد الطائرة ثم أرجع بعد ثلاثة أيام ، وهذا شيء لا أستطيع فعله. حيث أنني عندما أحجز التذاكر أترك فترة مناسبة بين لحظة وصولي ومغادرتي حتى يتسنى لي الوقت لأستريح وأستمتع قبل أن يسيطر علي التوتر مرة أخرى في رحلة العودة.

 لذلك ، إذا كنت مسافراً للعمل أو لأي التزام آخر بدلاً من المتعة فقط ، فلديك حرية أقل في تحديد جدولك الزمني ، لكن إدراك محفزاتك و دوافعك سيساعدك ضمن معايير الرحلة.

وعلى سبيل المثال  ، إذا كنت ستسافر إلى مؤتمر لمدة يومين فقد قم بالتفكير بالسفر قبل يوم واحد من تاريخ سفرك للتعرف على المحيط والأوضاع قبل أن تبدأ في أمور العمل.

2- تحديد التفاصيل :

إن شراء تذكرة  سفر في اللحظة الأخيرة ووضع بعض الأغراض في حقيبة السفر قد يكون فكرة رومانسية بالنسبة لبعض المسافرين، ولكن لا حاجة لأن تدعي بأن تكون شخصاً آخر .

تقول الاستراتيجية الإبداعية كاتكا لابيلوسوفا KatkaLapelosová ، و التي تعمل في نيويورك و تعاني من الاكتئاب والقلق السريري: "  إنني أحب التخطيط ، من أجل ذلك ينبغي أن يكون لدي خطة وإلا فأنني سأشعر بأنني أضيع وقتي وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لي".

وتقول لابيلوسوفا: " إن وجود مؤشر قوي على جميع التفاصيل ذات الصلة يساعدها على التزام الهدوء. وعلى سبيل المثال ، تذكر لنا كم  كان العثور على مكان لتناول الطعام مصدراً للتوتر لها في الرحلات السابقة".

وكانت غالباً ما تسافر بمفردها وتقدر المطاعم التي يوجد فيها مقاعد للجلوس أو الطاولات العامة حيث ستشعر بالراحة في تناول الطعام بمفردها. إلا أن خططها التي يتم عادة ما يتم إعدادها بعناية  بعد إجرائها لأبحاث مهمة على جوجل يتم إهمالها بسبب الظروف غير المتوقعة أحياناً.

وتذكرت في زيارتها إلى مدينة براغ Prague بأنها صرفت من المطعم لأنهم لم يكن هناك مكان لتتناول فيه وجبتها وتقول: " وكأن المطعم كان قد أغلق للتو وأعتقد أنني لن أتناول طعاماً اليوم".

أما الآن ، و عندما تخطط لابيلوسوفا لرحلة ما ، فإنها تقوم  بفتح خريطة جوجل لتحديد خيارات المطاعم التي بحثت عنها مسبقاً بإسقاط رمز الدبوس في تلك المنطقة . وتقول: "بهذه الطريقة إذا كنت في منطقة معينة، فيمكنني سحب رمز الدبوس وعندها سأعرف أن هناك مطعماً موصى به في تلك المنطقة".

3- استعن بتقنيات إدارة القلق المجربة والحقيقية

تقترح رايخمان و قبل مغادرة المنزل إعادة النظر في أي أساليب من الممكن لها أن تساعدك في إدارة القلق في الماضي.  حيث يمكن أن تشمل هذه الأساليب :  

  • تمارين التنفس أو الاسترخاء التدريجي للعضلات 
  • أو تدوين ملحوظة  أو تميمة على ورقة مثل "أنا في أمان" ويمكنك حملها معك عند خروجك لتقرأها أكثر من مرة كلما احتجت إليها.

وعليك أن تلتزم بالاستراتيجية التي ناسبتك واقض بعض الوقت في ممارسة هذه الأساليب عندما تشعر بالهدوء. و هنا تقول رايخمان: " بهذه الطريقة عندما يظهر قلقك أثناء الرحلة فإن تنفيذ إستراتيجية تم اختبارها عبر الزمن ستعمل مثل "ذاكرة عضلية لعقلك".

 التزم بالاستراتيجية التي ناسبتك، واقضِ بعض الوقت في ممارسة هذه الأساليب عندما تشعر بالهدوء.

وكذلك تقترح رايخمان أنه و في حال  واجهتك نوبات من الذعر أو القلق ، و بلغت ذروتها بسرعة كبيرة ، فعندها ينبغي وضع ما يسمى بخطة "المواجهة": و هي عبارة عن كتاب لعب فردي تمشي معه خطوة خطوة، وإنه من المفيد تدوين ذلك مسبقًاً وأن يبقى الكتاب معك لأنه أثناء نوبة القلق يصعب عليك الوصول إلى جزء عقلك المسؤول عن الأداء التنفيذي.

وعلى سبيل المثال ، إذا شعرت بالذعر لدى صعودك للطائرة  ، فقد تكون الخطوة الأولى من خطة "مواجهة المستقبل" هي فتح تطبيق (التأمل) على هاتفك.

كما  من الممكن أن تكون الخطوة التالية هي ممارسة التنفس العميق ثم النظر في الملحوظة أو التميمة  التي كتبتها يليها التواصل مع شخص تثق به يدعمك ويعرف كيف يساعد على تهدئتك (ومن يدري ربما يكون على أتم الاستعداد لمساعدتك).

4- أخبر أي شخص عن قلقك

يمكن أن تكون طبيعة المجموعات (مجموعة من العمليات السلوكية والنفسية التي تحدث داخل مجموعة اجتماعية أو بين مجموعات) محفوفة بالمخاطر بشكل خاص عندما تشعر بالقلق.

و قد يكون أفضل صديق لك هو الشخص الذي يستمتع بالوصول إلى المطار في آخر لحظة ممكنة، بينما تفضل قضاء ساعات ما قبل الرحلة جالساً بسلام بجوار البوابة الخاصة بك وأنت تقرأ مجلة ما .

وفي حين قد تشعر أختك بالراحة عندما تتكيف مع الظروف وتبقى صامدة عندما تلغى أي رحلة ، فإن أي انحراف عن الخطة  يمكن أن يؤدي إلى زيادة قلقك.

وتقترح رايخمان عندما تكون مسافراً مع مجموعة ما ، بأنه عليك التمسك بشخص معين يعينك على القلق التي تعاني منه وغيرها من المواقف التي يمكن أن تثيرك.

إذ لا ينبغي عليك إخبار الجميع في الرحلة عن قلقك ، ولكن مشاركة هذه التفاصيل يمكن أن تساعدك في تحديد الشخص الذي يمكن أن تصبح عليه.

كما عليك أن تسمح فقط لشخص معين أن يتدخل في الحالة التي تواجهها ، وتخبره بأن هذا هو ما تواجهه وهذا ما يبدو عليه عندما تواجهه، وتعبيرك له هذا سيكون مفيداً في ذلك الوقت، فعند تعرضك لمحيط يكون كل شيء فيه جديداً بالنسبة لك فإن وجود شخص إلى جانبك يقدم لك الدعم يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن