إن الحياة عبارة عن لعبة غميضة مستمرة، مع الحقيقة.
ومن الصعب للغاية العيش في عالم صادق تماماً، عالم بدون مبررات و أكاذيب بيضاء وأنصاف حقائق، أي ببساطة لن يمكننا العيش في مثل ذلك العالم لأنه سيكون مؤلماً للغاية، و لن يتمكن أحد أن يتفق مع الآخر كما أن معظمهم لن يكون قادراً على التعامل مع حياته.
من أجل ذلك كله ، فإنني أريد اليوم أن أتحدث عن الأكاذيب التي نخبر بها أنفسنا و التي تبعدنا الحقيقة .
وفي كتابي، أود أن أشير إلى أن "قناع التبرير" “mask of rationalization” هو ما يعمينا عن الوصول لمستقبل أفضل. إنه يعمينا عن مستقبل أفضل لأن المستقبل الأفضل يتطلب عدم الراحة.
و بغض النظر عن تعريفك للنجاح فإن ذلك لن يتحقق لك حتى تكون صادقاً مع نفسك، و لن تكون صادقاً مع نفسك مئة بالمئة من الوقت لأن الوضع سيكون مؤلماً للغاية. ولكن إذا ما وجدت ما يكفي من لمحات من الصدق في العمل، فستقترب أكثر مما تبحث عنه.
و غالباً ما يدور هذا الحوار الصعب في أذهان الأشخاص الذين "يكونون صادقين مع أنفسهم" ويكشفون التبريرات والأكاذيب وأنصاف الحقائق التي يروونها لأنفسهم.
وكما قلت من قبل ، فإنني لا أعرف ماذا يعني المستقبل الأفضل بالنسبة لك، ولكن إذا كنت تشعر بأنك عالق الآن في مكان ما ، فإن رهاني الأفضل هو أنك تتجنب الحقيقة بأي شكل أو صورة.
إذ أنك لم تتفحص حياتك و تختبرها ولم تجري تلك المحادثة الصعبة . كما أنك لم تقف و بشكل مباشر عند مفترق الطرق (في مواجهة الحقيقة)، بل إنك و بدلاً من ذلك فإنك تتظاهر كأن هذه المحادثة غير موجودة.
و فيما يلي بعض الأكاذيب الشائعة التي نخبر بها أنفسنا، و ذلك بغية أن نشعر بتحسن في الوقت الحاضر، و ذلك عندما نقوم بالتضحية بمستقبلنا .
1- أحتاج إلى "إكس X" لأشعر بـ " واي Y".
من الصعب التصديق هذه الحقيقة بأن لديك بالفعل كل ما تحتاجه لتكون سعيداً، إذ أنه من السهل الوقوع في فخ التفكير في أن الإنجاز أو الهدف التالي، سيجعلك تشعر بتحسنٍ ، بل على العكس لن يشعرك بذلك.
لقد اعتقدت عندما كتبت كتابي الأول بأنني سأكون راضياً إلى الأبد ، و ذلك لأنني استبعدته أخيراً من قائمة أهدافي bucket list التي رغبت في تحقيقها، و قد استمر شعوري بالنشوة euphoria مدة ساعة كاملة.
بعد ذلك بدأت أشعر بالقلق بشأن عدد النسخ التي سأبيعها. و كلما نجحت أكثر كلما شعرت بالكمال أقل، ولهذا السبب فإنني أُذكِّر نفسي باستمرار بما أنا عليه الآن ، كما أن كل ما أفعله في هذه اللحظة هو كل ما يمكنني التمسك به.
وعندما أقوم بخلق مصدرٍ للفرح بدلاً من الحاجة ، فإن عملي سيكون جيداً. أما عندما أقوم في كل مرةٍ بترويج عملي ليكون "شعبياً" فإنني أفشل في ذلك.
لذلك، و في كل مرة أتذكر أنني أكتب لأنني أحب الكتابة فإنني أقوم بالكتابة فقط. إذ من غير المهم ما سيحدث بعد ذلك طالما قمت بوضع كلماتي على الصفحة لهذا اليوم.
و بذلك ، فإن النجاح يحدث كمنتج ثانوي:
- لشعورك بالرضا عما تقوم به
- ولاستمتاعك بما تؤديه
ولن يحدث أبداً في الاتجاه المعاكس . و هذا واحد من مفارقات الحياة العظيمة.
وعندما يتعلق الأمر بحياتك ، فربما تعتقد أنه يحتاج إلى إصلاح. و تعتقد أن هناك شيئاً ما خارجك يجب أن يحدث ليجعلك تشعر بشيءٍ ما . وحتى لو حدث بهذه الطريقة بالضبط فلا يزال التغيير يحدث بداخلك.
و لقد كنت قد قمت بكتابة كتاب يتحدث عن التغيير من الداخل إلى الخارج. و بالتأكيد ، فإن هناك أجزاءاً تتعلق بالإجراءات التي يمكنك اتخاذها ، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر، فإن التغيير يحدث عندما تقوم بتغيير الطريقة التي تنظر بها إلى نفسك وما أنت بحاجة إليه لتكون سعيداً ، والذي هو في نهاية الأمر لا شيء ... إلا... موافقتك أنت permission.
2- العالم مدين لي بشيء ما
عندما تسأل عن سبب استحقاقك لشيء ما ، فمن الصعب أحياناً التوصل إلى إجابات رائعة.
فأنت تعتقد أنك تستحق النجاح والثروة -
لماذا ؟
ماذا فعلت لتبرر كلاهما؟
منذ متى وأنت تعمل من أجل تحقيقهما؟
هل عملت من أجل ذلك؟
أنت تعتقد أنك تستحق علاقات رائعة –
لماذا ؟
ما مدى حسن تعاملك مع الناس؟
إلى أي مدى كنت تعمل على نفسك بدلاً من تمنيات الناس بما يتناسب مع تعريفك للشخص الجيد؟
إننا جميعاً مستقلون ذاتياً أنانيون ، فنحن نريد النجاح والسعادة والمال والحرية والحب والصحة الرائعة - نريد كل ذلك . إن رغبتنا في الحصول على جميع ما سبق ليست أمراً سيئاً ، بل إنه أمر لا مفر منه. إلا أن التفكير بأن جميع هذه الأمور تدين لك بشيء سيتسبب في بؤسك في حال عدم حصولك عليها.
وبالتأكيد أنت تعرف أنك لن تتوقع تحقيق عوائد في سوق الأسهم دون الاستثمار أولاً ، أليس كذلك؟
لذلك ، لماذا تتوقع عائداً كبيراً على رغباتك دون أن تقوم باستثمار كبير؟ . ذلك لأنك إنسان -غير كامل ومتفائل و مليء بالعيوب إلى الأبد .
و ها أنذا أقول لك : لقد توقفت عن محاولة محاربة عيوبي و كوني إنسان ، و عوضاً عن ذلك ، فإنني أحاول أن أكون أكثر وعياً بعيوبي.
وعندما لا يتحقق النجاح الذي أريده فإنني أسأل نفسي :
- هل فعلت كل ما بوسعي؟
- هل سلكت الطرق المختصرة ؟
- هل علي أن أكون صبوراً وأن أسمح للأمور أن تتطور ؟
لقد كان هذا الوعي يعمل على وضع حدود لي وتهدئتي - لمدة خمس ثوانٍ أو دقيقة أو ساعة أو يوم واحد -ومن ثم أعود من جديد إلى حلقة القلق.
حسناً ،من المهم بمكان أن أشير إلى الفكرة الهامة و هي أنني لا أحاول علاج نفسي ، وإنما أحاول أن أفهم نفسي، إذ أن التغييرهو عملية وعي ذاتي.
فإذا كنت ترغب في زيادة وعيك، في الحقيقة، ما عليك إلا أن تفكر فيما إذا كنت تستحق حقاً ما تظن أنه مدين لك أم لا.
3- لا يوجد شيء يمكنني القيام به
في الأمس قابلتني سيدة . و أخبرتني أنها كانت تتساءل عما إذا كان التغيير لا يزال ممكناً في حياتها في عمر 49 سنة. و قد كان سؤالها مشروعاً.
فعندما تعيش بطريقة معينة لفترة طويلة من الزمن، عندها سيكون لديك أكوام مكدسة من الأدلة تجاه قضيتك في التغيير.
وعندما يتم إخبارك مراراً وتكراراً بطرق خفية بأن هناك سقفاً لما يمكنك القيام به ، فمن الصعب عندئذ أن تصدق بأنك تستطيع فعل المزيد.
كما أني لا أعرف ما الذي حدث لك ، أو إلى أين أنت تتجه .و لكنني أعرف بالضبط هذا .
أعرف أنه لا ينبغي لماضيك أن يملي أوامره و ظروفه على مستقبلك.
لقد أمضيت السنوات الخمس الأولى في العشرينات من عمري، في الوقوع في المشاكل، وكنت قد أخفقت في تحصيلي العلمي بشكلٍ كبيرٍ جداً. ثم قضيت السنوات الخمس الماضية أعيش حلمي في أن أصبح كاتباً ، وأن أجد الاستقرار والاستقامة وأن أعمل بجدٍ أكثر مما اعتقدت أنه كان ممكناً بالنسبة لي في حياتي .
و لابد لي أن أقول و أنا أنقل لكم تجربتي بأن لحظة الحضيض هي حقيقية جداً و ربما تكون الحقيقة الابتدائية، و لقد كان لدي الكثير منها في حياتي . و قد تسأم من العيش بطريقة معينة و من التغير، إلا أنه من الممكن أن تفعل شيئاً حيال موقفك هذا . وفي الواقع ، فإن أحدكم سيفعل ذلك .
وإذا كان واحد بالمائة من الناس " ناجح " حقاً ، فإن الاحتمالات ستكون على الأقل، أن هناك شخصاً واحداً يقرأ هذا و سيقرر ، "أتعرف ماذا ، أنا مستعد، لا أستطيع أن أعيش على هذا الحال بعد الآن . "
هل هذا أنت؟ أتمنى أن تكون أنت ...
مع كل الحب ................