إن عملية التوظيف بالطريقة التي يكون فيها المرشحين مجهولي الهوية تهدف إلى القضاء على التحيز في عملية التوظيف
..
إن الحاجة إلى التنوع في التكنولوجيا ليست مجرد مسألة متعلقة بالجمال ؛ بل إنها مسألة تتعلق بحاجة التكنولوجيا لتعكس مستخدميها أكثر من حاجتها لتعكس الفرق أو المجموعات التي قامت بتصميمها فقط . وإن فشل المنظمات في ضمان قيامها بتعزيز التنوع في القوى العاملة لديها قد يؤدي إلى منتجات غير جاذبة او مرغوب فيها، أو لا يمكن استخدامها من جانب جزء كبير من الجمهور.
و لذلك فإن تنوع وجهات النظر يساعد في وجود إجراء وقائي ضد الأخطاء المكلفة والمحرجة. و تشمل بعض الأخطاء الشائعة في السنوات الأخيرة والتي كانت نتيجة مباشرة لعدم وجود التنوع ما يلي :
بعض الأمثلة
- في عام 2015 ، أصدرت شركة غوغل Google ميزة التعرف على الوجه ، والتي أخطأت في التعرف على بعض الوجوه السوداء بشكل محرج ، بل وقامت بتصنيفها على أنها وجوه تعود لحيوان الغوريلا. وفي نهاية عام 2016 ، اضطرت جوجل Google إلى إجراء تغييرات على الأدوات المتعلقة بالخوارزمية التي قدمت اقتراحات بشأن المسائل المرتبطة بمعاداة السامية والعنصرية والجنسية من خلال وظيفة الإكمال التلقائي.
- في أبريل 2016 ، أصدرت شركة سناب تشات Snapchat فلتر بوب مارلي الخاص بالصور Bob Marley photo filter الذي ساوى بشكل واضح كل أشكال الوجوه السوداء blackface . وبعد أشهر فقط ، أصدرت فلترًا آخر باسم "أنيمي" anime ، و الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يروج للقوالب النمطية العرقية للشعب الآسيوي ويُفسرعلى أنه (الوجه الآسيوي) شكل من أشكال اللون الأصفر yellowface. و شهدت العنصرية المتكررة على شركة سناب تشات وهي تسقط في هوة الجانب الخاطئ من العدسة العرقية ، كما لفتت الانتقادات و الاهتمام الكبير إلى حقيقة أن سناب تشات (على عكس كل الشبكات الاجتماعية الرئيسية الأخرى تقريبًا) قد فشلت في نشر و إظهار إحصاءات التنوع الخاصة بها.
- عندما أصدرت شركة آبل Apple تطبيق HealthKit الخاص بها في عام 2014 ، فقد نجحت من خلاله بإطلاق الكثير من الميزات ، بما في ذلك القدرة على تسجيل ضغط الدم ، وخطوات المشي ، والسعرات الحرارية ،و الكمية المتناولة من الصوديوم ، ومعدل التنفس وحتى مستوى الكحول في الدم . ومع ذلك ، فقد أهملت الشركة دمج القدرة على تتبع دورة الطمث menstrual cycle لدى المستخدمين.
و هناك العديد من الناس على معرفة و إطلاع كبير فيما يخص أبحاث الشخصيات الاقتصادية من أمثال كلوديا جولدين Claudia Goldin وسيسيليا روس Cecilia Rouse المتعلقة بعروض الحفلات الخاصة بالأوركسترا. ففي سبعينيات القرن الماضي ، كان أعضاء الأوركسترا من الذكور يبلغون حوالي 95%، وكانت عملية الاختبار الشائعة الاستخدام تتطلب من الموسيقيين الأداء أمام لجنة تحكيم معينة. ومع ذلك ، فإن التحرك نحو الاختبارات المجهولة - والتي تسمى أحيانًا الاختبارات "العمياء" - شهدت ارتفاعاً واضحاً في نسبة النساء في الأوركسترا بحوالي 25% . والاختبار المجهول يعني أن الهيئة التحكيم يمكنها فقط الحكم على المرشحين من حيث جودة أدائهم ؛ حيث لا وجود لأي مجال للتحيز القائم على الجنس ( ذكر-أنثى) أو أي اعتبارات أخرى.
و هنا نصل إلى نقطة مهمة وهي أنالمنظمات بحاجة للبدء في معالجة التحيز نفسه
.
إن عملية التوظيف بالطريقة التي يكون فيها المرشحين مجهولي الهوية تهدف إلى القضاء على التحيز في عملية التوظيف ، ولكن هل يمكنها أن تمنع التمييز؟ . وربما من الممكن أن تزيل هذه العملية التحيز اللاشعوري من عملية الاختيار الأولية ، و لكن يبقى التفاعل وجهاً لوجه أمر حتمي لا مفر منه في مرحلة ما. حيث تخدم ممارسات التوظيف المجهولة النموذجية فقط في تغطية التحيز في المقام الأول ؛ وإن عملية المقابلة التقليدية التي تتبع عادةً تعني أن القرارات التي ستتخذ في النهاية تعتمد على بعض جوانب التفاعل الإنساني ، والتي يمكن أن تتضمن تحيزات المشاركين في هذه العملية.
وحتى إذا كان التوظيف الذي يتم بشكل مجهول يمكنه القضاء على جميع التحيزات اللاواعية (أو المتعمدة) في عملية التوظيف ، فإنه يؤدي وبشكل طفيف إلى إزالة التحيزات نفسها الموجودة في مكان العمل. و قد فشلت المقاييس المعدلة على مستوى التوظيف في معالجة ثقافة مكان العمل وانحيازاتها التي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل استبقاء الموظفين والتي تساهم بشكل كبير في قلة التنوع . فهل يمكن بالفعل اعتبار توظيف المرشحين دون الكشف عن هويتهم حلاً للمشكلة ، أم أنه مجرد إرجاء وتأجيل للتمييز والتفكير المتحيز، ودفعه للأمام على طول الطريق؟
التوظيف المجهول يساعد على جلب المزيد من النساء إلى التكنولوجيا
و يبدو أن الأبحاث تشير إلى أنه في حين أن طرق معينة مثل التوظيف المجهول قد تساعد على جلب المزيد من النساء إلى التكنولوجيا، إلا أن التحيز غالباً ما يمنع تقدم وتطور هؤلاء النساء. وفي عام 2014 ، أجرت كيران سنايدر Kieran Snyder دراسة عن عروض الأداء من الرجال والنساء العاملين في صناعة التكنولوجيا. وقد وجدت سنايدر Snyderأن النساء كن أكثر عرضة لتلقي ردود الفعل النقدية من الرجال، كما كانت النساء أكثر عرضة لتلقي ردود الفعل على أساس السمات الشخصية التي كثيرا ما كانت مؤطرة بشكل سلبي . فعلى سبيل المثال ،اعتبر أن الرجال يتصرفون ب"ثقة" أو "حزم" ، في حين أن المرأة التي أظهرت التصرفات و السلوكيات ذاتها تم اعتبارها " فظة و قاسية ". وتضمنت الكلمات الشائعة المستخدمة في المراجعات و وجهات النظر النقدية للمرأة كلمات مثل : "متسلطة أو نزاعة للسيطرة " ، "عدوانية" ، "عاطفية ،" "و" غير عقلانية أو منطقية ".
وربما كان من أكثر ما يثير القلق من الأشياء التي كشفها بحث سنايدر Snyderهو أن جنس المدير gender of the manager( كونه ذكر أو أنثى ) الذي قدم المراجعة لم يكن عاملاً محددًا : إذ كان من المرجح أن تستخدم المديرات تلك الصفات (التي سبق ذكرها) لوصف نساء أخريات تماماً كما فعل المديرون الذكور.
و تؤكد أبحاث جامعة ستانفورد
Stanford Universityكذلك على تأثير الحواجز التي تعترض أو تحول دون تحقيق التقدم من خلال التحيز والقوالب النمطية الجنسانية (ذكر -أنثى) . وقد اكتشف بحثهم أن المديرين أدركوا أن أداء النساء يكون أفضل في كفاءات العمل المرتكزة على عمل الفريق أوالعمل الجماعي ، بينما كان ينظر إلى الرجال على أنهم أكثر استقلالية. ولقد كان تأثير هذه الافتراضات هو أن الرجال والنساء تم وضعهم على مسارات وظيفية متباينة ، مع تخصيص الرجال عمومًا لأدوار قيادية أكثر.
وإن إزالة معلومات التعريف من طلب التوظيف الأولي ( للمتقدم أو المرشح للوظيفة ) سيكون له فقط التأثير المرغوب على التنوع في مكان العمل إذا تم دمجه بالإضافة إلى التغييرات الأخرى . وتحتاج المنظمات إلى البدء في معالجة التحيز نفسه وجذور هذا التحيز من خلال تزويد جميع موظفيها - حتى أولئك الغيرمعنيين بعملية التوظيف - بالتدريب والبصيرة اللازمين للتعرف على التحيزات الخاصة بهم وتصحيحها بشكل مناسب.
و في النهاية ، فإن الحل من أجل تحقيق التنوع يتطلب أكثر من مجرد إنشاء نظام خالٍ من التحيز من أجل رفد و تزويد الشركة بالموظفين . و يجب على الشركات أيضًا أن تعمل على إزالة التحيزات من ثقافة مكان العمل وعمليات الترقية إذا كان عليها أن تحتفظ بالتنوع الضروري بين القوى العاملة لديها وأن ينعكس ذلك على جميع المستويات.
المصدر