يتحدث كاتب المقال عن العناكب بأمور مهمة للغاية، و لا نعلم عنها الكثير.
و على الرغم من أن أغلبنا قد لا يلاحظ القوى الخارقة ، إلا أننا و باستمرار محاطون بالحقول الكهربائية .
حيث تقوم الأرض بحمل شحنة سلبية طفيفة بينما يحمل الهواء شحنة إيجابية طفيفة أيضاً ، و كنتيجة لذلك يتمكن الهواء من حمل و نقل جسيمات مشحونة سلباً .
العناكب و الحقول الكهربائية :
بسبب وجود الحقول الكهرطيسية في الهواء تمكنت بعض أنواع العناكب من الاستفادة من ذلك التأثير ، و ذلك عبر السفر -مجاناً- متطفلة على الحقول الكهربائية باستخدام خيوطها الحريرية المشحونة سلباً فيما يشبه عوامة كهربائية طافية لتصل بذلك إلى ارتفاع ميلين و نصف في الهواء .
لقد اكتشفت عالمة الأحياء الحسية أيريكا مورلي Erica Morley أن العنكبوت من نوع إيريجون Erigone قادرٌ على استشعار الحقول الكهربائية التي تتواجد بشكل طبيعي في الغلاف الجوي للأرض .
حيث تستخدم هذه العناكب المعلومات لتوجيه الرحلات الجوية، و التي من الممكن أن تصل لمئات الأميال ، و ذلك من خلال تعلقها بخصلات الحرير التي تعمل كأشرعة في عملية أطلق عليها العلماء كدعابة الإسم الهزلي "التحليق كمنطاد" (ballooning) .
ليست العناكب وحدها من تمتلك هذه الميزة
تنضم العناكب بهذا الأمر إلى النحل باعتبارها المفصليات الوحيدة arthropods المعروفة بأنها قادرة على الكشف عن الحقول الكهربائية في الهواء . وقد تم إدراج وصف هذه النتائج في مجلة علم الأحياء الحالي Current Biology.
لقد وقع العلماء في حيرة بخصوص العناكب (المحلقة كمنطاد) منذ أوائل القرن التاسع عشر ، فقدموا اقتراحاً لتفسيرين معقولين لكيفية تحول المفصليات إلى التنقل الجوي .
و قد كان أحد هذه الإحتمالات المعقولة هو أن القوى الدافعة للرياح و التي كانت تهب على خيوط الحرير قادرة على حمل و نقل العناكب في الهواء .
أما الفكرة الأخرى و التي كانت تبدو أكثر سهولة و غرابة في آن معاً تفترض أن خيوط الحرير العنكبوتية مشحونة كهربائياً تقوم بحمل و نقل العناكب عبر الحقول الكهربائية الطبيعية في الغلاف الجوي .
و في هذا الخصوص تقول مورلي Morley الباحثة في الفيزياء الحيوية الحسية ، جامعة بريستول University of Bristol. : "لقد كانت تلك ذروة الكهرباء في أوائل القرن التاسع عشر ، كما كانت هذه الفكرة في مقدمة الأفكار التي تدور في أذهان الناس آنذاك ".
و مع ذلك ، يبدو أن التحليق الكهربائي للعناكب ظل يشكل قضية غامضة تقبع في عقول العلماء لفترة طويلة من الزمن .
حيث وجدت العديد من الدراسات في العقود القليلة الماضية بأنه من الممكن أن تحمل الرياح العناكب ، بينما بقيت فكرة الحقل الكهربائي كفرضية لم تختبر بعد.
و لكن التفسير المتعلق بالرياح ما زال يترك بعض الأسئلة التي لم يُجَب عليها بعد.
و في عام 2013 ، نشر الفيزيائي بيتر غورهام Peter Gorham حسابات أظهرت أن "عملية التحليق كمنطاد " Ballooning في الحقول الكهربائية للغلاف الجوي كان ممكناً من الناحية النظرية ،حيث بإمكان هذه الفرضية أن تكمل الجزء الناقص من الصورة .
و قد كانت هذه هي نفس فرضية مورلي Morley’s cue . و مورلي قد كانت تقوم بدراسة حول الكشف عن الحقل الكهربائي في حالة النحل، إضافة إلى التواصل عن طريق الإهتزاز عند العناكب، عندما وقعت عيناها على على بحث غورهام Gorham ،حيث أدركت بأنه في الحقيقة من الممكن أن نقوم بالتجارب التي من شأنها اختبار فيما إذا كانت ستستجيب للحقول الكهربائية .
بعض تفاصيل التجربة على العناكب
وضعت مورلي العناكب في صناديق خفضت فيها حركة الهواء و في الوقت ذاته حمتها من الحقول الكهربائية الطبيعية، حتى يتسنى لها التحكم بالحقول الكهربائية التي كانت العناكب تتعرض لها .
و عندما قامت بتوليد حقول كهربائية مشابهة لتلك الموجودة في الطبيعة، و التي كانت تصادفها العناكب و تتعرض لها في البرية ، رفعت العناكب القسم الخلفي من أجسادها للأعلى في حركة أدارت فيها خيوط الحرير في الهواء .
و يطلق على هذا السلوك، المشي على رؤوس الأصابع tiptoeing. و العناكب تقوم بهذا فقط عندما تكون على وشك أن تطلق البالون balloon''"، و هذا إيحاء قوي بأن العناكب تستخدم الحقول الكهربائية كوسيلة للقيام بالتحليق .
حواس العناكب :
لقد كان لدى مورلي فضول أيضاً حول كيفية اكتشاف العناكب للحقول الكهربائية .حيث كانت تعلم تماماً أن النحل الطنان bumblebees هو من عائلة الحشرات ذات الشعيرات الكثيفة التي تمكنها من الشعور بالحقول الكهربائية و بأن العناكب تستطيع أيضاً أن تشعر بحركة الهواء و الصوت -حيث أن وجود الكثير من الشعيرات الحسية لديها يبدو كهبة جيدة .
و بالفعل فقد اكتشفت مورلي بأن الشعيرات الحسية للعناكب تتحرك في استجابة للحقول المغناطيسية المتغيرة . و من المثير للإهتمام ، أن الطريقة التي تستجيب فيها الشعيرات الحسية (الخاصة بالعناكب) للحقول الكهربائية تختلف عن كيفية استجابتها لحركة الهواء .
حيث يوفر الهواء دفعاً ثابتاً و مستمراً ، و لكن الحقول الكهربائية تحرك الشعيرات فقط عند إلتقائهما معاً (أي إلتقاء الشعيرات بالنسيم ) - تعود الشعيرات إلى أوضاعها الأصلية حتى عند استمرار وجود الحقل الكهربائي .
وهذا يعني أن العناكب قادرة على التمييز و التفريق بين الرياح و الحقول الكهربائية .
و الآن و قد بات معلوماً لنا أن العناكب و النحل قادرة على الشعور بالحقول الكهربائية للغلاف الجوي للأرض ،فقد أصبح من الطبيعي أن نتساءل عن ماهية وجود مخلوقات أخرى من الممكن أن يكون باستطاعتها فعل الشيء نفسه .
تقول مورلي : " إذا كان هذان النوعان من الحشرات لديه القدرة على اكتشاف الحقول الكهربائية في الطبيعة ، فلربما تستطيع المزيد من اللافقاريات القيام بذلك أيضاً "
و في النهاية تضيف مورلي، " بطبيعة الحال ، فإننا سنضطر إلى انتظار المزيد من الإكتشافات لمعرفة ذلك " . كما أضافت مورلي : " إنه اكتشاف جديد للغاية – لدى اللافقاريات- و هو القدرة على اكتشاف الحقول الكهربائية " .
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي. كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
سر شبكات غذاء الأمازون عند العناكب