إليك كيفية فهم اندماج البشر و الروبوتات من خلال السنجلرتي أو التفرُّد. من الحواسيب الخارقة Supercomputers إلى الذكاء الفائق Superintelligence :
إليك تجربة تناسب جميع الأعمار: اقترب من والدك ووالدتك (إذا كانا نائمين ، فاحذر). و اسألهما بلطف عن ذلك الوقت قبل ولادتك ، وما إذا كانا يجرؤآن على التفكير في ذلك الوقت أنه و في يوم ما سيقوم الجميع بنشر صورهم ومشاركتها على شبكة اجتماعية تسمى فيسبوك "Facebook".
أو أنهم سيحصلون على إجابات لكل سؤال من كيان غامض يسمى غوغل "Google".
أو أنك كنت ستستمتع بخدمات مستشار رقمي يسمى "Waze" الذي يرشدك في كل مكان على الطريق. أما إذا قالوا لك بأنهم قد توصلوا إلى أن كل ما سبق سيحدث ، فأرجو أن تحيل هؤلاء الأشخاص إلي أو أن ترشدهم إلي .
فنحن دائماً في أمس الحاجة إلى مستقبليين futurists جيدين.
والحقيقة هي أن هناك قلة قليلة فقط اعتقدت ، في تلك الأيام الخوالي ، أن التقنيات مثل أجهزة الكمبيوتر العملاقة أو الشبكات اللاسلكية أو الذكاء الاصطناعي ستصل إلى عامة الناس في المستقبل.
حتى أولئك الذين توصلوا إلى أن هذه التقنيات ستصبح أرخص وأكثر انتشاراً ، وفشلوا في تخيل الاستخدامات التي سيتم استخدامها أو توظيفها في شتى المجالات ، و الكيفية التي ستغير بها المجتمع.
وها نحن اليوم نرى صورك العارية المنشورة على صفحتك في الفيسبوك إلى الحد الذي لا يسعني إلا أن أعبر فيه هنا عن امتناني و شكري مرة أخرى للتكنولوجيا.
سياقات التاريخ التي حضرت لمفهوم السنجلرتي
إننا و بإلقائنا نظرة سريعة على التاريخ ، يمكننا أن نرى أنه مليء بالحالات التي غيرت و ما تزال تغير فيها التكنولوجيا الجديدة والرائدة ، أو مجموعة من هذه التقنيات ، حياة الناس تماماً.
و غالباً ما يكون التغيير مثيراً لدرجة أن الأشخاص الذين عاشوا قبل القفزة التكنولوجية يجدون صعوبة بالغة في فهم كيف ستفكر الأجيال اللاحقة.
بالنسبة للناس قبل التغيير ، فقد يكون الجيل الجديد أيضاً غريباً في طريقة تفكيره و رؤيته للعالم.
و تسمى هذه الأنواع من التحولات الدرامية المثيرة في التفكير السنجلرتي "التفرُّد Singularity "- و هي عبارة مشتقة في الأصل من الرياضيات و تصف نقطة يتعذر علينا نحن فك تشفير خصائصها الدقيقة.
إنها المكان الذي تذهب فيه المعادلات إلى مرحلة من الجنون بشكل أساسي و لا تعود خاضعة لأي نوع من المنطقية أو المعنى .
و قد تصاعدت شهرة مفهوم " التفرُّد " أو السنجلرتي، في العقدين الماضيين إلى حد كبير بسبب اثنين من المفكرين .
أولهما العالم وكاتب الخيال العلمي فيرنور فينغ Vernor Vinge ، الذي كتب في عام 1993 أنه و -
"في غضون ثلاثين سنة ، سيكون لدينا الوسائل التكنولوجية لخلق ذكاء بشري خارق superhuman intelligence .و الذي على أثره و بعد فترة وجيزة منه ستضع نهاية لعصر الإنسان ".
أما نبي السنجلرتي أو التفرُّد البارز الآخر فهو، راي كورزويل Ray Kurzweil .
حيث يتفق كورزويل Kurzweil بشكل أساسي في كتابه السنجلرتي قريباً جداً " التفرد قريب " The Singularity is Near مع فينغ Vinge ، و لكنه يعتقد أن الأخير كان متفائلاً للغاية في رأيه المتعلق بالتقدم التكنولوجي.
و يعتقد كورزويل أنه بحلول عام 2045 سنشهد أكبر تفرد تكنولوجي في تاريخ البشرية: النوع الذي يمكن ، في غضون بضع سنوات ، أن يقلب مؤسسات وأركان المجتمع ، ويغير الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا كبشر تماماً .
كما يعتقد كورزويل Kurzweil تماماً مثل فينغ Vinge ، أننا سنصل إلى السنجلرتي " التفرُّد" من خلال إنشاء ذكاء اصطناعي بشري خارق super-human artificial intelligence (AI).
حيث يمكن للذكاء الاصطناعي لهذا المستوى أن يتصور الأفكار التي لم يفكر فيها أي إنسان في الماضي ، و سيبتكر أدوات تكنولوجية ستكون أكثر تعقيداً وتقدماً من أي شيء نمتلكه اليوم.
إنه نظراً لأن أحد أدوار هذا الذكاء الاصطناعي سيكون في تحسين نفسه و تحقيق أداء أفضل ، فإنه من الواضح جداً أنه و بمجرد أن يكون لدينا ذكاء اصطناعي فائق الذكاء ، سيكون قادراً على إنشاء نسخة أفضل منه.
و لك أن تخمن ماذا سيفعل الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي؟ نعم عزيزي القارئ : هذا صحيح - سيقوم بتحسين نفسه على نحو أكبر.
و سيؤدي هذا النوع من السباق بدوره إلى حدوث انفجار عقلي و ذكائي intelligence explosion سيتركنا نحن المسنين الفقراء كآلات بيولوجية بسيطة - متخلفة إلى حد بعيد جداً وراءها .
سكان أينشتاين (أي أن جميع البشر المتواجدين سيكونون كآينشتاين) :
إذا كانت هذه الفكرة تخيفك ، فلك أن تنضم إلى صحبة [جيدة من نخبة المجتمع . حيث أعرب عدد قليل من العلماء و المفكرين و المخترعين الأكثر شهرة على نطاق واسع ، مثل ستيفن هوكينج Steven Hawking و إيلون ماسك Elon Musk ، عن مخاوفهم من أن الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء، يمكن أن يفلت من سيطرتنا، و يتحرك ضدنا. بينما يركز آخرون على الفرص العظيمة التي يوفرها و يحملها لنا السنجلرتي، إنه بالفعل التفرُّد.
فهم يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي الفائق الذكاء super-intelligent AI يمكن أن يحلل و يكشف عن العديد من عجائب العالم بالنسبة لنا، و ذلك فيما لو تم كبح قوته و التحكم بها .
و لنا أن ننظر إلى آينشتاين مثلاً ، فقد كان في النهاية عبقرياً رائعاً أحدث ثورة في فهمنا للفيزياء.
هذا الأمر الذي يقودنا في النهاية إلى السؤال : كيف كان سيتغير العالم فيما لو استمتعنا بعشرات و مئات، بل بملايين من أمثال آينشتاين "Einsteins" الذين يستطيعون تحليل كل مشكلة و إيجاد حل لها؟
و بالمثل ، كيف كانت ستبدو الأمور فيما لو كان بإمكان كل واحد منا الاستمتاع بـ "بيته الخاص المجهز بكل الأدوات الطبية و التي تغنيه عن الطبيب Doctor House " ، و الذي كان سيقوم بتحليل حالته الطبية باستمرار و تقديم توصيات مستمرة؟
و ما هي الأفكار و الإيحاءات (الإلهام ) الجديدة الذي سيأتي بها هذا الذكاء الفائق ، عندما يراجعون تاريخ البشرية و الكتب المقدسة؟ .. إنه التفرُّد أو السنجلرتي يا سيدي..
خطوةالذكاء الاصطناعي باتجاه السنجلرتي
لقد رأينا بالفعل كيف بدأ الذكاء الاصطناعي في تغيير الطرق التي نفكر بها حيال أنفسنا. حيث تمكن الكمبيوتر العملاق ديب بلو "Deep Blue" من التغلب على اللاعب غاري كاسباروف Gary Kasparov في لعبة الشطرنج في عام 1997.
و ها هم سادة الشطرنج البشري اليوم ، بعد ما يقرب من عشرين عاماً من التطوير الإضافي ، لم يعودوا قادرين على التغلب على أنفسهم حتى على ذكاء اصطناعي يعمل على جهاز كمبيوتر محمول.
إلا أن كاسباروف Kasparov بعد هزيمته ، أنشأ نوعاً جديداً من مسابقات الشطرنج :
تلك التي يتعاون فيها اللاعبون الذين يشبهون البشر في الشكل humanoid و اللاعبون المحوسبون computerized players ، ويصلون معاً إلى نجاحات وإنجازات أكبر مما كان سيحصل عليه كل منهم بمفرده.
حيث يوفر الكمبيوتر في هذا النوع من التعاون ، حسابات سريعة للتحركات المحتملة ، ويقترح العديد من التحركات للاعب البشري.
حيث سيحتاج مواطنه من البشر إلى اختيار الخيار الأفضل ، لفهم خصومهم و إفقادهم توازنهم .
و سيعمل الاثنان معاً على إنشاء ما يسمى بـ القنطور centaur : وهو مخلوق أسطوري يجمع بين أفضل سمات و صفات جنسين مختلفين .
و هكذا نرى أن الذكاء الإصطناعي قد أجبر بالفعل لاعبي الشطرنج على إعادة النظر في إنسانيتهم ولعبتهم.
و يمكننا أن نتوقع في العقود القليلة المقبلة حدوث تفرد مماثل في العديد من الألعاب والمهن والمجالات الأخرى التي تم كانت متاحة سابقاً للبشر فقط.
بينما سيكافح بعض البشر ضد الذكاء الاصطناعي. كما سيتجاهله آخرون.
و سيثبت هذان النهجان الأخيران على أنهما كارثيان ، و لأن الذكاء الاصطناعي سيصبح أكثر قدرة و تمكناً من البشر ، فسيبقى كل من المناضلين ضده والجهلة في الصفوف الخلفية.
و سيدرك الآخرون أن الطريق الوحيد للنجاح يكمن في التعاون مع أجهزة الكمبيوتر.
و سيساعدون أجهزة الكمبيوتر على التعلم و سيقودون نموها وتعلمها.
و هؤلاء الناس سيكونون قنطور المستقبل centaurs of the future .
وهذا الإدراك - بأن الإنسان لم يعد بإمكانه الاعتماد على نفسه وعلى دماغه فقط ، ولكن يجب عليه عوضاً عن ذلك أن يتعاون ويتحد مع أجهزة كمبيوتر متطورة و معقدة للتغلب على تحديات الغد - حسناً ، ألا يعد هذا تفرداً بحد ذاته ؟
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
السنجلرتي : هل سيتولى الذكاء الاصطناعي المهمة؟