حددت دراسة جديدة صلة محتملة بين التفكير السلبي المتكرر، و علامات الخرف الرئيسية.
إذ أن البحث الجديد قد اقترح وجود صلة بين العلامات الرئيسية للخرف ، و تراكم البروتينات في الدماغ و التدهور المعرفي ، و التفكير السلبي المتكرر ( RNT repetitive negative thinking).
و يضع البحث الجديد، الذي نشر في مجلة الخرف و ألزهايمر journal Alzheimer’s & Dementia ، الأساس للبحث المستقبلي لاستكشاف كيفية عمل الرابط ، و ما إذا كانت العلاجات النفسية التي تعالج التفكير السلبي المتكرر ، يمكن أن تمنع مرض ألزهايمر و الخرف الآخر.
الخرف Dementia
وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ، فإن الخرف هو مصطلح يمثل مجموعة متنوعة من الأمراض التي تتميز بالتدهور المعرفي.
و تشمل الخصائص المرتبطة به، صعوبة التذكر أو التفكير أو اتخاذ القرارات التي تؤثر سلباً على حياة الشخص اليومية.
و أكثر أنواع الخرف شيوعاً هو مرض ألزهايمر. و في عام 2014 ، كان هناك ما يصل إلى 5 ملايين شخص في الولايات المتحدة -وحدها- ممن يعانون من مرض ألزهايمر.
و عادة ما يصيب هذا المرض الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً ، و لكن في حالات نادرة جداً يمكن أن يصيب الشباب أيضاً.
و مرض ألزهايمر هو مرض تنكسي ، مما يعني أنه يزداد سوءاً بمرور الوقت. فقد يعاني الشخص في البداية من صعوبة في تذكر الأشياء أو صعوبة في التركيز.
و مع زيادة الشدة ، يمكن أن يؤدي مرض ألزهايمر إلى عدم قدرة الشخص على تذكر من هو، و من هي عائلته أو أصدقاءه، أو لا يستطيع إجراء محادثة ، أو الرد على العالم من حولهم.
و لم يتضح حتى الآن على وجه التحديد ما الذي يسبب مرض ألزهايمر، و كما يشير مركز السيطرة على الأمراض ، فمن المحتمل أن تكون هناك عدة عوامل.
و من ناحية أخرى فإنه لا يوجد -حالياً- علاج لمرض ألزهايمر.
و لكن تركز العلاجات عادةً على الإدارة الطبية لـ الحد مؤقتاً من الأعراض و من التغيرات السلوكية التي قد تبطئ تقدم المرض.
الأفكار السلبية المتكررة
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن العوامل النفسية ، مثل الاكتئاب و القلق ، قد يكون لها أيضاً علاقة بمرض ألزهايمر.
و قد دفع هذا الباحثين إلى تطوير مفهوم الديون المعرفية cognitive debt كعامل خطر لمرض ألزهايمر ، و التي يقترح الباحثون أنهتم اكتسابها من خلال الأفكار السلبية المتكررة.
الأمر المركزي المحوري بالنسبة لعمليات الأفكار السلبية المتكررة هي عمليات الاجترار - التفكير مراراً و تكراراً في الماضي – و القلق. طبعاً القلق بشأن المستقبل.
و قد أراد مؤلفو الدراسة الحالية أن يستكشفوا بمزيد من التفصيل العلاقة بين الأفكار السلبية المتكررة و العلامات الرئيسية لمرض ألزهايمر ، و هي تراكم البروتينات في دماغ الشخص و التدهور المعرفي.
دراسة مبنية على المشاهدة
لإجراء الدراسة ، نظر المؤلفون إلى مجموعتين من المشاركين. استقطبت المجموعة الأولى المشاركين من التقييم البحثي الأولي للعلاجات التجريبية أو العلاجية الجديدة لمرض الزهايمر (PREVENT-AD Pre‐symptomatic Evaluation of Experimental or Novel Treatments for Alzheimer’s Disease).
و استندت المجموعة الثانية على المشاركين من دراسة التصوير العصبي المتعدد الوسائط في مرض الزهايمر (Multi‐Modal Neuroimaging in Alzheimer’s Disease IMAP+). و قد شملت الدراستان 360 مشاركاً.
و في هذه الدراسات ، قام الباحثون بقياس مستويات الأفكار السلبية المتكررة للمشاركين ، و قياس الاكتئاب ، و القلق ، و التدهور المعرفي لمدة تصل إلى 4 سنوات. بالإضافة إلى ذلك ، قاموا بقياس مستويات بروتينات تاو و أميلويد في أدمغة 113 مشاركاً.
يعتقد العلماء أن تراكم هذه الهياكل أساسي لتطوير مرض ألزهايمر.
الربط بين الأفكار السلبية المتكررة و مرض ألزهايمر
وجد المؤلفون أنه كلما زاد الأفكار السلبية المتكررة لشخص ما ، كان انخفاضه المعرفي أسرع. و كذلك وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص قد كانوا أكثر عرضة لترسب كميات كبيرة من بروتينات تاو و أميلويد.
و من المثير للاهتمام ، فبينما وجدت الدراسة وجود ارتباط بين الاكتئاب و القلق و التدهور المعرفي ، فلم يجد الباحثون أي ارتباط بين الاكتئاب depression و القلق anxiety وتراكم بروتينات تاو و بروتين أميلويد amyloid.
و وفقاً للمؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة ناتالي مارشانت Natalie Marchant من جامعة كلية لندن University College London ، المملكة المتحدة، و كأفكار مهمة تم استنتاجها من الدراسة الحالية:
- من المعروف أن الاكتئاب والقلق في منتصف العمر و الشيخوخة تعتبر عوامل خطر للإصابة بالخرف.
أما هنا في هذه الدراسة فقد وجدنا أن بعض أنماط التفكير المتورطة في الاكتئاب و القلق، يمكن أن تكون سبباً أساسياً وراء احتمال إصابة الأشخاص، الذين يعانون من هذه الاضطرابات، بالخرف.
- إلى جانب دراسات أخرى تربط الاكتئاب و القلق بمخاطر الخرف ، نتوقع أن تزيد أنماط التفكير السلبية المزمنة على مدى فترة طويلة من خطر الإصابة بالخرف.
و لا نعتقد أن الأدلة تشير إلى أن النكسات قصيرة المدى، ستزيد من خطر الإصابة بالخرف.
- نأمل أن يتم استخدام النتائج التي توصلنا إليها لتطوير استراتيجيات لتقليل مخاطر الإصابة بالخرف لدى الأشخاص من خلال مساعدتهم على تقليل أنماط التفكير السلبية لديهم".
و من ناحية ثانية، لاحظ المؤلفون بعض القيود على دراستهم. على سبيل المثال ، في حين يبدو من المحتمل وجود ارتباط بين الأفكار السلبية المتكررة و العلامات الرئيسية لمرض ألزهايمر ، فإن العلاقة السببية بينهما ليست واضحة تماماً حتى الآن.
و لكن يعتقد مؤلفو الدراسة أنه من المحتمل أن تساهم الأفكار السلبية المتكررة، في مرض ألزهايمر بطريقة ما ، و ربما ترفع مستويات التوتر لدى الشخص.
و مع ذلك ، لم يتمكن الباحثون من استبعاد احتمال أن تؤدي العلامات المبكرة لمرض ألزهايمر إلى الأفكار السلبية المتكررة.
و في كلتا الحالتين ، توضح الدراسة مجالاً واعداً للبحث من أجل الاستكشاف المستقبلي. و تقدم هذه الدراسة المهمة المزيد من الأدلة حول أهمية أخذ الصحة العقلية على محمل الجد.
و أخيراً..
وفقاً لمؤلف مشارك للدراسة الدكتور غيل شيتاليت Gael Chételat من المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية وجامعة كاين نورماندي Caen-Normandie في فرنسا ، " إن اهتمامك بصحتك العقلية يعتبر أمراً مهماً للغاية ، و يجب أن يكون ذلك أولوية رئيسية للصحة العامة ، حيث أن الصحة العقلية، ليست مهمة فقط لصحة الناس و رفاههم على المدى القصير ، و لكن يمكن لها أن تؤثر أيضاً على خطر الإصابة بالخرف في نهاية المطاف."
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
التفكير الإيجابي تعرف على فوائده للجسم والعقل
فهم سيكولوجيا التفكير الإيجابي
كيف تتوقف عن التفكير الزائد؟ هذه 10 طرق بسيطة لذلك
هل أنت في خطر بخصوص الخرف dementia ؟ إليك نمط حياة صحي يمكن أن يعطل تلك الوراثة