دراسة جديدة تربط بين مرض ألزهايمر Alzheimer و انتقال النحاس copper في الدم.
بالتأكيد يلعب التنظيم الخاطئ لمستويات النحاس في الأنسجة دوراً رئيسياً في مجموعة واسعة من الأمراض ، بما في ذلك مرض ألزهايمر و مرض باركنسون و مرض الخلايا العصبية الحركية.
و قدم التحقيق في الجزيئات التي تحمل النحاس في مجرى الدم خيوطاً جديدة للتشخيص و العلاج.
و للعلم يعتبر معدن النحاس أساسي لعملية الاستقلاب الغذائي الصحي ، و مع ذلك ، فمن المفاجئ أن العلماء لا يعرفون إلا القليل حول كيفية نقل الجسم له و الحفاظ على المستويات المثلى له، في الأنسجة.
و يرتبط النحاس بجزيئات البروتين ، و هو مكون حيوي للعديد من الإنزيمات التي تحفز تفاعلات الاستقلاب الغذائي الرئيسية.
يقول البروفيسور بيب بالوما Peep Palumaa رئيس مجموعة أبحاث علم المعادن الدقيقة بجامعة تالين للتكنولوجيا في إستونيا: "لقد عرف الكيميائيون الحيويون أهمية النحاس في جسم الإنسان لفترة طويلة ، و لكنهم لا يعرفون ، على سبيل المثال ، كيف يصل هذا العنصر من طعامنا إلى الوجهات الصحيحة في الجسم، أي كمثال، إنزيمات النحاس المختلفة".
يوجد النحاس بكميات ضئيلة في جميع أنحاء الجسم. و تحدث التركيزات الأعلى في مناطق الجسم ذات النشاط العالي للغاية ، مثل الكبد و الدماغ والقلب والكلى و العضلات الهيكلية.
أدوار متعددة
من بين أدوار النحاس العديدة ، يعد هذا المعدن حيوياً لإنتاج الطاقة أثناء التنفس الخلوي ، و لصنع خلايا الدم الحمراء ، و تصاعد الاستجابات المناعية ، و الحفاظ على الخلايا العصبية.
و مع ذلك ، يمكن أن يؤدي وجود إلى زيادة إنتاج الجذور الحرة المدمرة لخلايا الجسم، و المساهمة في الالتهاب.
و قد ربطت الأبحاث بين التنظيم الخاطئ لمستويات النحاس و العديد من الأمراض العصبية التنكسية ، بما في ذلك متلازمة مينكس Menkes syndrome ، و أمراض الخلايا العصبية الحركية ، و مرض باركنسون ، ومرض ألزهايمر.
كذلك فقد وجدت دراسة نشرت في عام 2013 ، على سبيل المثال ، أنه عندما يتراكم النحاس في الدماغ ، فإنه يعزز تطوير لويحات بيتا أميلويد التي هي السمة المميزة لمرض ألزهايمر.
و وجدت الدراسة أن النحاس لا يمنع فقط إزالة جزيئات بيتا أميلويد القابلة للذوبان من الدماغ و لكنه يشجعها أيضاً على التكتل معاً لتشكيل لويحات غير قابلة للذوبان.
و يحاول علماء الكيمياء الحيوية الحصول على فهم أفضل لكيفية احتفاظ الجسم بمستويات مثلى من النحاس في أنسجته، و ما الذي يحدث عندما تسير هذه العملية المتوازنة.
و بالفعل يمكن لهذه المعرفة أن تساعد العلماء في تطوير طرق جديدة لتشخيص و مراقبة وعلاج الأمراض التي تنطوي على انهيار التوازن النحاسي.
و كجزء من هذا المسعى ، أراد البروفيسور بالوما و زملاؤه معرفة كيفية نقل النحاس حول الجسم في مجرى الدم.
و على غير العادة بالنسبة للعلم ، اكتشف الفريق أن العملية كانت أقل تعقيداً مما توقعوا. ففي السابق ، اعتقد الكيميائيون الحيويون أن ثلاثة بروتينات تلعب دوراً في نقل النحاس ، و لكن وفقاً للدراسة الجديدة ، فإن واحداً فقط -من هذه البروتينات الثلاثة- هو اللاعب الرئيسي.
و للعلم فإن نتائج الدراسة قد ظهرت في دورية التقارير العلمية Scientific Reports .
ارتباط النحاس
و لقياس مدى ارتباط كل بروتين بالنحاس - مما يعني مدى ارتباطه بإيونات النحاس - فقد طور الباحثون نهجاَ جديداً ومبتكراً يسمى الكروماتوغرافيا السائلة liquid chromatography و ICP-MS (مطياف الكتلة البلازمية المقترنة بالحث inductively coupled plasma mass spectrometry).
إذ تقوم هذه التقنيات البيوكيميائية بفصل و تحديد الجزيئات الموجودة بكميات ضئيلة في سائل بيولوجي ، مثل الدم أو السائل النخاعي.
و عليه فقد وجد العلماء أنه في الدم ، يرتبط حوالي 75٪ من أيونات النحاس بإنزيم يسمى سيرولوبلازمين ceruloplasmin ، في حين أن حوالي 25٪ يرتبط بإنزيم يسمى الألبومين albumin.
و مع ذلك ، يرتبط سيرولوبلازمين بالنحاس بشدة لدرجة أنه من غير المحتمل أن يلعب دوراً في نقل هذا المعدن إلى المكان الذي يحتاجه.
و يبدو أن الوظيفة الرئيسية للإنزيم هي مساعدة بروتين آخر على نقل الحديد iron في الدم.
من ناحية أخرى ، يرتبط الألبومين بالنحاس بشكل أقل قوة، و من المحتمل أن يكون الناقل الرئيسي للنحاس.
فقد وجد الباحثون أن نسبة ضئيلة من النحاس في الدم (حوالي 0.2٪) ترتبط أيضاً بحمض أميني يسمى الهيستيدين histidine.
و يتكهن العلماء بأن الهيستدين يعمل كمحفز ، و يساعد على إطلاق النحاس من الألبومين عندما يصل إلى وجهة مثل الكبد.
لقد افترض علماء الكيمياء الحيوية أن بروتيناً آخر ، يسمى ألفا-2 ماكروغلوبولين alpha-2 macroglobulin ، ينقل النحاس أيضاً. و مع ذلك ، أفاد البروفيسور بالوما و زملاؤه أنه في تجاربهم ، لم يرتبط بالنحاس في بلازما الدم بكميات كبيرة.
تنظيم مستويات النحاس
إن هذا البحث هو نتاج تعاون بين العلماء في جامعة تالين للتكنولوجيا و شركة الأدوية السويدية ويلسون ثيرابيوتكس إيه بي.
و المنتج الرئيسي لشركة Wilson Therapeutics AB هو Decuprate ، و هو عامل علاجي واعد لعلاج مرض ويلسون Wilson’s disease، و هو اضطراب وراثي نادر يتسبب في تراكم النحاس بكميات سامة في الكبد و الدماغ والأنسجة الأخرى.
من خلال الارتباط بالنحاس ، يعزز Decuprate إفرازه من الجسم.
يقول البروفيسور بالوما و زملاؤه في ورقتهم البحثية أن النتائج التي توصلوا إليها يمكن أن تجعل من الممكن اكتشاف الاضطرابات في الاستقلاب الغذائي للنحاس التي تميز أمراض مثل و يلسون و ألزهايمر.
و يمكن أن توفر أبحاثهم أيضاً طرقاً جديدة لرصد فعالية الأدوية مثل Decuprate في تنظيم مستويات النحاس.
و يتابع البروفيسور بالوما قائلاً: "بالإضافة إلى تشخيصات محددة ، فإن تأثير الأدوية الطبيعية على تعديل عملية الاستقلاب الغذائي للنحاس و التي تستخدم في علاج الأمراض المذكورة أعلاه يمكن مراقبته أيضاً من خلال توازن النحاس في الدم".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
ألزهايمر : انخفاض تناول الفلافونويد مرتبط بخطر الإصابة بمرض ألزهايمر
النوم السيئ لليلة و احدة قد يؤدي إلى زيادة مستويات بروتين ألزهايمر