لقد بات واضحاً للجميع أن الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence AI يتطور حرفياً .
فقد ابتكر الباحثون برمجيات تستعير المفاهيم من التطور الدارويني Darwinian evolution، بما في ذلك نظريته التي تقول أن "البقاء للأصلح" ، و ذلك لبناء برامج ذكاء اصطناعي تعمل على تحسين الأجيال على نحو متعاقب دون أن يكون هناك مدخلات بشرية.
حيث قام البرنامج بنسخ عقود زمنية من أبحاث الذكاء الاصطناعي في غضون أيام.
و من زاوية أخرى يعتقد مصمموه أنه في يوم ما ، يمكنه اكتشاف طرق جديدة للذكاء الاصطناعي.
يقول ريستو مييكولاينن Risto Miikkulainen ، عالم الكمبيوتر في جامعة تكساس University of Texas ، أوستن Austin ، و الذي لم يكن مشاركاً في العمل: "بينما كان معظم الناس يخطون خطوات صغيرة ، فقد قاموا باتخاذ قفزة عملاقة نحو المجهول".
و يضيف : " تعتبر هذه واحدة من تلك الأبحاث التي يمكن أن تطلق الكثير من الأبحاث المستقبلية." .
قفزة كبيرة خلال السنوات الأخيرة
و لا شك أن بناء بناء خوارزمية الذكاء الاصطناعي يستغرق وقتاً طويلاً .
فمثلاً ، بإمكاننا النظر إلى الشبكات العصبية ، و هو نوع شائع من التعلم الآلي الذي يُستخدم لترجمة اللغات، و قيادة السيارات. حيث تحاكي هذه الشبكات بشكل حر تماماً بنية الدماغ و تتعلم من بيانات التدريب عن طريق تغيير قوة الروابط بين الخلايا العصبية الاصطناعية.
و تقوم الدوائر الفرعية الأصغر للخلايا العصبية بتنفيذ مهام محددة - على سبيل المثال اكتشاف علامات الطرق - و يمكن للباحثين قضاء أشهر في العمل على كيفية ربطها حتى تعمل معاً بسلاسة.
و في السنوات الأخيرة ، قام العلماء بتسريع العملية من خلال أتمتة بعض الخطوات.
إلا أن هذه البرامج لا تزال تعتمد على تجميع الدوائر الجاهزة المصممة من قبل البشر. و هذا يعني أن المخرجات لا تزال محدودة بمخيلات المهندسين و تحيزاتهم الحالية.
الهدف هو تطوير مفاهيم جديدة تمكن الذكاء الاصطناعي من التعلم ألالي الذاتي
لذا طور كوك لي Quoc Le ، عالم الكمبيوتر في شركة غوغل Google ، و زملاؤه برنامجاً باسم AutoML-Zero يمكنه تطوير برامج الذكاء الاصطناعي بدون إدخال بشري فعال ، و ذلك من خلال استخدام المفاهيم الرياضية الأساسية فقط التي قد يعرفها طالب المدرسة الثانوية.
و يقول كوك لي Quoc Le : "إن هدفنا النهائي هو تطوير مفاهيم جديدة للتعلم الآلي لا يمكن للباحثين العثور عليها".
عملية تطورية مستمرة
و يقوم البرنامج باكتشاف الخوارزميات باستخدام معايير تقريبية حرة و غير دقيقة من التطور.
و هو يبدأ بإنشاء مجموعة من 100 خوارزمية مرشحة عن طريق الجمع بين العمليات الرياضية بشكل عشوائي.
و من ثم تختبرها في مهمة بسيطة ، مثل مشكلة التعرف على الصورة حيث يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت الصورة تظهر قطة أو شاحنة.
و يقوم البرنامج في كل دورة بمقارنة أداء الخوارزميات مقابل الخوارزميات المصممة يدوياً (المصنوعة من قبل البشر).
و يتم "تغيير" نُسخ أفضل المؤدين عن طريق استبدال بعض شيفراتها أو تعديلها أو حذفها عشوائيًاً و ذلك بغية إنشاء اختلافات طفيفة لأفضل الخوارزميات.
و من ثم تتم إضافة هؤلاء " الأطفال " إلى السكان ، في حين يتم التخلص من البرامج القديمة. و هكذا تتكرر الدورة.
و يخلق النظام الآلاف من هؤلاء السكان في وقت واحد ، مما يسمح له بتمرير عشرات الآلاف من الخوارزميات في الثانية حتى يجد حلاً جيداً .
كما يستخدم البرنامج أيضاً الحيل لتسريع البحث ، مثل تبادل الخوارزميات أحياناً بين السكان لمنع أي طرق مسدودة تطورية ، و إزالة الخوارزميات المكررة تلقائياً .
و في بحث مطبوع نُشر الشهر الماضي على arXiv (و هو عبارة عن مستودع متاح الوصول للطباعة الإلكترونية المعتمدة للنشر بعد الإشراف ) ، أظهر الباحثون أن النهج يمكن أن يتعثر في عدد من تقنيات التعلم الآلي الكلاسيكية ، بما في ذلك الشبكات العصبية.
و يعترف لي Le بأن الحلول بسيطة مقارنة بخوارزميات اليوم الأكثر تقدماً ، لكنه يقول إن العمل هو دليل على المبدأ، و هو متفائل بأنه يمكن تطويره لإنشاء ذكاء اصطناعي أكثر تعقيداً .
لازلنا نحتاج بعض الوقت
و مع ذلك ، يعتقد خواكين فانشورين Joaquin Vanschoren ، عالم الكمبيوتر في جامعة آيندهوفن للتكنولوجيا Eindhoven University of Technology ، أن الأمر سيستغرق بعضاً من الوقت قبل أن يتمكن هذا النهج من التنافس مع أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
و كما يقول فهناك شيء واحد يمكن أن يحسن البرنامج ، و هو عدم مطالبته بالبدء من الصفر ، ولكن بدلاً من ذلك تزويده ببعض الحيل والتقنيات التي اكتشفها البشر :"يمكننا تحفيز المضخة بمفاهيم التعلم الآلي المكتسبة".
و هذا شيء يخطط لي Le للعمل عليه. ويضيف لي Le أن التركيز على المشكلات الصغيرة بدلاً من الخوارزميات بأكملها يبشر بالخير أيضاً.
و الجدير بالذكر أن مجموعته كانت قد نشرت ورقة أخرى على arXiv في 6 أبريل ، حيث استخدمت نهجاً مشابهاً لإعادة تصميم مكون جاهز شائع يستخدم في العديد من الشبكات العصبية.
و لكن لي Le يعتقد أيضاً أن تعزيز عدد العمليات الحسابية في المكتبة و تخصيص المزيد من موارد الحوسبة للبرنامج يمكن أن يتيح له اكتشاف قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة تماماً.
ويقول: " إننا متحمسون للغاية لهذا الاتجاه ، إذ أنه و من أجل اكتشاف شيء أساسي حقاً سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يكتشفه الإنسان".
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
الذكاء الاصطناعي AI .. ساحة المعركة الجديدة