توصل بحث جديد إلى أن قلة النوم و النوم السيء، أو النوم غير المنتظم، ليست ما يمكن أن يعرض القلب للخطر فحسب - بل إن النوم في الوقت المحدد قد يكون أمراً مهماً للغاية أيضاً.
و اتبعت الدراسة الجديدة النهج الفريد المتمثل في النظر في مقدار الفارق بين الليلة و الأخرى في مدة النوم والوقت الذي ينام فيه الشخص .
حيث وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من أنماط نوم غير منتظمة لديهم مخاطر أعلى لحدوث أمراض القلب والأوعية الدموية ، بما في ذلك السكتة الدماغية وفشل القلب الاحتقاني congestive heart failure وأمراض القلب التاجية coronary heart disease .
مخاطر النوم غير المنتظم
يقول تياني هوانغ Tianyi Huang ، المؤلف الرئيسي للدراسة والتي كانت قد قدمت مؤخراً في علم الأوبئة والوقاية / نمط الحياة التابع لجمعية القلب الأمريكية والجلسات العلمية لصحة القلب والأوعية الدموية American Heart Association's Epidemiology and Prevention/Lifestyle and Cardiometabolic Health Scientific Sessions في هيوستن Houston :
"تعد مسألة انتظام النوم مجالاً غير مدروساً ذو أهمية حاسمة للجميع. حيث أن فهم علاقته بأمراض القلب والأوعية الدموية له آثار مهمة على الصحة العامة و قد يحدد استراتيجيات جديدة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية".
و قد نظر الباحثون في بيانات ما يقرب من 2000 شخص لا يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية في بداية الدراسة.
حيث ارتدى المشاركون أجهزة المعصم لمراقبة النوم لمدة سبعة أيام من 2010 إلى 2013 وتمت متابعتهم لمدة أربع سنوات في المتوسط. و خلال ذلك الوقت ، عانى ما يقرب من 95 شخص من السكتة الدماغية أو قصور القلب أو أمراض القلب أو توفوا بسبب ما سبق .
و بعد التكيف مع عوامل مختلفة ، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين اختلفت مدة نومهم من ليلة إلى أخرى خلال فترة سبعة أيام بأكثر من ساعتين في المتوسط كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمقدار 2.2 مرة من الأشخاص الذين اختلف طول نومهم بنسبة ساعة أو أقل.
و قد اكتشف الباحثون أن الوقت الذي ناموا فيه كل ليلة كان له تأثير مماثل. و مقارنة بالأشخاص الذين كانوا ينامون في نفس الوقت لمدة 30 دقيقة كل ليلة ، فإن أولئك الذين لديهم وقت نوم يختلف عن تسعين 90 دقيقة، لديهم ضعف خطر الإصابة بأمراض القلب و الأوعية الدموية.
التأثير السلبي للأجهزة الذكية على النوم الصحي
قد يؤدي الإلهاء الرقمي إلى تفاقم المشكلة و جعلها تبدو أسوأ حالاً . يقول هوانغ Huang ، عالم الأوبئة المساعد في بريغهام Brigham و مستشفى النساء Women's Hospital و كلية الطب بجامعة هارفارد Harvard Medical School : " إن قضاء الكثير من الوقت في التحديق في الهواتف الذكية و الأجهزة اللوحية و الشاشات المتوهجة الأخرى يمكن أن يعبث بانتظام في النوم ".
و أضاف هوانغ : "إذا تأكدت نتائجنا ، فإن عامة الناس - وخاصة أولئك المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية - يحتاجون إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لجداول نومهم".و يتابع : "يجب تشجيع الأشخاص على تقليل استخدام الأجهزة المحمولة أو مشاهدة التلفزيون قبل النوم لتحسين انتظام النوم وزيادة فوائد عمليات الاستقلاب الغذائية للقلب إلى أقصى حد."
و أفاد هوانغ بأن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها ، و دعا إلى إجراء دراسات أكبر بمتابعة أطول ، خاصة تلك التي تستكشف الاختلافات بين الجنسين والعمر. وقال إن هناك حاجة لدراسات تركز على كيفية ارتباط النوم غير المنتظم بنتائج محددة في القلب والأوعية الدموية.
وقالت باحثة النوم والتغذية ماري بيير سانت أونج Marie-Pierre St-Onge :
" إنني أعتقد أنه من المهم للأطباء أن يسألوا مرضاهم عن عادات نومهم ما عدا عدد ساعات النوم التي يحصلون عليها ليلاً ". و تتابع : "و قد تكون أسئلة مثل : " ما مدى استقرار نومك؟ " و "هل لديك تقلبات واسعة في مدة النوم؟" أسئلة تساعد على تحديد مجالات التحسين ".
و لم تشارك سانت أونج St-Onge ، وهي أستاذ مشارك في طب التغذية في جامعة كولومبيا Columbia University في مدينة نيويورك New York City ، في البحث الجديد وقالت إن الدراسة تؤكد على ما يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من عادات نوم سيئة لا يمكنهم ببساطة "الاستمرار" في النوم.
التأثير الضار لقلة النوم
تقول سانت أونج St-Onge : "يمكنك إجراء مقارنة بين النوم و النشاط البدني ، حيث يكون لديك ما يسمى بـ" المحاربين في عطلة نهاية الأسبوع " و الذين يكونون مستقرين تماماً أو لا يقومون بأي نشاط خلال الأسبوع ثم يقومون بعد ذلك بساعتين من النشاط البدني في يوم واحد و يعتقدون أنهم سيكونون على ما يرام. إلا أننا لا نوصي بهذا ، و هذا هو الحال مع النوم ". و تضيف :
" يجب أن يكون هناك انتظام لهذه السلوكيات ، وهذا يشمل النوم و ذلك في سبيل الوصول إلى الصحة المثلى ".
وهناك قضية أخرى تتمثل في أن التغييرات الكبيرة في توقيت النوم يمكن أن تؤدي إلى حالة من اختلاف التوقيت jetlag (تعب شديد و آثار جسدية أخرى يشعر بها الشخص بعد رحلة طويلة عبر مناطق زمنية مختلفة ) - يشار إليها باسم "اختلاف التوقيت الاجتماعي social jetlag " - دون أن يدرك الناس ذلك.
وقالت سانت أونج St-Onge : "قد لا يكون لدى الناس علامات خارجية – و قد لا يشعرون بالنعاس أو التثاؤب ،تماماً كما في حالة عدم شعورهم فيما إذا كانوا يعانون من ارتفاع في ضغط الدم أو ارتفاع في مستويات الكوليسترول. إلا أن عامل الخطر لا يزال موجوداً ". و تختتم قائلة : "يحتاج الناس إلى إيلاء المزيد من الاهتمام وأن يكونوا أكثر وعياً بالتأثير الضار لقلة النوم."