طور الباحثون عدداً من النظريات لشرح التحفيز و الدافعية motivation. و تميل كل نظرية فردية إلى أن تكون محدودة النطاق إلى حدٍ ما.
و مع ذلك ، و من خلال النظر في الأفكار الرئيسية وراء كل نظرية ، فإنه يمكنك اكتساب فهم أفضل للتحفيز ككل.
التحفيز أو الدافعية هو القوة التي تبدأ و توجه و تحافظ على السلوكيات الموجهة نحو الهدف.
و هذا هو ما يدفعنا إلى اتخاذ إجراءٍ ما، سواءً لتناول وجبة خفيفة للحد من الجوع أو التسجيل في الكلية للحصول على درجة أو شهادة محددة.
و يمكن أن تكون القوى الكامنة وراء التحفيز، بيولوجية أو اجتماعية أو عاطفية أو معرفية بطبيعتها.
ما رأيكم بأن نلقي نظرة على كل فكرة من هذه الأفكار؟
نظرية الغريزة Instinct Theory في التحفيز
وفقًا للنظريات الغريزية ، يتحمس الناس للتصرف بطرقٍ معينة لأنهم مبرمجون تطورياً للقيام بذلك.
و مثال على ذلك في عالم الحيوانات هو الهجرة الموسمية. إذ أن هذه الحيوانات لا تتعلم القيام بذلك ، بل إن ذلك هو نمط من السلوك الفطري.
فالغرائز تحفز بعض الأنواع على الهجرة في أوقات معينة كل عام.
و في هذا الخصوص أنشأ وليام جيمس William James (*) قائمة بالغرائز البشرية التي تضمنت أشياء مثل التعلق و اللعب و العار و الغضب و الخوف و الخجل و التواضع و الحب.
و لكن المشكلة الرئيسة في هذه النظرية هي أنها لم تشرح السلوك حقاً ، بل وصفته و حسب.
و بحلول عشرينيات القرن العشرين ، تم طرح نظريات الغريزة جانباً لصالح نظريات تحفيزية أخرى ، بيد أن علماء النفس التطوري المعاصر لا يزالون يدرسون تأثير الجينات، و مجموع الصفات الوراثية، على السلوك البشري.
(*)ويليام جيمس فيلسوف وعالم نفسي أمريكي ، و هو أول من قدم دورة في علم النفس في الولايات المتحدة.
و يعتبر جيمس من كبار المفكرين في أواخر القرن التاسع عشر ، و واحد من أكثر الفلاسفة تأثيراً في الولايات المتحدة ، و يعتبر أيضاً "أبو" علم النفس الأمريكي
نظرية المكافآت Incentive Theory في التحفيز
تقترح نظرية المكافآت، أن الناس لديهم الحافز لفعل الأشياء بسبب المكافآت الخارجية. فعلى سبيل المثال ، قد يكون لديك الحافز للذهاب إلى العمل كل يوم للحصول على المكافأة المالية التي تدفع لك.
و قد تلعب مفاهيم التعلم السلوكي Behavioral learning مثل المجموعات المترابطة association و التعزيز reinforcement دوراً مهماً في نظرية التحفيز هذه.
و تشترك هذه النظرية في بعض أوجه التشابه مع المفهوم السلوكي للتكييف الفعال operant conditioning.
في التكييف الفعال ، يتم تعلم السلوكيات من خلال تكوين ارتباطات مع النتائج. و التعزيز يقوي السلوك بينما يضعفه العقاب.
و في حين أن نظرية الحوافز مشابهة لذلك، فإنها تقترح بدلاً من ذلك أن يتبع الناس عمداً مسارات معينة للعمل من أجل الحصول على مكافآت.
فكلما زادت المكافآت المتصورة ، كلما كان الناس أكثر حماساً لمتابعة هذه التعزيزات.
نظرية الدافع Drive Theory في التحفيز
وفقًا لنظرية الدافع ، فإن الناس يتحفزون على اتخاذ إجراءات معينة من أجل تقليل التوتر الداخلي الناجم عن عدم تلبية الاحتياجات.
و على سبيل المثال ، قد يكون لديك الدافع لشرب كوب من الماء لتقليل حالة العطش الداخلية.
و هذه النظرية مفيدة في شرح السلوكيات التي تحتوي على مكون بيولوجي قوي ، مثل الجوع أو العطش.
و لكن مشكلة نظرية الدافع هي أن هذه السلوكيات لا يتم تحفيزها دائماً من خلال الاحتياجات الفيزيولوجية.
على سبيل المثال ، غالباً ما يأكل الناس حتى عندما لا يكونون جائعين حقاً.
نظرية الإثارة Arousal Theory في التحفيز
تقترح نظرية الإثارة للتحفيز أن يتخذ الناس إجراءات معينة إما لتقليل أو زيادة مستويات الإثارة.
فعندما تنخفض مستويات الإثارة ، على سبيل المثال ، فقد يشاهد الشخص فيلماً مثيراً أو يذهب للركض.
في حين أنه من ناحية أخرى، عندما ترتفع مستويات الإثارة ، ، ربما يبحث الشخص عن طرق للاسترخاء مثل التأمل أو قراءة كتاب.
و وفقاً لهذه النظرية ، فنحن متحمسون للحفاظ على المستوى الأمثل من الإثارة ، على الرغم من أن هذا المستوى يمكن أن يختلف بناءً على الفرد أو الوضع الذي يمر به.
النظرية الإنسانية في التحفيز
تستند النظرية الإنسانية للتحفيز إلى فكرةِ، أن لدى الأشخاص أيضاً أسباب معرفية قوية لأداء أفعال مختلفة.
و يتجلى ذلك بشكل مشهور في التسلسل الهرمي لإبراهام ماسلو (هرم ماسلو للاحتياجات) Abraham Maslow's hierarchy of needs، و الذي يقدم دوافع مختلفة على مستويات مختلفة.
أولاً ، يحفز الناس على تلبية الاحتياجات البيولوجية الأساسية للطعام و المأوى ، فضلاً عن احتياجات السلامة و الحب و التقدير.
و بمجرد تلبية احتياجات المستوى الأدنى ، يصبح الدافع الأساسي هو الحاجة إلى تحقيق الذات ، أو الرغبة في تحقيق الإمكانات الفردية.
نظرية التوقع Expectancy Theory في التحفيز
تقترح نظرية التوقع في التحفيز، أنه عندما نفكر في المستقبل ، فإننا نقوم بصياغة توقعات مختلفة حول ما نعتقد أنه سيحدث.
و عندما نتوقع أنه ستكون هناك على الأرجح نتيجة إيجابية ، فإننا نعتقد أننا قادرون على جعل هذا المستقبل الممكن حقيقة.
و هذا يقود الناس إلى الشعور بدافع أكبر لمتابعة هذه النتائج المحتملة.
و تقترح النظرية أن الدوافع تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية:
التكافؤ valence
الوسيلة instrumentality
و التوقع expectancy و يشير التكافؤ إلى القيمة التي يوليها الناس للنتيجة المحتملة. فالأشياء التي يبدو أنها من غير المحتمل أن تحقق فائدة شخصية لها تكافؤ منخفض ، في حين أن الأشياء التي تقدم مكافآت شخصية فورية لها تكافؤ أعلى.
و تشير الوسيلة إلى، ما إذا كان الناس يعتقدون أن لديهم دوراً يلعبونه في النتيجة المتوقعة أم لا.
فإذا كان الحدث يبدو عشوائياً أو خارجاً عن سيطرة الفرد ، فسوف يشعر الناس بدافع أقل لمتابعة هذا الإجراء.
أما إذا كان الفرد يلعب دوراً رئيساً في نجاح المسعى ، فسيشعر بمزيد من الفعالية في العملية.
أما التوقع فهو الاعتقاد بأن المرء لديه القدرة على إنتاج النتيجة.
فإذا شعر الناس أنهم يفتقرون إلى المهارات أو المعرفة لتحقيق النتيجة المرجوة ، فسيكونون أقل حماساً للمحاولة.
في حين أن أولئك الأشخاص الذين يشعرون بالقدرة على تحقيق النتيجة، فسيكونون أكثر عرضة لمحاولة الوصول إلى هذا الهدف.