غالباً ما أعاني من الرغبة الشديدة في مشاركة القلق الذي أشعر به مع الأصدقاء من حولي.
و لكن قبل بضعة سنوات أدركت أنه من أجل تحسين مواجهة ذلك كان يتوجب عليّ أن أكون أكثر شفافية و أن أسمح لهم بالمشاركة .
كنت أنا و أحد صديقاتي المقربات نسير في الحديقة عندما أخبرتها بشكلٍ تفصيلي عن شعوري بالقلق ، و عن الكيفية التي يؤثر بها ذلك على تصوري، و ما هي الكيفية التي أحاول بها إدارة قلقي و مخاوفي على مدار اليوم .
كنت قد تلقيت -مؤخراً- من صديقتي بريداً إلكترونياً بعنوان: " بالتأكيد إن محور الحياة هو شخصيتك الخارقة – هيا انطلقي أيتها المرأة الخارقة!"
و عندما فتحت الرسالة الإلكترونية وجدت رابطاً لمقال بعنوان "الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق يخبئون القوى العظمى الخمس التالية ".
و في تلك اللحظة شعرت -بصدق- أنني شخص محبوب.
و بالفعل فإن أولئك الذين يعانون من التوتر و القلق غالباً ما يشعرون بالعجز.
ربما يبدو الأمر كما لو أن عواطفنا و مشاعرنا تحصل دائماً على أفضل ما لدينا.
و لكن ماذا لو نظرنا للحظة في فوائد قدراتنا المتعاطفة؟
هل تعلم أنه في الواقع هناك نقاط قوة -مدعومة بالأبحاث العلمي- تتزامن مع القلق أو الإجهاد؟
سأتناول في هذا المقال بعض الطرق العلمية التي يمكن أن يفيد بها الإجهاد، عقلك، و استخدم هذه الأفكار لتعيد صياغة إجهادك و توترك في المرة القادمة التي يتسلل فيها إليك.
يمكن أن يساعد الإجهاد في تحفيزك.
هناك نوع معين من الإجهاد يعرف باسم Eustress وهو ما يشير إليه علماء النفس على أنه إجهاد قصير الأجل ينشطك و يحفزك أثناء تولي مهمة جديدة أو موقف معين.
Eustress الإجهاد النافع: و هو ذلك النوع من التوتر الذي يشعرك بالإثارة و يدفعك إلى الخروج من منطقة الراحة بطريقة إيجابية.
و قد صاغ هذا المصطلح هانز سيلي Hans Selye ، عالم الغدد الصم ، و الذي يتكون من البادئة اليونانية التي تعني "جيد" ، و الإجهاد ، و بالمعنى الحرفي "الإجهاد الجيد".
على سبيل المثال سيواتيك ذلك النوع من التوتر ( Eustress ) في اليوم الأول من الوظيفة الجديدة، أو من ركوب قطار الأفعوانية، أو تعلم هواية فريدة، أو السفر إلى بلد آخر لأول مرة.
و عندما تواجه هذه التحديات قصيرة المدى- ستشعر بدرجة من التوتر، بيد أنه توتر من النوع الذي سيحفزك على تحقيق أقصى استفادة من هذا الموقف بالذات.
يمكن أن يجعلك الإجهاد أكثر ذكاء.
كشفت دراسة بحثية لعام 2012 عن العلاقة الإيجابية بين القلق و الذكاء.
إذ تتبعت الدراسة ذكاء 26 بالغاً يعانون من اضطراب القلق العام GAD General Anxiety Disorder ( و هذه المجموعة الـ 26 عبارة عن مجموعة صغيرة لذلك من المحتمل أن تكون غير صحيحة ) و 18 بالغاً لا يعانون من اضطراب القلق العام .
و بعد الاختبارات و الدراسات وجد الباحثون أن أولئك الذين لديهم مستويات عالية أو منخفضة من القلق أظهروا حاصل ذكاء أعلى من أولئك الذين لا يعانون من القلق.
و وفقاً لموقع Health.com فإن أحد الأسباب المحتملة لذلك يرجع إلى أن الضغوط الخفيفة يمكن لها -بالفعل- أن تساعد أدمغتنا على بناء روابط أقوى و ذلك بفضل مادة كيميائية في الدماغ تُدعى البروتينات العصبية.
إذ أن كل هذه السيناريوهات "ماذا لو"؟ هي عبارة عن وظيفة للدماغ يبني من خلالها اتصالات (وصلات) Connections جديدة.
يمكن للإجهاد أن ينقذ حياتك
ليس سراً أن أولئك الذين يشعرون بمزيد من التوتر Stress و القلق Anxiety يكونون عموماً في حالة تأهب قصوى.
و وفقاً لدراسة نشرت في المجلة الأوروبية لعلم النفس فإن أولئك الذين يعانون من مستويات عالية من القلق، قد كانوا أسرع في اكتشاف الخطر و الاستجابة له من غيرهم.
و ربما قد تتعرف على ذلك الشعور عندما تسير وحيداً، أو عندما تكون في موقف تشعر فيه بأنك غير متأكد لكنك لا تستطيع تذكره تماماً؟
نعمن إن ذلك الارتباط مع محيطك هو شيء جيد.
الإجهاد يجعلك صديقاً أفضل
لسوء الحظ ، فإن التعاطف ليس شيئاً ما، يميل إليه الكثير من الناس، و لكن أولئك الأكثر عرضة للقلق و التوتر هم أكثر انسجاماً مع العواطف. إذاً ماذا يعني ذلك: إن الإجهاد يجعلنا أفضل في قراءة عواطف و مشاعر من حولنا.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من القلق، لديهم شعور متزايد بالتعاطف، مما يجعلهم أكثر مهارة في حل النزاعات أو تقديم المشورة، أو ربما يكونوا مجرد أشخاصاً يوفرون الراحة في الأوقات العصيبة .
الإجهاد يجعلك أكثر مرونة
أخيراً: إن المواجهة المستمرة للإجهاد يمكن أن تساعدك في زيادة شعورك بالتحكم القوي بإحساسك البدني و النفسي و هو ما يسميه الباحثون بـ "مرونة الإجهاد" Flexibility of stress أو "تحسين الإجهاد.
و بالتالي فإن مفتاح تحسين الإجهاد هو النظر إلى العقبة (التي تواجهنا) كتحدي، بدلاً من النظر إليها كتهديد. إذ أنك عندما تشعر بأن هناك تهديد ما، فإن الطلب المقدم لك سيتجاوز الموارد التي لديك.
في حين أنه عندما يكون هذا الإجهاد (التوتر) عبارة عن تحدٍ، فإن مواردك ستتجاوز ما تحتاجه للتعامل مع الطلب، وعندما تلاحظ وجود ضغوطات، و لكنك واثق من قدرتك على التعامل معها، عندها ستتمكن من تقديم أداء أفضل في مواجهة التحدي.
قدرتنا على المقاومة هي قوتنا العظمى
لقد اعتدت سابقاً على كره الشعور بالتوتر و القلق، و لكن عندما أصبح طريقة حياة إلى حد كبير، فقد طورت قدرة أكبر على الارتداد و القبول عندما أشعر بذلك. و بالتأكيد فإن هذه القدرة هي شيء مهم، يطوره البعض ممن يعانون من القلق بشكل مستمر – فقدرتنا على المقاومة هي قوتنا العظمى أيضاً.