أن التحول البسيط -في حياة الفئران- إلى بيئة اجتماعية أكثر واقعية يمكن أن يحسن كثيراً من فائدة الدراسات المستقبلية . و بالتالي فإن معرفة كيفية تربية ورعاية الحيوانات يمكن أن يحسن الأبحاث بخصوص التواصل الإنساني human communication
يمكن أن تكون النماذج الحيوانية بمثابة بوابات لفهم العديد من اضطرابات التواصل البشري human communication disorders.
فغالباً ما تبدأ الأفكار حول المسارات الوراثية المسؤولة عن حالات مثل التوحد autism والفصام (أو الشوزفرينيا) schizophrenia عن طريق دراسة السلوك السمعي acoustic behavior لدى الفئران.
عزل الفئران يجعلها نماذج بحثية للإنسان
في دراسةً جديدة من جامعة بوفالو University at Buffalo أشارت إلى أن الممارسة المعمول بها لعزل الفئران اجتماعياً socially isolating لهذه الأغراض قد تجعلها بالفعل نماذج بحثية سيئة للإنسان، و أن التحول البسيط (في حياة الفئران) إلى بيئة اجتماعية أكثر واقعية يمكن أن يحسن كثيراً من فائدة الدراسات المستقبلية .
و يؤكد هذه الفكرة مايكل دنت Micheal Dent ( الأستاذ في قسم علم النفس في جامعة بوفالو، والمؤلف المشارك في البحث مع لوريل سكريفين Laurel Screven ، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins ، الذي كان طالب دراسات عليا في جامعة UB ) : إذ أنه عندما تم إجراء البحث فإن كيفية تربية الفئران، لها تأثيرٌ كبيرٌ على الطريقة التي يسمعون بها العالم الحقيقي.
و بالتأكيد فإن التنشئة الاجتماعية تعتبر أمراً بالغ الأهمية ، وفقا لدينت Dent. و يضيف أستاذ قسم علم النفس البروفسور دنت (الخبير في فهم المحفزات السمعية المعقدة لدى الطيور والثدييات): "إننا نحتاج إلى تربية حيواناتنا في مواقف أكثر طبيعية حيث يتضح أن لها تأثيراً على التواصل السمعي ، بما في ذلك كيف تسمع، والمدة التي يستغرقها تدريبهم على مهمة سلوكية معينة".
و يتابع دنت قائلاً: "عادة عندما نقوم بهذه الدراسات ، فإننا نعزل الحيوانات عن حياتها بأكملها. وهذا ليس نموذجاً جيداً للبشر لأننا نخلق هذه العوالم الغريبة للفئران. و بالتالي فإن هذه الإجراءات ليست أمراً طبيعياً. فالحالة التي تعيش بها الفئران معاً تغير نظرتهم إلى النطق(إصدار صوت مع لفظ) vocalizations ، و من الواضح أن هذه القضية مهمة جداً".
يجب ألا نعزل الفئران عن بيئتها الاجتماعية
لقد بدأت النتائج التي توصلت إليها الورقة الجديدة ، والتي تظهر في مجلة eNeuro ، كفضولٍ عبَّرَ عنه سكريفين Screven لـ دنت Dent ، وهو مستشار أطروحته في جامعة بوفالو.
و يُذكر ان سكريفين كان مهتماً بآثار التجربة الاجتماعية على التواصل السمعي لدى الفئران. و قد أظهرت الأبحاث السابقة أنه عندما تنجب الفئران الإناث و يصبح لديها صغاراً ، تتغير استجاباتها العصبية neural responses للنداءات ، أو لإشارات فوق الصوتية.
و تعتمد ردود (استجابات) الفئران على ما إذا كان لديها صغاراً أم لا. وقد تساءل سكيرفين عما إذا كانت التجربة الاجتماعية للنطق vocalizations تُغيّر بطريقة ما تكوين الدماغ brain، وتغير تكوين المناطق السمعية للدماغ .. و قد كان ذلك احد الإمكانات والاحتمالات و التي لم تُدرس من قبل.
ويقول دنت: "لا يمكننا تحديد نوع التأثيرات العصبية التي تحدث من خلال أبحاثنا السلوكية ، لكن ما يمكننا قوله هو أننا يجب ألا نعزل الفئران". "يجب أن نجمعها من أجل خلق موقف أكثر واقعية ، وهو موقف أكثر ملاءمةً و تطابقاً مع طريقة التواصل الإنساني.
معرفة كيفية تربية الفئران ورعايتها قد يحسن من أبحاث التواصل الإنساني
لقد درب كلاً من دنت وسكريفن -في دراستهم- الفئران أولاً على حشر أنوفها من خلال ثقب واحد للبدء بتكرير الأصوات (الألفاظ) ، ومن ثم حشر أنوفها من خلال ثقب مختلف عندما تسمع صوتاً مختلفاً. تصدر الفئران أصواتاً بالموجات فوق الصوتية (USVs Ultrasonic vocalizations) ، والتي تختلف في التردد والمدة والشدة.
و تكون الاختلافات الجماعية في هذه الخصائص هي "شكل" التنبيه أو النداء. و تتشابه الأشكال التي تميزها الفئران مع الآلية التي يسمع بها البشر الكلمات المختلفة.
و الجدير بالذكر أن الفئران المعزولة اجتماعياً احتاجت مزيداً من الوقت لتتعلم التمييز بين USVs أكثر من الفئران الموجودة في بيئة اجتماعية ، و قد استخدمت (الفئران) جوانب مختلفة من USV للقيام بذلك.
تطبيقات البحث على حالات بشرية
يقول دنت: "إن الهدف من البحث في مختبرنا هو تحديد سلوك الاتصال السمعي الأساسي للفئران أولاً ، وبالتالي في المستقبل يمكننا أن نبدأ في فهم التواصل لدى الفئران من خلال التلاعب الجيني genetic manipulations".
و يضيف دنت "إذا نظرنا إلى الجينات الموجودة في البشر الذين يعانون من التأتأة (الفأفأة) stutter ، على سبيل المثال ، أو يعانون من ضعف السمع للترددات العالية ، أو تسارع فقدان السمع المرتبط بالعمر ، فيمكننا أن نرى ما يحدث عندما نقصي نفس الجينات عند الفئران.
و "في النهاية ، يمكننا محاولة" إصلاح "الاضطرابات في الفئران ، مما يؤدي إلى علاجات محتملة للبشر."
و تعتبر هذه النتائج قابلة للتطبيق على الفور - بالنسبة إلى دنت- و يؤكد أن الخطوة التالية في بحثهم ستكون إيواء الفئران معاً في التجارب المستقبلية.
و نختم مقالنا بعبارات البروفسور دنت المهمة:
"مجرد اكتشاف أن الفئران تتدرب بشكل أسرع عندما تعيش معاً يعتبر أمراً مهماً لأي متخصص في خط بحثي يريد الحصول على البيانات بشكل أسرع".
و "لكنني أعتقد أيضاً أن خلق حالة معيشية أكثر طبيعية للفئران سيجعل نتائج هذه التجارب المعملية أكثر صلة بالاتصال الإنساني، و يقدم فوائد كبيرة في دراسة كيفية تعامل البشر مع النطق."