وفقاً لاكتشاف جديد ، فإنه من الممكن أن يكون لدى أدمغة ذكور و إناث (الفئران) اختلافات كبيرة -خاصة بتحديد الجنس- على المستوى الدقيق في خلايا الدماغ .
و يبدو أنه واستناداً إلى قراءة نشاط الخلايا العصبية الوراثي الموجودة في جزء من الجهاز العصبي للفئران والمسؤولة عن السلوكيات العدوانية والتزاوج ، أن هذه الخلايا مُنظَّمة و مهيكلة بشكل كيميائي عبر طرق خفية ولكنها مختلفة تماماً بين الجنسين.
و الجدير بالذكر أن هذه النتائج لم يتم اختبارها في أنواع الثدييات الأخرى حتى الآن ، لذلك لا يمكننا قراءة الكثير منها. ولكنها دراسة رائعة تتطلب المزيد من التحقيق في أدمغة الحيوانات الأخرى.
و قد قام باحثون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومعهد ألين لعلوم الدماغ California Institute of Technology and the Allen Institute for Brain Science في سياتل Seattle بتفحص منطقة من الدماغ تسمى التقسيم الفرعي البطني لنقص المهاد البطني ventrolateral subdivision of the ventromedial hypothalamus (VMHvl) في ذكور الفئران والإناث.
و يعتبر التقسيم الفرعي البطني لنقص المهاد البطني (VMHvl) منطقة صغيرة الحجم ، حيث يتكون من 4000 خلية فقط في الفئران ، إلا أنه لا يزال يمتلك جدولاً زمنياً كبيراً و نظاماً يشرف و يسيطر عليه ، ويلعب دوراً مهماً في عملية الاستقلاب الغذائية metabolism والسلوكيات الجنسية والاجتماعية المعقدة.
و قد استخدم الباحثون لتحديد أنواع الخلايا في هذه المنطقة ، تكنولوجيا قراءة الحمض النووي الريبي أحادية الخلية single cell RNA ، والتي تحدد الجينات التي تُرجمت بنشاط إلى الحمض النووي الريبي.
مجموعة من جينات الخلية هي التي تحدد نوعها
يعتبر ما سبق أمراً مهماً ، لأنه بينما يتم الاحتفاظ بالجينوم genome الكامل للنوع في نواة كل خلية ، فسيتم بالفعل تحديد عدد محدود فقط من هذه الجينات في بروتينات تلبي احتياجات نوع الخلية المحدد. فعلى سبيل المثال ، لخلايا الدم احتياجات مختلفة ، بالتالي ستقوم بتنشيط جينات مختلفة، عن خلايا الجلد.
و قد قدمت هذه التكنولوجيا للعلماء لقطة فوتغرافية من "الكتب" التي يتم قراءتها في المكتبة الوراثية لكل خلية cell's genetic library ، وهذا يقدم لهم فكرة واضحة عن كيفية اختلاف التكوين البدني والنشاط الفردي لكل خلية.
وتعتبر الخلايا أنها تعود لنوع معين إذا تم تحديد مجموعات من الجينات القريبة من بعضها البعض لتنفيذ مهمة معينة .
و بشكل إجمالي ، فقد حدد الفريق 17 نوعاً متميزاً من خلايا الدماغ في هذا الجزء الصغير من نسيج المخ ، والذي قاموا بالتحقق منها بعد ذلك باستخدام علامات وراثية متوهجة في عملية تسمى التهجين الموضعي بالفلورو fluoro in-situ hybridization .
وفي حين أن هذا قد يبدو و كأن هناك الكثير من أنواع خلايا الدماغ ، فإن الكشف عن مثل هذا المستوى من التنوع لا ينبغي أن يكون مفاجئاً. وقد حددت أبحاث مماثلة بالفعل عشرات من أنواع الخلايا في منطقة ما تحت المهاد hypothalamus بأكملها.
الأمر المذهل هو وجود جينات نشطة في جنس دون الآخر
مما لم يسبق مشاهدته من قبل - في الثدييات على الأقل - كان اختلافات واضحة في أنواع الخلايا العصبية بين أدمغة الذكور والإناث التي قاموا بتحليلها.
و تجدر الإشارة إلى أنه تم العثور على بعض هذه الأنواع من الخلايا بأعداد أكبر بكثير بين الفئران من جنس واحد أو آخر. و قد كان واحد على وجه الخصوص معروفاً بالفعل لصنع الانزيم enzyme الذي كان موجوداً فقط في أدمغة الفئران الذكور.
إلا أنه قد وجد أن هناك نوعاً آخر من الخلايا التي تم تحديدها حديثاً كان محدداً للفئران الأنثوية ، حيث لم يتم العثور عليه على الإطلاق في الفئران الذكور.
والأهم من ذلك ، أن هذه الاختلافات لم تكن نتيجة مباشرة لتناقض و تباين الصبغيات الجنسية sex chromosomes ، مع أنواع خلايا الدماغ المتميزة التي تعود إلى أنماط الجينات في أجزاء من الجينوم التي يملكها كلا الجنسين.
و هكذا ، فإن وجود جينات نشطة بشكل عام في أحد الجنسين دون الجنس الآخر أمر صادم و مذهل للغاية . و تعتبر القفزة أو الطفرة الصغيرة و لكن المهمة في هذه الحالة هي العثور على مجموعات من النشاط كبيرة بما فيه الكفاية في خلايا الدماغ لجعلها أنواع مختلفة جسدياً.
المفاجأة .. هي اختلاف الأدمغة على مستوى التركيب الخلوي بين الذكور و الإناث
و قد كان أحد الأشياء الذي شكل مفاجأة بالفعل هو أن عدداً قليلاً فقط من هذه الاختلافات المحددة يبدو أنها تتطابق مع سلوكيات معينة ، مما يطرح أسئلة حول ما تفعله كثير من أنواع الخلايا المتحيزة من ناحية الجنس gender-biased cell types .
ويقول ديفيد أندرسون David Anderson ، عالم الأحياء بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology biologist : "تشير النتائج إلى وجود اختلافات بين أدمغة الثدييات من الذكور والإناث على مستوى التركيب الخلوي cellular composition وكذلك التعبير الجيني gene expression ولكن تلك الاختلافات دقيقة ، ولا يزال من الضروري توضيح أهميتها الوظيفية"..
ماذا عن البشر!!
إنه استنتاج من المؤكد أنه يستقطب الآراء حول ما هو بالفعل موضوع مثير للجدل. و يعد البحث عن ثقافة وبيولوجيا الجنس البشري موضوعاً مثيراً للخلاف يتسم بتاريخ من القوالب النمطية والمعلومات الخاطئة .
وعلاوة على ذلك ، فمن الصعب معرفة كيف يمكن أن تنطبق الدراسات التي أجريت على حيوانات المختبر على البشر. كما أنه من غير المحتمل أن نكون فريدين ، إلا أن هذا افتراض يتطلب مزيداً من البحث لدعمه.
و ينبغي لنا هنا أن نكون حذرين ، حيث أن دراسات كهذه تعد واحدة من غير الممكن استبعادها.
و تماماً كما هو الحال مع الفئران ، فهناك فرصة جيدة ، حيث أن أدمغتنا لا تعمل على تعزيز و دعم السلوكيات المختلفة فقط اعتماداً على ما إذا كان لدينا كروموسوم Y ، ولكن لدينا أنواع مختلفة تماماً من الخلايا و التي قد تكون مسؤولة عن وظائف خاصة بتحديد الجنس.
وهذا لا يعني أن الرجال هم من المريخ والنساء من الزهرة. و ذلك لأن علم الوراثة Genetics علم معقد ، و بينما يمكننا التعميم بناءً على الأنماط ، فإنه من غير الممكن استبعاد أهمية الاختلافات الفردية أو التأثيرات الثقافية.
إن التكنولوجيا التي يمكن أن توفر قائمة مكتبة مفصلة من الجينات التي تقرأ بنشاط، في الخلايا الفردية هي تكنولوجيا تغير ما نعرفه عن كل شيء، و ذلك بدءاً من الصحة العقلية مروراً بمراحل التطور و وصولاً إلى أجسامنا التي تنمو و تتطور.
إننا على يقين بأننا سنتفاجأ فقط من مسألة مدى تنوّع البيولوجيا البشرية.
تم نشر هذا البحث في مجلة الخلية Cell .