إنك عندما تقرر أنك لا تريد -بالفعل- أن تشعر أبداً بطريقة معينة مرة أخرى ، فأنت عندها قد دخلت في رحلة من الوعي بالذات والنمو و التي بدورها ستدفعك بلطف و بشكل حقيقي نحو إعادة صياغة مفاهيمك , إعادة تشكيلك من جديد.
إن الحضيض هو في الغالب نقطة تحول للناس. و عندها فقط يقولون: لا أريد أن أشعر بهذه الطريقة مجدداً.
فالأمر لا يتعلق بكونهم قد أبصروا النور فجأة ، ولا لأن أسوأ أيام حياتهم تتحول بطريقة سحرية إلى أعياد مليئة بالأفراح ، كما أن الأمر أيضاً لا علاقة له بتدخل شخصٍ ما سيقوم بإنقاذهم من جنونهم. لا، إن الأمر ليس كذلك مطلقاً ، إذ أنها تصبح نقطة تحول فقط لأنه عند هذه النقطة يفكر معظم الناس قائلين :
"لا أريد أن أشعر بهذه الطريقة مرة أخرى أبداً."
و يعتبر هذا الشعور واحداً من أكثر الأشياء التي تغيّر الحياة ، و التي بإمكانك أن تشعر به أكثر من أي وقت مضى ، ويعود السبب في ذلك كونه سيصبح الأساس الذي ستبني عليه كل شيء آخر.
و هكذا ، فإن ذلك التفكير ليس مجرد فكرة. بل هو بمثابة إعلان ، و قرار .
وعندما تقرر أنك حقاً لا تريد أن تشعر أبداً بطريقة معينة مرة أخرى ، فأنت بذلك تخوض رحلة من الوعي بالذات والتعلم والنمو و التي ستعيد بدورها و بشكل جذري خلقك و تشكيلك من جديد.
وفي تلك اللحظة ، سيصبح الخطأ منفصلاً عنك و غير ذي صلة بك . إذ أنك لم تعد تفكر في تحديد من قام بماذا وكيف كنت محروماً ومظلوماً . لأنه وفي تلك اللحظة ، هناك شيء واحد فقط سيرشدك ، وهو: لن أشعر بهذه الطريقة مرة أخرى أبداً ، و ذلك بغض النظر عما سيتطلبه الأمر.
و لكن يا ترى : هل كل ذلك بسبب وصولنا إلى الحضيض؟
حسناً إنه ليس يوماً سيئاً . كما أن هذا لا يحدث مصادفة. فنحن لا نصل إلى الحضيض إلا عندما تبدأ عاداتنا في التعقيد و تتراكم فوق بعضها البعض ، وعندما تصاعدت آليات و تقنيات المواجهة لدينا خارج نطاق السيطرة بحيث لم يعد بإمكاننا مقاومة الشعور الذي كانوا يحاولون إخفاءه .
إذ أن الحضيض هو عندما نواجه أنفسنا أخيراً ، وعندما يجري كل شيء بشكل خاطئ ، بحيث تُركنا لندرك أنه لا يوجد سوى قاسمٌ مشتركٌ واحدٌ من خلال كل ذلك.
لذلك يتوجب علينا أن نشفى. كما يجب علينا أن نتغير ، و أن نختار الالتفاف ، حتى لا نشعر بهذه الطريقة مرة أخرى.
وعندما يكون لدينا يوم نكون مكتئبين فيه ، فنحن لا نفكر : لا أريد ان أشعر أبداً بهذه الطريقة مرة أخرى.
و لنا أن نتساءل : لماذا ؟ ذلك لأنه ليس أمراً ممتعاً ، و لكنه لا يطاق أيضاً .ونحن غالباً ما ندرك إلى حد ما أن الإخفاقات الصغيرة تشكل جزءاً منتظماً من الحياة ، و في حين أننا غير كاملين إلا أننا نبذل قصارى جهدنا ، وأن هذا الانزعاج الغامض سيمر في نهاية المطاف.
و نحن لا نصل إلى نقطة الانهيار breaking point لأن شيئاً أو اثنين يحدثان بشكل خاطئ . بل إننا نصل إلى نقطة الانهيار عندما نقبل أخيراً أن المشكلة لا تتمثل في الكيفية التي يكون عليها العالم ، بل الكيفية التي نكون عليها نحن.
وهذا سيكون حساباً جميلاً بالنسبة لنا .
و يصف أيوديجي أوسيكا Ayodeji Awosika هذه الحالة جيداً قائلاً:
"يتوجب عليك أن تجد الشكل الفائق النقاء و الصفاء لحالة سئمت أو اكتفيت. اجعلها تبدو مؤلمة و موجعة . فأنا قد قمت حرفياً بالصراخ قائلاً "لن أعيش هكذا بعد الآن!"
إن البشر غالباً ما يكونون موجهين من خلال مفاهيم الراحة. يظلون قريبين مما هو مألوف ، ويرفضون ما لا يكون على ذلك الحال (مألوف) ، حتى لو كان ذلك أفضل من الناحية الموضوعية بالنسبة لهم.
و إذا كان الأمر كذلك ، فإن معظم الناس لا يغيرون حياتهم فعلياً حتى لا يصبح التغيير هو الخيار الأقل راحة. وهذا يعني أنهم في الواقع لا يتقبلون بسرور صعوبة تغيير عاداتهم حتى لا يعود لديهم ببساطة أي خيار آخر . كما أن البقاء حيث هم لم يعد خياراً قابلاً للتطبيق أو للحياة أو النمو .
ولم يعد بإمكانهم التظاهر بأنه أمر مرغوب فيه بأي شكل من الأشكال. و هُمْ ، و بصراحةٍ تامةٍ ، في مستوى أدنى من الحضيض، و هم عالقون بشكل أكبر بين تلك الصخرة القابعة فوق رؤوسهم و بين حالتهم الأخرى في تسلقهم الشاق للخروج من تحتها .
إلا أن عليهم أن يصعدوا و يتسلقوا .
إنك لن تستمر كما أنت..
إذا كنت تريد حقاً تغيير حياتك ، فاحرص على أن تغضب بشكل عظيم ، ليس من أجل الآخرين ، ولا من أجل العالم ، ولكن اغضب من أجل نفسك ، من أجلك أنت .
كن غاضباً جداً وحازماً للغاية ، واسمح لنفسك بتطوير الرؤية الضيقة tunnel vision من خلال شيء واحد ، وشيءٍ واحدٍ فقط في النهاية : أنك لن تستمر كما أنت. و أنا معك -أيضاً- لا أريد أن أشعر بهذه الطريقة مجدداً.