نعم
أخبرني بما تقول له نعم ، وأنا سأقول لك من أنت

عندما تقول لشيءٍ ما نعم ، فأنت تقول لا لكل شيء آخر تقريباً ، إذ أن كل خيار يحتوي على تكلفة الفرصة البديلة ، كما أن كل خيار يعد شيئاً مكلفاً للغاية ، و أن قول كلمة نعم ليست شيئاً مجانياً . 

"إن الفرق بين الأشخاص الناجحين والناس الناجحين للغاية هو أن الناس الناجحين للغاية  يقولون لا لكل شيء تقريباً." - وارن بافيت Warren Buffett

ووفقاً لأرسطو Aristotle  : " إنما نحن ما نقوم به مراراً وتكراراً." و بشكل مباشر ، إنما نحن ما نقول له  نعم ( أي ما نوافق عليه ) .

إنك في كل ثانية من كل يوم ، أنت تقول نعم لشيء ما. وفي كل مرة تفعل شيئاً ما ، فإنك تقول نعم لهذا الشيء.

كما أنك في كل مرة تقفز فيها إلى الفيسبوك  Facebook وتبدأ في تصفحه، فأنت تقول نعم.

وكل قطعة طعام تضعها في جسمك ، أنت تقول نعم.

و أنت الآن ، و بينما تقوم بقراءة هذا المقال ، أنت تقول نعم.

الإشارة الذاتية : علم الهوية Identity

ووفقاً  للبحث الذي أجراه كل من  الدكتور رونيت بودنر Dr. Ronit Bodner والدكتور درازين بريلك Dr. Drazen Prelec فإن :  " الأعمال و الأحدات  تشير إلى أنفسنا ، أي أن الأعمال و الأحداث تشير إلى ذاتها." . وبعبارة أخرى ، فإن أفعالك  تشير إلى نوعية الشخص الذي أنت عليه .

فإذا استيقظت مبكراً و ذهبت للجري ، فسوف تفكر بينك و بين نفسك قائلاً : إنني من النوع الذي يستيقظ مبكراً و يقوم بالجري.

ومهما كانت القرارات التي اتخذتها ،فسوف  تستنتج أنك ذلك النوع  من الأشخاص الذي يفعل X أو Y أو Z. (ولحسن الحظ ، وكما سيبدو في لحظة ما ، فإن ماضيك في الواقع شديد السلاسة ، ويمكن تغييره من خلال الأفعال المستقبلية.

ويشرح الدكتور نسيم نيكولاس طالب Dr. Nassim Nicholas Taleb في كتابه الأخير" الجلد في اللعبة "  "Skin in the Game" أن ما تفعله هو أنقى و أصح  تعريف لنظام القيم الخاص بك .

و يقول سايمون سينك Simon Sinek في كتابه ابدأ بـ لماذا (بالسبب)  Start with Why  الشيء نفسه  ، وهذا يعني أن أفعالك تظهر ما تؤمن به حقاً.

و قد قال غاندي Gandhi  مرة  :" إن العمل يعبر عن الأولويات ". و  : "إن الإيمان بشيء ، و عدم عيشه ، أمر غير أمين" ، وهو ما يسميه علماء النفس التنافر المعرفي cognitive dissonance - و هي من حالة الصراع الداخلي internal conflict .

إذ من غير الممكن أن تكون واثقاً إذا كنت لا تثق بنفسك.  حيث أن الثقة هي نتيجة ثانوية للسلوك المتطابق و المنسجم  والناجح.

 كما أن الثقة هي الحالة العاطفية للشخص الذي كانت أفعاله السابقة مقصودة ودقيقة للشخص الذي خطط له أن يكون عليه .

الهويات الماضية والحالية والمستقبلية :

"إنك تقوم  بقرار واعٍ عند إختيارك لأولوياتك كل يوم." - إليزابيث هاسليك Elisabeth Hasselbeck ، مقابلة مع يوم المرأة Woman’s Day ، في عام 2010 

 فهويتك الحالية  تعتمد على ما قلت له نعم بالأمس.  أي أن من أنت اليوم هو نتاج قراراتك السابقة.

أما هويتك المستقبلية فهي ما تقول له نعم اليوم. ومن ستكون غداً هو نتاج قراراتك الحالية.

 كما أن هويتك السابقة هي ما ستقول له نعم في الغد. ومن كنت في الماضي أو الشخص الذي كنت عليه في الماضي  هو نتاج لقرارات مستقبلية ، و ذلك لأن الذكريات سريعة التغير وتتغير على أساس التجارب الحالية والمستقبلية .

و بغض النظر عما كان عليه ماضيك من تضارب أو سواد ، فيمكنه أن يتحول و يتغير تماماً بشكل مؤكد. و في الوقت الذي تتغير فيه أنت، فإن معنى ماضيك يتغير - كما تتغير ذاكرته أيضاً .

من أجل ذلك يمكنك إصلاح أو تجديد ماضيك بقرارات مستقبلية إيجابية. كما يمكن أن يكون حاضرك منطقياً عندما تقول "نعم" فقط لما تطمح أن تكون عليه . فمستقبلك واضح و مشرق تماماً مثل إيمانك . 

و كما قال نابليون هيل Napoleon Hill : " إن كل ما يمكن للعقل أن يتصوره ويؤمن به ، يمكن للعقل تحقيقه ".

إلا أن ذلك ممكن فقط  إذا كنت تتصرف وفقاً لتلك الرؤية المستقبلية.

و لذلك، اشتهر زيغ زيغلار Zig Ziglar  بقوله: "يجب أن تكون قبل أن تتمكن من القيام به، و أن تفعل قبل أن تتمكن من امتلاكه." . 

إذاً ،  فأنت تقرر ما تريد أنت تكون عليه أو الشخص الذي تريده و تتصرف وفقاً لذلك .  إذ أنك إذا لم تتصرف وفقاً لذلك ، فستشير إلى نفسك على  أنك شخص آخر ، لأنك أنت  ما تفعله . أي أنك و بصورة أو بطريقة مباشرة أكثر ، أنت ما تقول نعم له .

أي أنك أنت الشخص الذي يقرر من تريد أن تكون. إلا أن ذلك القرار سيكون قراراً حقيقياً إذا كنت تفعل ما يستلزمه هذا القرار. و إلا ،فإن ذلك القرار لم يكن قراراً حقيقياً بالفعل .

إذ أن القرار يكون قراراً فقط في الحالة التي يكون فيها  الإجراء أو الفعل  متوافقاً معه.

الخلاصة : 

 يقول جيم كولينز Jim Collins ،  في كتابه " جيد إلى عظيم" Good to Great "إذا كان لديك أكثر من ثلاث أولويات ، فليس لديك أي أولوية." .

 و يقول جريج ماكوين Greg McKeown  في كتابه "الأصولية: السعي المنضبط نحو الأقل " Essentialism: The Disciplined Pursuit of Less: "لا يمكنك المبالغة في تقدير عدم أهمية كل شيء بشكل عملي ".

أي أنه ينبغي أن يقال لمعظم الأشياء و بسرعة  كلمة " لا".

ولتأكيد هذه الفكرة فإننا نكرر مجدداً اقتباس الملياردير وارن بافيت Warren Buffett في قوله  : "إن الفرق بين الناس الناجحين والناس الناجحين للغاية هو أن الناس الناجحين للغاية يقولون لا لكل شيء تقريباً".

و بشكل مماثل ،فقد قال جيم رون Jim Rohn : " إن الكثير من الناس لا يقومون بعمل جيد ببساطة لأنهم يتخصصون في أشياء بسيطة".

أي أن معظم الناس يقولون نعم للأشياء البسيطة. وبالتالي ، فإن معظم الناس يعيشون حياة ثانوية ، وليست حياة عظيمة .

و هنا نتوجه بالسؤال الكبير إليك  : من ستكون غداً؟  حتماً إن هذا يعتمد على ما تفعله اليوم.

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن