هل يقترب العلماء من إنتاج الطماطم الحارة
يعتبر -حالياً- محصول فلفل كارولينا Carolina Reaper الأكثر حدة (حرارة) في العالم ، حيث سُجلَ مقدار حدتها -في المتوسط- 1.6 مليون وحدة Scoville (وحدة حرارة).
و لكن ماذا عن الطماطم الأكثر حرارة في العالم؟ هذا ما يتوجب علينا تحديده.
بطبيعة الحال ، إن الطماطم الحالية ليست الأكثر حرارة في العالم ، لأن الطماطم لا تصنع مركب الكابسيسين Cacsaicin ، و هو المركب الكيميائي الذي يعطي الفلفل الحار طعمه الحريّف. و لكن مجموعة من الباحثين يؤكدون إن الثمار الحمراء اللطيفة يمكن تخيلها من خلال هندستها الوراثية بأن تبدأ بإنتاج المركب الخاص بالحرارة , و ذلك بسبب العلاقة التطورية القريبة من الفلفل الحار.
أنت تقول طماطم ، و نحن نقول طماطم حارة
لقد تباين الصنفان منذ حوالي 19 مليون سنة ,و هذا ليس بزمن بعيد من الناحية التطورية ، إذ كشف التسلسل الأخير لجينوم الطماطم أنها لا تزال تملك الإطار الجيني لإنتاج الكابسيسين Cacsaicin. و هذه الجينات المرتبطة بذلك ليست نشطة في العادة ، ولكن مع تقنيات الهندسة الوراثية الجديدة ، يؤكد باحثون من البرازيل وأيرلندا أنه من الممكن تعديل الطماطم لتنتج المركب الحار مرة أخرى.
أووه ، و الاحتمالات ستكون كما يلي : البروشيتا الإيطالية مع الصلصة الحارة... صلصة المعكرونة اللاذعة ... و البيتزا الأكثر حرارة ... بالإضافة إلى السلطات التي ستجعل الدموع تنهمر من العيون. و هكذا فإن إمكانات الطهي بالطماطم الحارة ستغري الذوّاقة كثيراً.
ولكن ، كما يقول الباحثون في بحث منشور في مجلة توجهات في علوم الزراعة (Trends in Plant Science) ، إن السبب الحقيقي لإقناع الطماطم لإطلاق نيرانها هو في الأساس اقتصادي. و تعتبر الطماطم من المحاصيل الزراعية الرئيسة, إذ أنها تنمو بوفرة وسهولة ، وهناك بنية تحتية تجارية وتقنية تحيط بها تجعل منها خياراً آمناً للزراعة. و من ناحية أخرى ، فإن زراعة الفلفل تعتبر أكثر دقة بعض الشيء, إذ أنها لا تنمو بيسر ، و تكون -في الغالب- معرضة للآفات والأمراض بشكل أكبر, وتعتمد غلاتها الحارة بشكل كبير على البيئة - أي أنها تفتقر إلى الموثوقية التي تتطلبها الزراعة على نطاق واسع. و في سياق الكم فإن الهكتار الواحد ينتج حوالي ثلاثة أطنان من الفلفل في حين يتجاوز إنتاج هذا الهكتار المائة طن 100 من الطماطم.
و كما هو معلوم أن الكابسيسين capsaicin ليس مجرد نكهة لتطعيم بعض الأطباق و إنما يستخدم في بخاخات الفلفل وكذلك كمسكن موضعي للألم. و إنه سيكون من المفيد وجود وسائل أكثر موثوقية للحصول على الكابسيسن للاستخدامات التجارية المتنوعة. و بما أنه لا توجد طريقة فعالة لإنتاج الكابسيسين بكميات كبيرة في مصنع كيماوي ، لذا فإن المصانع الطبيعية مثل الفلفل ، وربما الطماطم ، ستبقى هي الخيار الأفضل.
لنجعلها أكثر حرارة في الطعم
يحدد الباحثون طريقتين يمكن من خلالهما أن يحدث هذا التلاعب الجيني. فالجينات من النوع البكتيري و التي تصيب النباتات و تمتلك القدرة على تنظيم التعبير الجيني يمكن تعديلها وإدخالها في ناقل فيروسي لإعادة تنشيط مسار الكابساسين في الطماطم ، أو من خلال المزيد من الهندسة الوراثية التقليدية مثل أداة تحرير الجينات CRISPR فيمكن استخدامها لإنجاز الشيء ذاته. و لا تزال هناك أسئلة عديدة لا بد من استكشافها فيما يتعلق بكفاءة كلتا التقنيتين ، و لكن يؤكد الباحثون أنهم لا يزالون واثقين -إلى حد ما- من أن أية صعوبات تقنية يمكن تذليلها بمزيد من التجارب و الفحوصات.
و قد لاحظ الباحثون أنه يمكن للطماطم أن تتغير من خلال طرق مختلفة لإنتاج مركبات مفيدة. حيث يمكن إعادة تشكيل الليكوبين Lycopene ، وهو مركب موجود في الطماطم خلال عملية تطورها و ذلك بإضافة بعض الجينات الإضافية من أنواع أخرى من الخضار. و كذلك يمكن لعمليات البرمجة الوراثية الدقيقة تلك أن تنتج كلا من البكسين Bixin (وهو لون شائع يضاف للأغذية ومستحضرات التجميل) وكاروتين البيتا Beta carotene وهو مضاد للأكسدة.
و من غير المعلوم فيما إذا كانت هذه الإضافات الجينية ستؤثر -أم لا- على إنتاجية الطماطم أو جودتها. و يقول المؤلفون الباحثون في بيان حول ذلك أنهم لا يزالون يعملون حالياً في فك تشفير كيفية التأثير التدريجي للتغيرات الجينية المختلفة على قدرة الطماطم في صنع الكابسيسن، و ذلك بهدف اكتشاف المسار الكامل لهذا المركب. و ربما يجعل من الطماطم الحارة إمكانية علمية ممكنة التحقق.
إن كل ما سبق مناقشته ربما سنتجاوزه فيما لو كنا نريد الطماطم الحارة أم لا ..
المصدر