نواجه جميعاً في حياتنا اليومية العديد من المواقف التي تتطلب منا اتخاذ قرارات حاسمة اتجاهها . من أجل ذلك يجب علينا أن ندرك مسبقاً الآلية التي يتم من خلالها اتخاذ قرارات جيدة .و بالعودة إلى جميع ما أقوم بنشره ، يمكننا أن نرى أن الموضوع الثابت الذي أتكلم عنه باستمرار هو أن الوعي هو مفتاح النجاح . و هذا ينطبق إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بصنع القرارات .
ومع ذلك ، فإن معظم الناس يبنون قرارتهم تقريباً فقط على كيفية تصرفهم في الماضي .إن سلوكهم هذا يدل على أن عقولهم قد روضت على نمط و أسلوب تفكير معين ، و هذا يعني حرفياً أنهم غير مؤهلين لمواجهة تحديات جديدة غير متوقعة بالنسبة إليهم .
تؤدي القرارات إلى أفعال ، و هذا هو السبب في كونها مهمة للغاية للبدء بها .و يعد تسلسل الخطوات التي يتم من خلالها صنع القرار بنفس الدرجة من الأهمية التي توازي صنعه .حيث يجب على من يتخذ قرار معين أن يتقن و بشكل كامل سلسلة من الخطوات ، وإلا أصبح العمل غير منظم و غير جدير بالثقة أيضاً .و نستطيع القول أن كل خطط العمل الهامة تتبع نفس القالب .
تحليل الفعل Action :
1- التحدي يبرز ويعرض نفسه .
2- يتم تقييم الوضع .
3- تتم الدعوة من أجل التشاور .
4- يتم اتخاذ القرار .
5- تتخذ إجراءات معينة – هنالك شيء للقيام به .
6- يتم تحقيق النتيجة .
7- يتم قبول تحمل المسؤولية عن الإجراء المتخذ .
إن ما يجعل أي عمل يبدو أكثر صعوبة في العالم الحقيقي من أي نموذج يمكن أن يشار إليه بالبنان هو : أن جميع الخطوات السبع السابقة متواجدة في آن واحد معاً - من أجل ذلك فإن التحديات لا تصل إلينا في تسلسل خطي أنيق كمركبات الدفع الرباعي على مسارات السكك الحديدية . و بما أن حياتنا اليومية مملوءة بأشياء تحتاج إلى التقييم و الحزم و بنصائح الآخرين و.. و .....وهلم جراً ،لذلك فإن هذا التداخل الثابت و المستمر إضافة إلى الدمج يعني شيئاً واحداً : هو أنه لا يمكننا أن نعتمد على صيغة بسيطة للفعل action .
إن أي شخص يقرأ السير الذاتية لكبار الجنرالات أو قادة الصناعة بإمكانه أن يدرك سريعاً بأن " ضبابية الحرب " هو مصطلح يمكننا أن نطلق عليه أيضاً و في نفس الوقت " ضبابية القيادة " .من هنا يمكننا القول بأنه حتى تتمكن من الخوض في مواقف مظلمة و غامضة فإن ذلك يتطلب منك الكثير من الوعي و الإدراك . ففي معظم المواقف و الظروف ذات الأهمية الكبرى ، ينبع ذلك من الوعي الجماعي – و كنتيجة لذلك إذا توافر لصانع القرار ذلك الفريق الجيد الذي يقف وراءه و يدعم قراراته فستكون لديه فرصة أفضل في الوصول إلى عمل فعال في الوقت المناسب لإحداث الفرق .
بناء على ماسبق ، فإن الدروس الجوهرية والمهمة المستقاة من الماضي تميل لأن تؤدي التكتيكات التالية :
1- افهم نفسك ، وحاول توجيه بوصلة مشاعرك بالإتجاه الصحيح ، وتجنب أن تجعل من نفسك روبوتاً عقلانياً ، و قم باتخاذ قراراتك في أجواء بعيدة عن الغضب و الخوف و الغيرة .
2- تفحص مزاجية فريقك باستمرار لأنها ليست في النهاية إلا انعكاس لمزاجيتك أنت بصفتك قائدهم .
3- احرص على كسب ولاء جماعتك ، من خلال التأكيد على الأمل و الثقة و الإستقرار و التعاطف ، وهي أربعة أشياء يريدها أتباعك بشدة كونك قائدهم .
4- تعلم من الأنا : المآزق المستورة ، والأهمية الذاتية و التبجح والتباهي و الفوز مهما كلف الثمن .
5- لا تقدم على فعل الأشياء التي تعلم مسبقاً أنها خاطئة – حيث لا وجود لضمانات أخلاقية في العمل و لكن على العكس كن على ثقة أنها ذات تكلفة شخصية عالية .
6- كن على استعداد للاعتراف الكامل و مكافأة الآخرين على إنجازاتهم ، حيث إن المديح الصادق و التشجيع الصادر عن القائد ذو قيمة عالية للغاية تماماً كمكافأة الراتب .
7- شجع الآراء المختلفة ، و لكن تأكد من كونها مساهمات إيجابية ، كما يتوجب عليك تجنب أولئك الأشخاص الرافضين ( المعارضين ) ، رُسُل الكآبة والخسارة ، و خبراء السيناريوهات الذين يفترضون الحالات الأسوأ دائماً، إذ أن الواقعية لا تمثل الأخبار السيئة بالضرورة .
8- تذكر كقائد أنك رسول الرؤية الواضحة ، ولا يوجد سوى نسخة واحدة منك لفعل تلك المهمة .
9- لا تشجع على بيئة المقامرة والتسلي بقنص الأخطاء و العثرات ، لأنها ستقود في النهاية إلى صورة غير أمينة في تقييم مخاطر الوضع .
10- عليك بضبط نفسك إذا أحسست بأن أتباعك يخشونك ، إذ من الممكن أن يخلق الخوف بيئة من الإنضباط ، ولكن للأسف وفي نفس الوقت يخلق تبعات و عقبات لذلك تتمثل في تردد التابعين في إخبارك الحقائق القاسية عندما تحتاج لسماعها .
و في النهاية ، لا شيئ يمكن أن يحل مكان الوعي الفردي . حيث إنك ستحصل على الفائدة إلى أبعد الحدود فيما لو بحثت بتركيز وبعناية في مصطلح " تحليل الفعل " " the anatomy of action " مولياً عناية كبيرة لكل خطوة فيه .
إذاً عليك أن تجعل من تعلم اتخاذ القرارات بوعي من أعظم أولوياتك . أجل... إنه القرار الوحيد الذي من ِشأنه أن يجعل من كل شيئ في النهاية يبدو أسهل .
عن موقع ديباك تشوبرا