أقدم إليك -عزيزي القارئ- الطريقة التي اختبرتها و التي تشير الأبحاث العلمية إلى دورها في تحسين جودة النوم و الإنتاجية على مدار اليوم.
و لقد عملت معي بشكلٍ رائع.
اليوم الجيد يبدأ دائماً من الليلة السابقة.
يعد النوم الجيد شديد الأهمية لسلامتنا الجسدية والعقلية. ولكن ماذا نعني بالنوم الجيد بالضبط ؟
قبل أن أقفز إلى النتائج المذهلة لتجربتي الذاتية الصغيرة، دعنا نتعمق في الأمر بطريقة علمية قليلاً.
لا يتعلق النوم الجيد بكمية النوم
تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى أن الأشخاص الذين تقع أعمارهم بين 18 و60 عاماً ينبغي أن تصل مدة نومهم إلى 7 ساعات أو أكثر في الليلة. و قد يحتاج البعض إلى المزيد، بينما يكتفي البعض الآخر بأقل من ذلك، غير أن مسألة الكمية ليست هي مربط الفرس.
و لنفهم جودة النوم ، علينا أن نلقي نظرةً على دورة نوم الإنسان. إذ أن هناك أربع 4 مراحل للنوم. (و هنا سنتغاضى عن المرحلة الـخامسة 5 (REM stage) لأنها مرحلة تخص الأحلام).
-
المرحلة الأولى:
و هي مرحلة انتقالية بين اليقظة والنوم وتشكل فقط من 2% إلى 5% من النوم كل ليلة. و تستطيع الضوضاء المزعجة إيقاظنا بسهولة أثناء هذه المرحلة.
-
المرحلة الثانية:
وهي تستغرق ما بين 45% 55% من وقت النوم.و فيها يبدأ نشاط الدماغ في التباطؤ، ويصبح من الصعب الاستيقاظ مرة أخرى.
وتشير الأبحاث إلى أن المرحلة الثانية تساهم أيضاً في تعزيز الذكريات.
-
المرحلة الثالثة:
حيث تنقلنا هذه المرحلة التي تستمر بين (3%إلى 8%) إلى جوهر فترة النوم – وهي بداية مرحلة النوم العميق الحقيقي، وهي ترتبط كذلك بالمرحلة الرابعة.
-
المرحلة الرابعة:
وهي مرحلة النوم العميق Deep sleep التي تمثل من 10% إلى 15% فقط من النوم كل ليلة، و لكنها المرحلة التي تتم فيها جميع الإجراءات و الأنشطة الجسدية . كما يمكنك تسميتها بمرحلة النوم الجميل .
تدخل أجسامنا في المرحلتين الثالثة و الرابعة في وضعٍ أشبه ما يكون بإعادة الخلق، إذ تغمر الهرمونات الجسم، و يتم إصلاح الأضرار الناشئة. و تُجدّد الخلايا، و تُستعاد الطاقة، و تُصلح الأنسجة و العظام، وتنمو العضلات، و يُقوّى جهاز المناعة، و جميع هذه العمليات تصل إلى ذروتها في هذه المرحلة.
بالإضافة إلى أن دماغنا يحصل على الراحة اللازمة، إذ يكون نشاط الدماغ هو الأدنى في هذه المرحلة. (ولهذا السبب تسمى هذه المرحلة "نوم الموجة البطيئة slow-wave sleep").
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحصول على مقدار كافي من مرحلة النوم العميق في الليل هو السبب الرئيسي وراء شعورنا بالانتعاش في الصباح.
و على النقيض من ذلك، إذا لم نحصل على كفايتنا من هذه المرحلة؛ فإننا نشعر بالانهيار خلال اليوم، إذ تقل قدراتنا بشكل كبير. ويرتبط النقص في هذه المرحلة بتطور الأمراض العقلية مثل مرض الزهايمر.
و لحسن الحظ ، فهناك طريقة بسيطة تساعد في زيادة مدة النوم العميق على الفور، دون أي ممارسة. وهي "الضوضاء الوردية Pink noise".و هنا لا أريد إزعاجك بالتعريفات والتقنيات.
و لكنني سأورد لك فقط بعض الأساسيات: حيث يمكن تحليل الموجات الصوتية بناءً على مكونين: الترددات والسعات. و يشير الأول إلى مدى سرعة اهتزاز الصوت، أما الآخر فإنه يشير إلى قوة أو طاقة الصوت.
ويعتمد التمييز بين الضوضاء البيضاء والبنية والسوداء والوردية على الكيفية التي تتوزع بها الطاقة على الترددات المختلفة. وطاقة الضوضاء الوردية عالية عند الترددات المنخفضة.
و تشمل بعض الأمثلة على الضوضاء الوردية النموذجية ما يلي:
- صوت هطول المطر.
- صوت أمواج المحيط اللطيفة.
- حفيف الأوراق
- ضربات القلب الثابتة.
بوسع الضوضاء الوردية أن تقوم بالمعجزات فيما يخص جودة النوم. إذ أنها تسمح لنا بنومٍ أعمق، مما يتيح الاستفادة بسهولة من جميع مزايا النوم الجيد المذكورة أعلاه.
حيث يؤدي الاستماع للضوضاء الوردية إلى زيادة مدة النوم العميق الفعلية كل ليلة. وتعمل هذه الضوضاء المستمرة في الخلفية على حجب الضوضاء الأخرى التي عادة ما تخترق صمت الليل وتوقظنا.
و بإمكان الضوضاء الوردية أن تعمل عمل "التمويه الصوتي" وتمنع الأصوات التي من شأنها تفعيل نظام اليقظة في الدماغ. وهذا يعني أنها تحمينا من الاستيقاظ المفاجئ في كثير من الأحيان. والنتيجة هي نوم أطول وأفضل وأكثر صحة.
تجربتي الذاتية:
لا يمكن أن يكون تحسين جودة النوم بهذه السهولة، أليس كذلك؟
حسناً، في الأسابيع القليلة الماضية، كنت أختبر تأثيرات الضوضاء الوردية على نومي. وإذا أرت أن تحذو حذوي فإنك ستحتاج فقط إلى شيئين: ساعة ذكية يمكنها تتبع مراحل نومك المختلفة وصندوق موسيقى من أي نوع.
و للتحضير، فقد بحثت في قوائم تشغيل الضوضاء الوردية على تطبيق SPOTIFY حتى وجدت صوتاً مناسباً. إذ لطالما كان لصوت المطر تأثير مهدئ على نفسي، لذا فقد اخترت أغنية المطر الخفيف "Light Rain".
و على الرغم من جميع ما سبق ، فإن اختيار الصوت المناسب يعد أمراً شخصياً للغاية. لذلك اختر ما تحبه أكثر. أما بالنسبة لي، فإن صوت المطر الثابت هو الأفضل ، يليه صوت أمواج المحيط اللطيفة.
و قد قمت على مدار كل ليلة من ليالي الأسابيع الأربعة الماضية، بتوصيل هاتفي بصندوق الموسيقى على المنضدة الخاصة بي وعمدت إلى تشغيل الصوت طوال الليل. لقد كانت هذه الموسيقى هي آخر ما تلتقطه أذناي قبل النوم وأول ما تسمعه بعد الاستيقاظ.
و لجعل الانتقال بين مقاطع الموسيقى المختلفة أكثر سهولة، قمت بتمكين وظيفة "crossfade" في تطبيق الموسيقى الخاص بي وقمت بتعيينها على 10 ثوانٍ.
النتائج المبهرة:
إليك فيما يلي عزيزي القارئ إحصائيات شهر مارس قبل استخدام تقنية الضوضاء الوردية:
- متوسط النوم لكل ليلة: 7 ساعات و23 دقيقة.
- متوسط النوم العميق في الليلة: 1 ساعة و29 دقيقة أو 20% من إجمالي النوم.
- متوسط النوم الخفيف في الليلة: 5 ساعات و54 دقيقة أو 80%من إجمالي النوم.
- متوسط الوقت اللازم للاستغراق بالنوم: 32 دقيقة.
و هذه هي إحصائيات شهر أبريل التي اعتمدت فيها على صوت المطر كل ليلة:
- متوسط النوم لكل ليلة: 6 ساعات 55 دقيقة.
- متوسط النوم العميق في الليلة: ساعتان و12 دقيقة أو 32% من إجمالي النوم.
- متوسط النوم الخفيف في الليلة: 4 ساعات و43 دقيقة أو 68% من إجمالي النوم.
- متوسط الوقت للاستغراق بالنوم: 16 دقيقة.
و على الرغم من أن معدل نومي الإجمالي قل عن المعتاد، فقد زاد معدل نومي العميق من 20% إلى 32%.
وقل الوقت الذي أحتاجه للاستغراق بالنوم بمجرد الاستلقاء إلى النصف تقريباً.
و قد تتحدث الإحصائيات عن نفسها، غير أن الأثار الجسدية هي ما استحوذت على ذهولي أكثر.
لقد بدأت أشعر براحة أكبر طوال اليوم. فقبل تجربتي الصغيرة، كنت أعاني تراجعاً هائلاً في التركيز والإنتاجية ما بين الساعة 2 - 4 عصراً، وكنت دائماً ما أتوق إلى الحصول على قيلولة الطاقة (التي نادراً ما يكون لدي الوقت الكافي لها).
أما الآن فأنا أواصل يومي بسهولة ونادراً ما أشعر بالحاجة إلى أخذ قسط إضافي من النوم.
تأثير جانبي رائع:
بما أنني الآن أملك الكثير من الطاقة طوال اليوم لفعل الكثير من الأشياء دون الشعور بإرهاق، فقد بتُّ أمارس التمارين الرياضية أكثر من ذي قبل.
أما في السابق، فقد كنت و بمجرد عودتي من العمل و استلقائي على الأريكة، نادراً ما أتحلى بقوة الإرادة للنهوض مرةً أخرى وممارسة بعض الألعاب الرياضية.
إذ كنت أقع ضحية الإرهاق الشديد.
أما الآن، فقد بدأت أمارس بعض الجري أو التمارين الرياضية من 4 إلى 5 مرات في الأسبوع.
ونتيجة لذلك، تحسنت لياقتي و صحتي بشكل عام.
أما عن الاستغراق في النوم آخر الليل، فعندما أكون على سريري، أميل إلى التفكير في كل شيء وأي شيء.
أما الآن فنظراً لأن صوت المطر المهدئ صار أنيسي قبل النوم، فقد بدأت الراحة تتسلل إلىّ بسرعة أكبر ويتوقف التفكير عن إزعاجي على الفور ولا ألبث أن أستسلم للنوم.
باختصار: لقد وقعت في حب الضوضاء الوردية. لقد غيّرت نومي و حياتي.
و الآن فقد حان دورك للمحاولة..
إذ أثبتت الدراسات العلمية أن الاستماع إلى الضوضاء الوردية يحسن من جودة النوم.
كما تسمح للمرء بالدخول في مراحل نوم أعمق وأطول وأكثر استقراراً. وتشمل تأثيراتها الإيجابية كلاً من الصحة والتركيز والإنتاجية والذاكرة والأداء الرياضي.
والآن عزيزي القارئ حبذا لو تشاركنا تجربتك، إذ أنني أود أن أعلم إذا ما واجهت تأثيرات مماثلة بالاستماع إلى الضوضاء الوردية لتحسين جودة النوم.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :