يمكن أن يشكل تعارض العلاقات مصدراً خطيراً لـ التوتر. و كذلك فبإمكان النزاع أن يخلق بين الزوجين أو القريبين أو الصديقين - خاصة الصراع المستمر - مستوى من التوتر يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على الصحة العامة و الرفاهية.
في مقالنا هنا سنستعرض عدداً قليلاً من الطرق الأكثر أهمية، و التي يمكن أن يؤثر فيها الصراع و العلاقة القائمة على التوتر على الصحة النفسية و الجسدية، و سنعرض أيضاً نصائح اخرى حول كيفية التأقلم مع بعض العلاقات.
الصراع العائلي ليس غريباً :
إذا واجهت نزاعاً بين أفراد عائلتك ، فقد يريحك أن تعرف أنك لست وحدك ؛ و ذلك لأن الصراع العائلي قد يكون أكثر شيوعاً مما تعتقد .إذ يتعرض الكثير من الناس للتوتر في التجمعات العائلية بسبب الأقارب الصعبين.
و لابد من الإشارة هنا أنه وفي كثير من الحالات ، لن يكون ذلك ناتجاً عن نقص في الحب (أو أن العائلات لن تجتمع مع بعضها في المقام الأول) ، و لكن غالباً ما يكون هناك نقص في الراحة في التعامل مع الصراع بين أفراد الأسرة.
و سواء أكان نزاعاً مفتوحاً على مائدة العشاء أو شعوراً كامناً بالانزعاج لا يزال غير معلوم ، فيمكن أن يتسبب الصراع العائلي في إحداث قدر كبير من التوتر.
كيف يمكن للنزاع أن يؤثر على صحتك :
يمكن أن يؤثر تعارض العلاقات سلباً على صحتك بعدة طرق. و قد درس معهد جامعة بورتلاند للشيخوخة Portland State University’s Institute on Aging أكثر من 650 بالغاً على مدار عامين و وجد أن "التبادلات الاجتماعية السلبية المستقرة" (وبعبارة أخرى ، الصراع المتكرر أو المطول) قد ارتبط بشكل كبير بانخفاض الصحة المصنفة ذاتياً ، و قيود وظيفية أكبر ، و عدد أكبر من الحالات الصحية .
و قد تكون هذه النتائج ناتجة عن تأثير التوتر على المناعة ( حيث يمكن أن يؤدي التوتر إلى إضعاف جهاز المناعة) بالإضافة إلى عوامل أخرى.
إن الشيء المهم الذي يجب تذكره هو أن الصراع المستمر يمكن أن يؤثر سلباً على صحتك. و قد تصبح أكثر عرضة للصداع المزمن و الأمراض مثل نزلات البرد و الإنفلونزا. و قد تشعر أيضاً بألم مزمن في مناطق مثل ظهرك أو رقبتك .
الحالات المرتبطة بالتوتر المزمن :
قد تكون لديك فرصة متزايدة لتطوير الحالات الصحية الجسدية والعقلية التالية و المتأثرة بالتوتر ،و ذلك في حال عدم إدارة التوتر :
- حب الشباب
- اضطرابات القلق
- الإرهاق
- الكآبة
- داء السكري
- مشاكل الجهاز الهضمي (الإسهال ، الإمساك ، القرحة)
- تساقط الشعر
- مرض قلبي
- فرط نشاط الغدة الدرقية Hyperthyroidism .
- الأرق Insomnia .
- البدانة Obesity .
- الخلل الجنسي أو التغيرات في الرغبة الجنسية
- أمراض الأسنان واللثة
يمكن أن يكون الصراع مؤلماً جسدياً :
يقوم العلم اليوم بدعم كل هذه الأغاني الريفية عن ألم القلب المكسور .
فقد تحدث متلازمة القلب المكسور Broken heart syndrome ، والمعروفة أيضاً باسم اعتلال عضلة القلب Takotsubo cardiomyopathy أو اعتلال عضلة القلب الناتج عن التوتر stress cardiomyopathy ، بسبب الصدمة العاطفية الشديدة والمفاجئة أو الإجهاد البدني ، بما في ذلك العنف المنزلي.
و عادة ما تتسبب الحالة في ألم شديد شبيه بالضغط ، على غرار ما قد يشعر به الشخص عند تعرضه لأزمة قلبية حادة .
و تظهر الأبحاث التي أجريت حول الاستبعاد الاجتماعي social exclusion أن ألم الوحدة و الرفض الاجتماعي تتم معالجته من قبل نفس المنطقة من الدماغ التي تعالج الألم الجسدي ، وهو ما يفسر السبب الكامن وراء أن يكون الشعور بالرفض من قبل شخص محبوب مؤلماً جسدياً.
فإذا كنت متورطاً في علاقة تتضمن صراعاً كبيراً و مشاعر رفض متكررة ، فقد تشعر أيضاً بحساسية شديدة للألم الجسدي أو حتى التنميل.
الصراع غير المعترف به يمكن أن يضر بك :
العلاقات التي لا يتشاجر فيها الناس أبداً ليست دائما سعيدة كما تبدو. ففي الحياة الواقعية ، يعد الصراع أمر لا مفر منه ، وحلها بشكل فعال يمكن أن يكون في كثير من الأحيان مساراً لفهم أكبر بين شخصين ، وتقريبهما. و قد تكون العلاقات التي يتم فيها قمع الغضب وعدم الاعتراف به من قبل أحد الشريكين أو كليهما غير صحية في الواقع - حرفياً.
و قد وجدت الأبحاث أنه في الأزواج التي يقوم فيها أحد الشريكين بقمع الغضب عادة ، يميل الشركاء إلى الموت أصغر سناً ، و الأزواج في العلاقات حيث يقوم الشريكان بقمع الغضب يميلون إلى أن يكون لديهم أسوأ تعمير .
النزاعات التي تدار بشكل سيء تنتج مزيداً من الصراع :
إن معرفة أن النزاع الذي لم يتم حله يحمل مثل هذه المخاطر يجعل من المغري التنفيس عن أي غضب نشعر به ، على أي حال نحبه ، ولكن غالباً ما لا يكون هذا هو النهج الأكثر صحة أيضاً . و يمكن للطريقة التي تحل بها الصراع في علاقاتك أن تخلق هذه العلاقات أو تكسرها ، الأمر الذي سيجعلك تشعر بالوحدة أو بالحياة الغنية بالدعم الاجتماعي والحب.
يمكن أن تساعدك مهارات الصحيحة لحل النزاعات ، بما في ذلك التواصل مع مشاعرك ، و شحذ مهارات الاستماع لديك ، و ممارسة التواصل الحازم ، على معالجة نزاع العلاقات بطريقة صحية، حتى تحقق أقصى استفادة من علاقاتك ، دون السماح لها باستنزافك .
التعامل مع الصراع :
ربما يكون التواصل الفعال هو أفضل طريقة للتعامل مع الصراع والتوتر في العلاقة. فإذا كنت غير قادر على القيام بذلك بمفردك ، أو في حالة وجود نزاع أكثر حدة ، يمكن أن يكون تقديم المشورة للأزواج أو العلاج النفسي الفردي مفيداً . كما يمكن أن يمنحك أنت وشريكك الأدوات اللازمة للتعامل مع النزاع بطريقة صحية.
أما إذا كان صراعك ناتجاً عن قريب أو صديق صعب ، فمن الممكن أن تساعدك حضور جلسات العلاج بنفسك أيضاً .
و يمكن أن يساعدك العلاج السلوكي المعرفي ( Cognitive Behavioral Therapy (CBT في معرفة ما وراء الصراع ، وتعلم مهارات أفضل لحل النزاع ، وتقديم استراتيجيات لإدارة المشاعر السلبية التي غالباً ما تكون علامة على كونك متوتراً أو مجروحاً.
لذلك و عند البحث عن محترف لمساعدتك في التعامل مع الصراع الموجود في العلاقات ، عليك التفكير في الحصول على إحالة من طبيب الرعاية الأولية أو العائلة أو الأصدقاء .
ننصحك بقراءة المقالات التالية :