يستخدم بحث جديد تقنية مبتكرة لتحويل الخلايا الجذعية البشرية stem cells إلى خلايا بيتا المنتجة للأنسولين insulin-producing beta cells بشكل أكثر فعالية.
و قد كانت الخلايا المنتجة للأنسولين قد أحدثت شفاء سريعاً من مرض السكري من النوع الأول في الفئران ، واستمرت الفوائد لمدة 9 أشهر.
و هناك ما يصل إلى حوالي 187,000 طفل ومراهق في الولايات المتحدة مصابين بالسكري من النوع الأول في عام 2018.
كما أن هناك ما يقارب ال 1.4 مليون شخص إضافي تزيد أعمارهم عن 20 عاماً مصابون بهذه الحالة ويديرونها باستخدام الأنسولين
وذلك وفقاً للإحصاءات نفسها الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC) .
و الذي يحدث في النوع الأول من مرض السكري type 1 diabetes ، أن الاستجابة الخاطئة للمناعة الذاتية autoimmune تؤدي إلى مهاجمة نظام المناعة immune system وتدمير خلايا بيتا المنتجة للأنسولين داخل البنكرياس pancreas.
أهمية الخلايا الجذعية في علاج مرض السكري
وقد أشارت الأبحاث السابقة إلى الخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات human pluripotent stem cells (hPSCs) باعتبارها وسيلة علاجية محتملة لـ مرض السكري من النوع الأول .
و تعد الخلايا الجذعية متعددة القدرات Pluripotent stem cells خياراً جذاباً للباحثين من وجهة نظر علاجية لأنهم قادرة على التجديد الذاتي self-renew في ثقافات المختبرات ويمكنها التمايز إلى مجموعة متنوعة من أنواع الخلايا.
و قد سبق للباحثين استخدام الخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات hPSCs لإنشاء خلايا بيتا منتجة للأنسولين. ومع ذلك ، لم يتمكنوا من القيام بذلك بشكل فعال بما فيه الكفاية لعلاج مرض السكري من النوع 1.
و قد كان جيفري ميلمان Jeffrey R. Millman ، الحاصل على درجة الدكتوراه Ph.D، و الأستاذ المساعد في الطب والهندسة الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة واشنطن Washington University School of Medicine في سانت لويس St. Louis ، هو الباحث الرئيسي في الدراسة الجديدة ، التي تمكنت من التغلب على هذه العقبات السابقة.
ويشرح جيفري ميلمان التحديات التي أوقفت تقدم العلماء حتى الآن.
و يقول : "إن المشكلة الشائعة عندما تحاول تحويل خلية جذعية بشرية إلى خلية بيتا منتجة للأنسولين - أو خلية عصبية أو خلية قلب - تكمن في أنك تنتج خلايا أخرى لا تريدها."
و يتابع : "في حالة خلايا بيتا ، قد نحصل على أنواع أخرى من خلايا البنكرياس أو خلايا الكبد." في حين أن زرع هذه الخلايا غير الضرورية - أو "غير المستهدفة off-target" - لا يسبب أي ضرر ، و يوضح ميلمان Millman كذلك أن خلق المزيد منها يعوض عدد الخلايا المفيدة علاجياً.
و يقول: "كلما زاد عدد الخلايا غير المستهدفة ، كلما كانت الخلايا التي لديك أقل صلةً بالعلاج".
و يضيف متابعاً : " إنك تحتاج إلى حوالي مليار خلية بيتا لعلاج شخص مصاب بالسكري.
ولكن إذا كان ربع الخلايا التي تصنعها عبارة عن خلايا كبدية أو خلايا بنكرياس أخرى ، فبدلاً من احتياجك إلى مليار خلية ، ستحتاج إلى 1.25 مليار خلية. و هذا الأمر سيجعل علاج المرض أكثر بحوالي 25% صعوبة .
ومع ذلك ، فقد استخدم البحث الجديد تقنية مبتكرة تجاوزت هذه المشكلة. و تظهر هذه النتائج في مجلة تكنولوجيا الطبيعة الحيوية Nature Biotechnology.
تقنية الخلايا الجذعية المتطورة :
تستهدف التقنية الجديدة الهيكل الخلوي cytoskeleton - أو "السقالات أو البنى scaffolding" الداخلية - للخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات( human pluripotent stem cells (hPSCs لتوجيه تمايزها إلى خلايا البنكرياس.
و يعرف الهيكل الخلوي cytoskeleton على أنه عبارة عن هيكل يساعد الخلايا في الحفاظ على شكلها ويوفر الدعم الميكانيكي الذي يسمح للخلايا بالتحرك و الانقسام والتكاثر.
و يسمح استهداف هذه البنية للباحثين بإنشاء عدد أقل من الخلايا غير ذات صلة وخلايا بيتا أفضل أداءً تساعد على التحكم في نسبة السكر في الدم.
و يوضح ميلمان Millman حداثة المنهج قائلاً : " إنه نهج مختلف تماماً ،و هو يختلف اختلافاً جذرياً في الطريقة التي نتبعها".
و يقول ميلمان : " لقد كنا في السابق نحدد البروتينات والعوامل المختلفة ونرشها على الخلايا لمعرفة ما سيحدث.
و بما أنه أصبح لدينا فهم أفضل للإشارات ، فقد تمكنا من جعل هذه العملية أقل عشوائية. "
الخلايا الجذعية "تعالج بسرعة" مرض السكري الحاد :
قام ميلمان وفريقه بزرع "مجاميع بحجم جزيرة islet-sized aggregates " من خلايا بيتا متباينة من الخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات hPSC إلى فئران مصابة بداء السكري من النوع الأول.
و تعرف الجزر البنكرياسية Pancreatic islets على أنها مجموعات من الخلايا الموجودة في البنكرياس. حيث أن بعض هذه الخلايا عبارة عن خلايا بيتا منتجة للأنسولين.
و كما كتب المؤلفون في ورقتهم : لقد تمكنت عملية الزرع هذه " بسرعة من عكس مرض السكري الموجود مسبقاً في الفئران" .
و قد أكد الباحثون لاحقاً على أن : بروتوكول الخلايا الجذعية الجديد stem cell protocol "يمكنه علاج مرض السكري الموجود مسبقاً لدى الفئران".
و كان الانعكاس قد حدث بمعدل مماثل لذلك الموجود في الجزر البشرية human islets ، واستمر التحكم الطبيعي في نسبة السكر في الدم لمدة 9 أشهر على الأقل.
و يقول جيفري ميلمان Jeffrey Millman : "لقد كنا قادرين على صنع المزيد من خلايا بيتا ، وكانت تلك الخلايا تعمل بشكل أفضل في الفئران ، والتي حافظ بعضها على شفائه لأكثر من عام."
و هكذا يواصل الباحث الرئيسي الإبلاغ عن النتائج المهمة للغاية.
"كانت هذه الفئران مصابة بداء السكري الشديد مع قراءات السكر في الدم تتجاوز الـ 500 ملليغرام لكل ديسيلتر من الدم (ملغ / ديسيلتر) - وهي مستويات يمكن أن تكون قاتلة للشخص - وعندما قدمنا للفئران الخلايا التي تفرز الأنسولين insulin-secreting cells ، عادت مستويات الجلوكوز في الدم إلى طبيعتها في غضون أسبوعين وبقيت على هذا النحو لعدة أشهر. "
ومع ذلك ، يوضح الباحث أيضاً أن هناك بعض الخطوات الإضافية التي يجب اتباعها قبل أن يتمكن البحث من مساعدة البشر.
إذ يتوجب على الباحثين أولاً اختبار الخلايا في الحيوانات الكبيرة ومن ثم إيجاد طريقة لأتمتة التقنية الجديدة لإنتاج مليارات الخلايا المطلوبة لملايين الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول.