يتفاقم داء التهاب المهبل البكتيري لدى النساء الأمريكيات اللواتي يعانين منه واللاتي يتجاوز عددهن الثلاثة مليون امرأة. و تشيع هذه الحالة المرضية، والتي يحفزها النمو السريع للبكتيريا، بين النساء من عمر 14 سنة إلى 44 سنة، وقد تؤدي هذه الحالة إلى إفرازات مهبلية، وحكّة،
وشعور بالالتهاب، بالإضافة إلى رائحة "سمكية" في منطقة المهبل. و إذا كنتِ أحد اللواتي تعرضن لهذه الحالة ولم تقومي بمعالجتها، فاعلمي أنها قد تزيد من احتمالات تعرضكِ للأمراض المنتقلة جنسياً، وربما -في بعض الحالات- تؤدي إلى الولادة المبكرة أو حتى الإجهاض.
تُعدّ معرفتك بأعراض التهاب المهبل البكتيري أفضل وسيلة دفاعٍ لتتجنبي مضاعفاتها.
الأعراض المعتادة
ينتج التهاب المهبل البكتيري في الأساس عن حدوث حالةٍ من عدم التوازن بين أعداد البكتيريا الطبيعية الموجودة داخل المهبل، إذ يقل عدد أحد أنواع البكتيريا "المفيدة" والتي تعرف باسم (العصيات اللبنية lactobacilli). وبحدوث ذلك، تنتهز البكتيريا "السيئة" الفرصة لتتمكن من السيطرة وتسبب العدوى.
بيد أنه بين الواحد و العشرون 21 مليون امرأة اللواتي يطوّرن مرض التهاب المهبل البكتيري في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً، حوالي 84% منهن لا يشعرن بأية أعراض، وذلك تبعاً لتقرير أعلنته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها.
أمّا النساء اللواتي يصادفن أعراض المرض، فقد شهدن بأن أكثر الأعراض شيوعاً تتضمن الآتي:
1. وجود إفراز أبيض رمادي أو أصفر اللون عادةً ما يحيط بجدران المهبل.
2. رائحة "سمكية" تزداد حدّتها سوءاً بعد الجماع.
3. شعور شبيه بالاحتراق أثناء التبول.
4. حكة، واحمرار، وتورم (من النوع المتوسط) في منطقة المهبل.
5. نزيف مهبلي بعد الجماع.
و جديرٌ بالذكر أن 50% من النساء اللواتي يتم معالجتهن من التهاب المهبل البكتيري بنجاح، يشهدن عودة الأعراض ذاتها في خلال عام واحد من الشفاء.
الأعراض النادرة
في حالاتٍ نادرة، قد يتسبب التهاب المهبل البكتيري في عسر التبول أو عسر الجماع. و تنتج هذه الأعراض عادةً عن عدوى ثانية تصيب المسالك البولية والمهبل.
المضاعفات
يعد تشخيص وعلاج مرض التهاب المهبل البكتيري ذو أهميةٍ كبيرة إذ أنه يقلل كثيراً من خطر المضاعفات.
وتتضمن المضاعفات الثلاثة الأكثر شيوعاً للمرض كلاً من: الخطر المتزايد للأمراض المنقولة جنسياً (كالإيدز)، ومرض التهاب الحوض، بالإضافة إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة.
الأمراض المنقولة جنسياً
يتميز التهاب المهبل البكتيري بالتهاب الأنسجة المهبلية. وعندما يحدث ذلك، تبدأ الأنسجة جنباً إلى جنب مع الأوعية الدموية التابعة لها في التورم والتمدد لتسمح للخلايا المناعية الأكبر حجماً في التمركز قريباً من موقع العدوى.
وبينما تعد تلك العملية ضروريةً لاستكمال الشفاء، إلا أن لها أيضاً جانباً سلبياً: إذ أنها تجعل هذه الأنسجة أكثر نفاذية وأشد عرضةً للعدوى المنقولة جنسياً. ويحدث هذا بخاصةٍ عندما تكون أعراض التهاب المهبل البكتيري أكثر حدةً.
فتبعاً لدراسة أعدتها كلية سانت لويس الطبية في عام 2018، وُجد أن داء التهاب المهبل البكتيري العرضي يُزيد من خطر الإصابة بداء السيلان، وداء الكلاميديا أو المتدثرة الحثرية، وداء المشعرات، وذلك بنسبة 270%.
ويبدو أن الأمر ينطبق كذلك على داء الهربس التناسلي، وداء الزهري؛ بيد أن العلاقة بين التهاب المهبل البكتيري وبين فيروس الورم الحليمي البشري يكتنفها بعض الغموض.
على النقيض من ذلك، لم يظهر أنَّ النساء المصابات بداء التهاب المهبل البكتيري الإكلينيكي (والتي لم تُرى لديهن أعراض ملحوظة بعد) معرضاتٌ لخطرٍ متزايد.
داء الإيدز
على النقيض مما سبق، ظهر أن الارتباط بين داء التهاب المهبل البكتيري وبين داء الإيدز ليس واضحاً فقط وإنما خبيثاً كذلك. يتزامن داء الإيدز مع النضوب السريع لنوعٍ من الخلايا المناعية (CD4 T-cells)تعرف باسم
عندما يحدث داء التهاب المهبل البكتيري، تغمر خلايا الدم البيضاء النسيج المهبلي من أجل الإحاطة بالعدوى البكتيرية والقضاء عليها.
و بالرغم من ذلك، عند تواجد داء الإيدز بالجسم، تقوم خلايا الدم البيضاء ب "أسر" الفيروسات والعودة بها إلى خلايا (CD4 T-cells) لتعادلها.
بيد أن فيروس الإيدز بدلاً من أن يُقتل، ينجح في قلب الطاولة على خلايا (CD4 T-cells) ويقوم بإصابتها بدلاً من ذلك.
و في النهاية، وضح أن الإصابة بعدوى التهاب المهبل البكتيري تساعد على تسهيل الأمر لفيروس الإيدز عن طريق إمداده بأهداف أكثر لنقل العدوى إليها.
و تجدر الإشارة إلى أن النساء لسن وحدهن المعرضات للخطر. إذا أصيبت امرأةٌ بالإيدز، فإن إصابتها بالتهاب المهبل البكتيري بإمكانه أن يؤدي إلى إحدى الظواهر التي تُعرف ب (ذرف الفيروس)، والتي تعبر عن الازدياد المتأصل لتركيز فيروس الإيدز في مني الرجل أو الإفرازات المهبلية للمرأة نتيجة الإصابة بعدوى تناسلية.
و بحدوث ذلك، تكون المرأة أكثر عرضةُ لنقل الفيروس إلى شريكها الجنسي (حتى وإن كانت تخضع لعلاج ضد داء الإيدز، في بعض الحالات).
داء التهاب الحوض
يحدث داء التهاب الحوض عندما تنجح عدوى بكتيرية مهبلية في المرور خلال عنق الرحم وتسمح بإنتقال العدوى إلى الرحم وقناة فالوب.
كان الجدال قائماً حول العلاقة بين التهاب المهبل البكتيري وبين التهاب الحوض، إلى أن أوضح دليلٌ قُدم عام 2013 أنَّ النساء الأصغر من 25 عاماً واللاتي يتعرضن لنوباتٍ حادة ومتكررة من التهاب المهبل البكتيري يكنَّ أكثر عرضةً للإصابة بداء التهاب الحوض.
يتميز داء التهاب الحوض بألم في منطقتي المعدة والحوض، وتشمل المضاعفات الحادة طويلة الأجل للمرض عادةً كلاً من:
- ظهور بعض الندبات خارج وداخل قناتي فالوب، والتي ربما تؤدي إلى انسداد القناتين.
- الحمل خارج الرحم.
- العقم.
المضاعفات أثناء الحمل
إذا تعرضت المرأة أثناء فترة حملها لداء التهاب المهبل البكتيري، فقد تزداد احتمالية تعرض جنينها لمخاطر الولادة المبكرة أو الإجهاض (ويشيع ذلك بصورةٍ أكبر في الثلث الثاني للحمل).
و تتضمن المخاطر الأخرى الشائعة كذلك انخفاض وزن الجنين عند الولادة، والتمزق المبكر للأغشية. وحتى العدوى البكتيرية الضعيفة يمكنها إضعاف أغشية الجنين مؤديةً في النهاية إلى تمزقها.
فإذا حدث ذلك قبل الأسبوع الثالث والثلاثين للحمل، عندئذ لابد من تدخلات طبية عاجلة لمنع حدوث إجهاض، وتجنب إصابة الجنين بالعدوى، وكذلك لتساعد على نمو رئتي الجنين.
تعد العلاقة بين التهاب المهبل البكتيري ومضاعفات الحمل غير واضحة كلياً.
وقد تساءل بعض العلماء ما إذا كان حدوث التهاب المهبل البكتيري يحفز كلاً من هذه الأحداث (وذلك بالنظر إلى أن الغالبية العظمى من النساء الحوامل والمصابات في الوقت ذاته بالتهاب المهبل البكتيري قمن بعمليات وضعٍ طبيعية) أم أن السبب في ذلك يرجع إلى مضاعفاتٍ أخرى أفسح لها التهاب المهبل البكتيري المجال.
عطفاً على ما قيل، تشير أحد الأدلة الحالية إلى أن حدوث التهاب المهبل البكتيري في الثلث الثاني للحمل قد يضاعف من مخاطر الولادة المبكرة بنسبة 60%، بالإضافة إلى زيادة احتمالية إصابة الجنين بداء التمزق المبكر للأغشية بمقدار سبعة أضعاف. غير أن الإستخدام الصحيح للمضادات الحيوية في تلك الحالات يقلل من هذه المخاطر ويدفع بها إلى مستوياتٍ ضئيلة.
و في معرض الحديث عن وسائل الحماية، تجدر الإشارة إلى أن المضادات الحيوية الموضعية أو التي تؤخذ عن طريق الفم والمستخدمة في علاج التهاب المهبل البكتيري (مترونيدازول، كليندامايسين، تينيدازول) لا تعرض الجنين لأية مخاطر. غير أنَّ الكريمات المحتوية على الكليندامايسين قد تسبب خطراً طفيفاً بشأن الولادة المبكرة، ولذا يُنصح باجتنابها أثناء الحمل.
متى يتطلب الأمر مراجعة الطبيب؟
لمّا كانت معظم مضاعفات التهاب المهبل البكتيري تحدث مصحوبةً بأعراضٍ مختلفة، فإنه من الأهمية زيارة الطبيب عند ظهور أيٍّ من تلك الأعراض. احذري من محاولة تشخيص الحالة بنفسك، فقد يؤدي ذلك إلى خضوعك لعلاجٍ خاطيء.
و كذلك من الضروري للغاية اللجوء للطبيب عند إصابتكِ بحمى، أو الشعور بآلام منتشرة في الجسم، أو ألم في منطقتي المعدة و/أو الحوض، أو عسر التبول. فجميع هذه الأعراض قد تشكل علامةً على الإصابة بعدوى أكثر خطورة.
و في حال مصادفتكِ لأعراض التهاب المهبل البكتيري أثناء حملك، اذهبي فوراً إلى طبيب النساء الذي تتابعين معه. واعلمي أن التشخيص والعلاج المبكر للمرض يضمن لكِ حملاً آمناً وخالياً من الأزمات.