يتواجد هذه الأيام تطبيق لكل شيء تقريباً ، ومن ضمن ذلك تطبيقات العلاج. و لم تعد المساعدة في مجال الصحة العقلية mental health استثناءً. فإذا كنت تشعر بالتوتر وترغب في التأمل، فيوجد هناك تطبيق ( app) لذلك. أما إذا كنت تريد أن تبعث برسائل نصية إلى المعالج، فهناك تطبيق لذلك أيضاً.
و تعتبر التطبيقات مغرية و جذابة ، وذلك لأنها توفر راحة فورية مجانية أو مقابل رسوم أقل من العلاج الشخصي.
و لأن لكل مغنم مغرم ، فإن تطبيقات العلاج تخلق بعض المشاكل ، بدءاً من التطبيقات ذاتية التوجيه مثل Happify إلى تطبيقات التأمل مثل Headspace وصولاً إلى تطبيقات العلاج عن بعد مثل Talkspace ، حيث يقدم كل تطبيق خدمات مختلفة قد تكون أو لا تكون مدعومة من خلال البحث العلمي . وحتى لو كان الأمر كذلك ، فقد يكون من الصعب على شخص ما معرفة ما إذا كان سيستفيد من استخدام تطبيق مقابل الطريقة أو الأسلوب الأكثر تقليدية.
و هذا يفرض السؤال التالي : هل تطبيقات العلاج تعمل بالفعل؟
و الجواب هو: ربما.
التطبيقات الصحية
و في حين أن الدراسات المبكرة قد أظهرت أن التطبيقات يمكن أن تكون مفيدة لبعض الأشخاص ، إلا أن الباحثين لم يفهموا أو يستوعبوا التفاصيل بعد. فمن يستفيد أكثر من أي نوع من التطبيق؟ وكيف يمكن تنظيم التطبيقات على أفضل وجه لتلبية احتياجات المستخدمين؟
إن الكثير من هذه الأسئلة و غيرها تقوم باتريشيا آريان Patricia Areán ، أستاذة علم النفس والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة واشنطن University of Washington School of Medicine ، بطرحها على نفسها كل يوم. و تدير آريان Areán مختبركرييتف CREATIV بجامعة واشنطن University of Washington ، حيث تدرس هي وزملاؤها طرقاً مبتكرة للعلاج قادرة على تلبية الأشخاص أينما كانوا.
و تقوم حالياً بإجراء دراسة مستقلة بالتعاون مع أحد تطبيقات العلاج ، و ذلك لمعرفة ما إذا كان التطبيق فعالاً ، وإذا كان الأمر كذلك ، ففي ظل أي ظروف يكون كذلك .
إنها ترى دلائل مبشرة و واعدة فيما يتعلق بتطبيقات الصحة العقلية mental health لأنها يمكن أن تجعل الحصول على الرعاية أسهل للأشخاص الذين لا يستطيعون مقابلة الطبيب المعالج شخصياً بسبب حواجز الوصول - مثل العيش في منطقة ريفية أو عدم القدرة على تحمل تكاليف العلاج التقليدي - أو الذين يترددون لاتخاذ مثل هذه الخطوة الكبيرة.
و تقول آريان Areán : " إنني أحب هذه الفكرة وهي العلاج عند الطلب on-demand therapy ، إلا أنني أدرك أنه من الممكن أن يكون هناك قيود على ذلك أيضاً " .
و نظراً لأنه لا يزال هناك حاجة إلى إجراء الكثير من الأبحاث ، فلا يوجد إجماع حتى الآن بين الخبراء حول ما إذا كانت التطبيقات مفيدة أم لا. وفي النهاية ، فإن هذا الأمر يعتمد على الشخص واحتياجاته الخاصة.
كيفية اختيار تطبيق العلاج المناسب :
تقول آريان Areán : أن مدى فائدة تطبيق ما يعتمد على عدة أشياء ، مثل مقدار ما يعانيه الشخص ومقدار الدافع الموجود لديه لتحقيق و تلبية أهدافه.
وإذا كنت مهتماً بتجربة تطبيق علاج ما ولكنك لا تعرف من أين تبدأ ، فإليك عدداً من نصائحها :
فكر في مقدار المساعدة التي تحتاجها :
إن نوع العلاج الذي تحاول تجربته وطريقة الوصول أو الولوج إلى التطبيق التي ستكون أكثر فائدة لك من الممكن أن يعتمد على المقدار الذي تتداخل فيه أعراض الحالة المرضية عندك مع حياتك (أو أنها ليست كذلك).
إن هذه التطبيقات Apps يمكن أن تكون مفيدة لشخص يحتاج إلى الاسترخاء بعد يوم طويل محبط في العمل أو شخص يمر بضائقة قاسية مؤقتة ، إلا أنه من الممكن ألا تكون هذه التطبيقات سليمة او قوية التأثير بما يكفي لمساعدة شخص قلق للغاية يواجه صعوبة في الذهاب إلى العمل يومياً .
وتقول أريان Areán : "إذا كنت تعمل ولكنك تشعر بالتوتر ، فأنا لا أرى أي خطأ في تجربة واحدة من هذه التطبيقات . إذ أنه من الممكن أن يكون ذا فائدة لك . أما إذا استمرت الحالة لتصبح أسوأ حالاً أو كان لديك أعراض أكثر تداخلاً مع العمل أو الأنشطة اليومية ، فعليك بالتأكيد محاولة الحصول على مساعدة من شخص ما".
وذلك لأن العديد من التطبيقات لا تملك الكثير من الأبحاث التي تدعم أساليبها. إذ أنهم حتى لو قالوا إنهم يتبعون الممارسات القياسية أو المعيارية ، مثل العلاج السلوكي المعرفي cognitive behavioral therapy ، فإن هذا لا يعني أنهم في الواقع يفعلون ذلك - أو أنهم إذا فعلوا ذلك ، فإن هذه الأساليب القائمة على الأدلة تعمل في سياق التطبيق مقابل الإعدادات او الأطر التقليدية.
أما إذا كنت تعاني حقاً ، فقد يكون من الجيد اختبار الأساليب المجربة والحقيقية أولاً ، مثل رؤية معالج أو التحدث مع طبيبك ، لأن هذه الأساليب لها دراسات بحثية لا حصر لها تدعمها.
عليك أن تعرف أي نوع من العلاج يناسبك بشكلٍ افضل :
أود أطرح عليك سؤالاً هنا : هل أنت واحد من هؤلاء الأشخاص الذين يعتمدون على أنفسهم أو لديهم انضباط ذاتي self-disciplined والذين يستخدمون قوة الإرادة للتمسك بهدفك على الرغم من المشتتات أو الإضطرابات ؟ أو هل من المحتمل أن تفقد الدافع إذا لم يكن لديك شخص ما يحاسبك؟
تؤكد أريان Areán أن فهم المعسكر الذي من المرجح أنك تنتمي إليه يمكن أن يساعدك في تحديد نوع العلاج القائم على التطبيق الذي قد يكون مناسباً لك.
و يتمثل النمط الذي لاحظته أريان Areán في بحثها في أن الناس قد يلتزمون مبدئياً باستخدام تطبيق ما ولكنهم سيفقدون الاهتمام به بعد بضعة أسابيع. وخلال تلك الأسابيع ، ربما اختبروا بعض الفوائد من التطبيق و الحد من هذه الأعراض ، و لكن هل كانت هذه الآثار طويلة الأمد؟
و كما تقول أريان Areán فإن : "هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أنه مع التدخلات القائمة على الإنترنت ، يمكنك استغلال هذه الميزة إلى أبعد حد واستخدام العلاج النفسي الرقمي digital psychotherapy إذا كان هناك معالج أو مدرب فعلي".
و هذا قد يعني استخدام التطبيق الخاص بك مسترشداً بمعالج شخصي ، أو باستخدام تطبيق يتيح لك التواصل مباشرة مع المعالج.
وفي إحدى الدراسات التي شاركت في تأليفها أريان Areán ، ذكر المشاركون أنهم يفضلون العلاج الشخصي إضافة إلى الاستخدام الموجه ذاتياً للتطبيق ،وذلك بالمقارنة مع استخدام التطبيق الذي يوجهه معالج أو أخصائي دعم نظير.
ومع ذلك ، فقد عبر الأشخاص عن مخاوفهم من عدم شعورهم بالمسؤولية إذا استخدموا تطبيقاً ما دون توجيه. أما بالنسبة لأولئك المهتمين بمقابلة أخصائي علاج شخصي ، فقد كانت حواجز الوصول و الولوج إلى التطبيق تشكل مصدر قلق أيضاً.
وحالياً، هناك إدراك ضعيف بين الباحثين حول أي من المرضى الذين قد يستفيدون أكثر من هذه الخدمات . و تعمل أريان Areán على اقتراح مقدم إلى المعاهد الوطنية للصحة National Institutes of Health (NIH) لدراسة ثلاثة مستويات مختلفة من العلاج النفسي القائم أو المعتمد على التطبيق. حيث أن هدفها هو معرفة من يستجيب بشكل أفضل للعلاج القائم على التطبيق أو المعتمد على نظام الرسائل النصية والذي قد يحتاج إلى زيادة الرعاية الصحية العقلية الشخصية.
و في غضون ذلك ، أياً كان الأسلوب الذي تختاره - ومدى فعاليته - يمكن أن يعتمد على الكثير من العوامل المختلفة ، بعضها تحت سيطرتك وبعضها لا.
كن على علم بقضايا الخصوصية والأمان :
لا شك أن إحدى المشكلات الرئيسية التي يواجهها بعض الأشخاص مع تطبيقات العلاج هي شيء رأته أريان Areán في دراستها و هو : مخاوف تتعلق بالخصوصية.
وتقول في هذا الشأن أنه : "من الصعب معرفة مدى أمان بياناتهم".
و لذلك وقبل الالتزام بتطبيق معين ، من المستحسن التعرف على كيفية تخزين البيانات وإجراءات الأمان الموجودة فيه. و توصي أريان Areán بقراءة الشروط والأحكام وسياسة الخصوصية - وكما تعلمون ، إنها تلك الأشياء التي عادةً ما تنقر فوق خيار"قبول accept " بدون حتى إلقاء نظرة خاطفة عليها.
و تضيف أريان أن هناك بعض التطبيقات تقوم بتخزين البيانات مباشرة على هاتفك بدلاً من التطبيق نفسه ، و قد يكون هذا أكثر أماناً. وفي كلتا الحالتين ، أنت تريد معرفة ما نوع أمان البيانات الذي يوفره التطبيق حتى تشعر بالراحة عند مشاركة معلوماتك الصحية الشخصية.
قم بالتجربة حتى تعثر على تطبيق مناسب لك :
تقول أريان Areán إن أحد التحديات المهمة التي تواجه العلاج القائم على التطبيق هو أن العديد من التطبيقات مصممة بطريقة تفرض عليك بنية معينة بدلاً من أن يلائم هذا التطبيق وأدواته حياتك أنت، و لكنها تلائم الإحتياجات و المتطلبات التي يفضلها الطبيب المعالج.
و تتابع قائلة : " إننا لا نتحدث مع المرضى حقاً عندما نصمم هذه الأدوات ، لذلك فنحن نضع افتراضات حول ما يريده الناس من التكنولوجيا في عملية شفائهم".
ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟
قد لا يكون التطبيق الأول الذي جربته هو التطبيق الذي تفضله – و لا بأس في ذلك . من أجل ذلك ، جرِّب بعض التطبيقات المختلفة حتى تجد تطبيق يوفر لك جميع الميزات التي تبحث عنها. وكلما أعجبك التطبيق وشعرت أنه مفيد ، كلما زاد احتمال استخدامك له .
أما إذا كنت لا تزال غير متأكد ما إذا كان التطبيق هو الخيار المناسب لك أم لا ، فإن أريان Areán توصي باختبار أحد التطبيقات لأنه من الممكن أن يثبت أنه تطبيق مفيد ؛ وحتى لو لم يحدث ذلك ، فلا يوجد أي ضرر في المحاولة.
وتقول: " إنني لا أعتقد أن هذا سيؤذيك".
و أخيراً ، فإنه وحتى لو لم ترق هذه التطبيقات إلى مستوى توقعاتك ، فهي تحمل معلومات مفيدة يجب أن ترافقك أثناء البحث عن حل أفضل.