ميكروبات الأمعاء و دورها في الحفاظ على كتلة العضلات حتى مع التقدم بالعمر

الأمعاء
ميكروبات الأمعاء و دورها في الحفاظ على كتلة العضلات حتى مع التقدم بالعمر

هل تستطيع ميكروبات الأمعاء أن تكون مفتاح التغلب على فقدان العضلات في العمر المتقدم (الشيخوخة)؟

تشير الأبحاث الحديثة على الفئران إلى أن ميكروبات الأمعاء  gut microbiota لها دور كبير في تنظيم كتلة العضلات ووظائفها.

وتقدم النتائج البحثية، أدلة جديدة -ليس فقط- على كيفية عمل العضلات ونموها وتطورها ، ولكن أيضاً على كيفية تواصلها مع الأعصاب التي تتحكم بالحركة.

و يشير هذا الكشف الحديث -أيضاً- إلى اتجاهات جديدة محتملة للتصدي لفقدان كتلة العضلات وقوتها المصاحبة للشيخوخة عادةً.

و قد قاد العلماء في جامعة نانيانغ التكنولوجية (Nanyang Technological University- NTU) في سنغافورة الدراسة الدولية ، والتي ظهرت كورقة علمية حديثة في Science Translational Medicine.

وقارن العلماء بين القوة والحركة لدى الفئران التي اخضعت لسلسلة من التمارين في المختبر.

و من خلال التجارب كانت بعض الفئران خالية من الجراثيم germ-free وليس لديها ميكروبات أمعاء gut microbes أو ميكروبيوتا microbiota ، في حين كانت بقية الفئران طبيعية وصحية وتحتوي على ميكروبات الأمعاء.

وقد وجد الباحثون أن الفئران التي لا تحتوي على ميكروبات الأمعاء لها عضلات هيكلية أضعف وتنتج طاقة أقل من الفئران التي تحتوي على ميكروبات الأمعاء. 

بالإضافة إلى ذلك ، فقد وجد الفريق أن زراعة ميكروبات الأمعاء من الفئران العادية إلى الفئران الخالية من الجراثيم زادت من كتلة العضلات وقوتها. كما أدى هذا التدخل إلى استعادة جزئية لنمو العضلات ووظيفتها لدى الفئران الخالية من الجراثيم سابقاً.

وكما يقول كبير مؤلفي الدراسة ، سفين بيترسون Sven Pettersson ، الأستاذ في كلية لي كونغ تشيان للطب Lee Kong Chian School of Medicine في جامعة NTU ، "إن هذه النتائج تزيد من تعزيز الأدلة المتنامية على أن ميكروبات الأمعاء تعمل كحارس بوابة مهم لصحة الإنسان ، وتوفر نظرة جديدة على صيانة كتلة العضلات. فيما يتعلق بالشيخوخة ".

ميكروبات الأمعاء شريك مع الخلايا البشرية

يشير الكم الهائل من الأبحاث التي تم تحديثها في السنوات الأخيرة إلى أن تريليونات الميكروبات التي تعيش في الأمعاء البشرية تتفاعل مع جميع الخلايا البشرية تقريباً.

وفي هذه الشراكة مع الخلايا البشرية ، تلعب الميكروبات المعوية أدواراً أساسية في عملية الاستقلاب (الأيض) metabolism ، والمناعة immunity والوظائف الرئيسية الأخرى للجسم.

وعلى سبيل المثال ، ذكرت العديد من الدراسات أن التغيرات في ميكروبات الأمعاء تحدث أثناء السمنة obesity وأمراض الكبد liver disease و مرض السكري diabetes. وتشير هذه الدراسات أيضاً إلى أن ميكروبات الأمعاء مشاركة في السرطانات والحالات العصبية التي تدمر أنسجة المخ.

ونتيجة لهذه الكشف الكبير، أصبح الباحثون مهتمين بشكل متزايد بتغيير ميكروبات الأمعاء كوسيلة لعلاج هذه الحالات.

يقول البروفيسور بيرتسون إن النتائج الأخيرة تمهد الطريق أمام الدراسات لفحص كيف يمكن للميكروبات المعوية والمواد التي تنتجها أن تكون بمثابة أهداف علاجية لتحسين قوة العضلات لدى كبار السن.

وينبغي أن تكون نتائج هذه الدراسات ذات أهمية خاصة للبلدان التي يتقدم فيها السكان بسرعة كبيرة ، مثل سنغافورة Singapore.

فقدان كتلة العضلات شيء متعلق بالشيخوخة

إن فقدان كتلة العضلات ، هي السمة المميزة للساركوبينا sarcopenia (فقدان الأنسجة العضلية كجزء طبيعي من عملية الشيخوخة.)، ويميل إلى الحدوث بشكل طبيعي مع تقدم العمر. وقد ربطت الأدلة هذه الخسارة بالسقوط والكسور والإعاقة.

و تعتبر إحدى الآليات التي درسها البروفيسور بيترسون وزملاؤه هي كيف تتفاعل الميكروبات المعوية مع التواصل بين العضلات والأعصاب.

فقد رأى الفريق أن الفئران التي تفتقر إلى ميكروبات الأمعاء لديها مستويات أقل من بعض البروتينات الضرورية للحركة. 

إذ أن هذه البروتينات تساعد على إنشاء وتشغيل الوصلات التي تسمح للخلايا العصبية التي تتحكم بالحركة بإرسال واستقبال الرسائل من ألياف العضلات الهيكلية skeletal muscles. و ليكون لبعض هذه الرسائل دور الآمر للعضلات بالتقلص.

وبالإضافة لما سبق فقد وجد الفريق أن زراعة ميكروبات الأمعاء من الفئران العادية إلى الفئران الخالية من الجراثيم أعادت هذه البروتينات إلى مستويات كانت أقرب إلى مستويات الفئران السليمة.

وقد لاحظ الباحثون أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم ما يحدث في هذه الوصلات العصبية والعضلية بشكل كامل لإحداث هزال في العضلات واختلال وظيفي لدى الفئران الخالية من الجراثيم germ-free mice. 

المشاكل مع الميتوكوندريا mitochondria

إن بعض النتائج الحديثة سلطت بعض الضوء على جانب آخر من الهزال أو الضمور.

ففي التجارب ، قام الباحثون بتقييم مدى قدرة الفئران على توليد الطاقة لأنها واجهت تحديات مختلفة. وشملت المهام عقد الأوزان الثقيلة تدريجياً والجري بسرعات متزايدة.

(*) الميتوكوندريا: هو كائن عضوي موجود بأعداد كبيرة في معظم الخلايا ، تحدث فيه العمليات الكيميائية الحيوية للتنفس وإنتاج الطاقة. ويحتوي على غشاء مزدوج ، يتم طي الطبقة الداخلية للداخل لتشكيل طبقات، (تم اشتقاق الميتوكوندريا من بكتريا الإندوسيبولوجيا endosymbiosis bacteria).

وقد كشفت هذه التجارب أن الفئران التي لا تحتوي على ميكروبات الأمعاء لديها مشاكل في توليد الطاقة في عضلاتها الهيكلية (المرتبطة بالهيكل العظمي) skeletal muscles.

و من خلال التجارب بدت العضلات الهيكلية للفئران الخالية من الجراثيم أقل قدرة على صنع الميتوكوندريا mitochondria واستخدامها ، وهي القوى الصغيرة داخل الخلايا التي توفر لها الطاقة لمختلف وظائفها.

ورأى الفريق كيف أن زراعة ميكروبات الأمعاء من الفئران العادية إلى الفئران الخالية من الجراثيم زادت من نشاط الإنزيمات في الميتوكوندريا الخالية من الجراثيم. 

وبالإضافة إلى ذلك فقد ساعدت زيادة نشاط الإنزيم في الميتوكوندريا العضلات الهيكلية للفئران الخالية من الجراثيم على إنتاج المزيد من الطاقة.

ويختتم المؤلفون بعبارة مهمة:

"إن نتائجنا تشير إلى دور الكائنات الحية الدقيقة في القناة الهضمية (ميكروبات الأمعاء) gut microbiota في تنظيم كتلة العضلات الهيكلية و وظائفها لدى الفئران."

المصدر


الوسوم



المؤلف

هدفنا إغناء المحتوى العربي لأن القارئ العربي يستحق المعلومة الصحيحة والمفيدة، و التي تنشر الآن في أهم المواقع العالمية ،


التعليقات

    • الأن