بالتأكيد يعتبر البلاستيك جزء لا غنى عنه في الحياة اليومية. الزجاجات والأكياس والتغليف والأجزاء المصبوبة من البلاستيك مصنوعة من البلاستيك خفيفة الوزن ومقاومة للماء و للتعفن. و في حين أن هذه الصفات تحظى بتقدير كبير أثناء الاستخدام ، إلا أنها ستكون قصة مختلفة عندما يتعلق الأمر بإيداع النفايات البلاستيكية في البيئة.
و هنا ، تصبح نعمة الاستمرارية لعنة عدم التحلل و الفناء.
منذ أن تم اختراع أول بلاستيك صناعي بالكامل في عام 1907 من قبل الكيميائي ليو بايكلاند (Leo Baekeland) ، فإن الباكلايت (Bakelite) أو البوليوكسي بنزيل ميثيل الأنسلين كوليكهيد هيدريد (polyoxybenzylmethylenglycolanhydride) (حاول أن تكرر هذه الكلمة ثلاث مرات بسرعة ☺) قد مهد الطريق لعصر البلاستيك الحديث.
إذ أن معظم المواد البلاستيكية هي مواد تركيبية -من صنع الإنسان- ، مصنوعة من البوليمرات ، و هي جزيئات طويلة مبنية حول سلاسل من ذرات الكربون ، تحتوي -عادةً- على الهيدروجين و الأكسجين و الكبريت و النيتروجين في فراغاتها .
و الآن ، و بعد مرور أكثر من 100 عام على اختراعه ، يتعهد العالم بالحصول على بلاستيك جديد (Free Plastic 2018) أقل ضرراً , و ذلك نظراً لآثاره السلبية الكبيرة على البيئة و الإنسان.
مشكلة عدم تحلل البلاستيك
أوضح الباحثون أن البلاستيك لا يتحلل. فقد يتكسر و ينقسم إلى حبيبات أصغر حجماً ، لكنها تتراكم. و غالباً مع عواقب مروعة على الحياة البرية ، لتقوم بتكوين أكوام مفسدة من الأكواب و الزجاجات و الأكياس البلاستيكية المهملة و غيرها من النفايات غير القابلة للتلف في كل مكان تقريباً على شواطئ المحيط و في مختلف أنحاء الكوكب.
للعلم فهذه النفايات هي الآن مشكلة بيئية حقيقية، و الدراسات الأخيرة حددت على الأقل حجم المشكلة.
لكن ما هو الدور الفعلي للبلاستيك في البيئة و من أية مواد صنع، و لماذا لا يتحلل في التربة؟
أسئلة كثيرة لابد من الحصول على إجابة لها. و بما أن البلاستيك يعتبر بوليمر مرن ، فإنه يتكون من سلاسل طويلة من جزيئات اصطناعية أو شبه اصطناعية.
و يمكن تقسيم هذه البوليمرات إلى فئتين إما من Thermosets و Thermoplastics فبمجرد تشكيل المنتجات باستخدام Thermosets (كما يوحي الاسم) فإن المنتج يأخذ شكله النهائي و لا يمكن إعادة تشكيله من جديد.
و من ناحية أخرى ، يمكن إعادة تشكيل Thermoplastics مراراً وتكراراً.
أما من أجل تشكيل سلاسل البوليمر هذه ، يجب لصق عدة سلاسل أقصر ، تعرف باسم المونومرات (Monomers). فيمكنك التفكير في بوليمر Polymer كجزيء كبير من خلال تكرار قطعة صغيرة تسمى مونومر مراراً وتكراراً ؛ لذلك البوليمر Polymer هي ببساطة "العديد من المونومرات".
إذا كنت تستطيع أن تتخيل قطار طويل من العديد من العربات إلى جانب بعضها البعض ، فهذا ما يمكن تشبيهه بالبوليمرات. فالعربات هي المونومرات والقطار بأكمله -والمصنوع من الكثير من العربات المتطابقة- هو البوليمر.
خذ -على سبيل المثال- البولي إيثيلين ، هو بوليمر مصنوع من إيثيلين المونومر في البترول الطبيعي المكرر / النفط الخام.
و عندما تحمل الروابط بين الكربون و الكربون هذه الجزيئات الطويلة معاً، فإن هذه الروابط هي التي تجعل البلاستيك أبدي و غير قابل للتحلل.
و خذ على سبيل المثال موزة منسية في الجزء الخلفي من ثلاجتك و التي قد تركت حتى تخربت و انتهى تاريخ صلاحيتها أكلها, ستبدو طرية و بنية و تصدر رائحة مختلفة فهذا هو الرد على التحلل الذي يكسر الروابط الببتيدية بين جزيئات الموز.
و إلى يومنا هذا لا توجد أية كائنات حية تطورت لتحطم الروابط بين الكربون و الكربون في البلاستيك و بالتالي لن تتحلل المواد البلاستيكية.
مشكلة البلاستيك في تضخم
بالإضافة إلى أن الكثير من المواد البلاستيكية التي نستخدمها يتم صنعها لتكون منخفضة التكلفة للاستعمال لمرة واحدة ، فبالتالي نحن نخلق الكثير من النفايات البلاستيكية.
و نتيجة لتراكم الكميات الهائلة من القطع البلاستيكية سنجد مثلاً "بحيرة" عملاقة من البلاستيك العائم في وسط شمال المحيط الهادي من زجاجات النفايات البلاستيكية و قطع البلاستيك الأخرى.
و لكن، كيف يمكننا حل المشاكل الرهيبة لتراكم البلاستيك؟
سؤال كبير و معقد .. يطرح البعض حلاً وحيداً ألا و هو تحسين التعليم العام.
فإذا كان الناس على دراية بالمشكلة ، فقد يفكرون بشكل جدي في تنظيف البيئة أو ربما يختارون شراء أشياء تستخدم عبوات بلاستيكية أقل. و هناك حل آخر هو إعادة تدوير المزيد من البلاستيك ، و لكن ذلك يتطلب مستوى أفضل من التعليم العام.
إذ أن ذلك يخلق مشاكل عملية أخرى كالحاجة إلى فرز البلاستيك بحيث يمكن إعادة تدويرها بفعالية دون تلوث.
و يطرح آخرون حلاً ثالثاً , و هو تطوير البلاستيك الحيوي، و هو منتج جديد من اللدائن القابلة للتحلل الحيوي التي يمكن أن تتحلل بسرعة أكبر في البيئة.
و مع ذلك ، و حتى الآن فإن هذه القوة الخارقة للحياة الأبدية للبلاستيك ليست نعمة، و لا هبة بل نقمة كبيرة مشكلة معقدة -و خصوصاً- عندما يتعلق الأمر ببيئتنا.
إنه -البلاستيك- يهدد الحياة البرية و البحرية ، ويدمر النظم البيئية و يدخل في السلاسل الغذائية.
و للأسف الشديد... مع وجود 8.3 مليار طن متري من البلاستيك منذ عام 1950 ، فهناك الكثير من البلاستيك في العالم.
و أخيراً..
يصعب التخلص من المواد البلاستيكية المحتوية على الفلور (متعدد رباعي فلورو إيثيلين ، PTFE ، الاسم التجاري "تفلون") و الكلور (بولي فينيل كلوريد ، بولي كلوريد الفينيل). إن هذه المواد لا تحترق من تلقاء نفسها أو أنها تحترق بشكل سيئ، مرسلة غازات مضرة للإنسان و البيئة .
و ستكون الطريقة الأبسط و الأكثر فعالية من حيث التكلفة لوقف تدفق النفايات إلى المحيطات واضحة - هي تقييد الاستهلاك على نطاقٍ واسع، و زيادة معدل إعادة التدوير.
عزيزي القارئ
لأننا نهتم، نتمنى أن تكتب لنا في التعليقات عن المواضيع التي ترغب و تهتم بها لنتمكن من تقديمها لك، لرغبتنا في أن يعبِّر موقعنا عن اهتمامات القارىء العربي.
كما ونرجوا منك مشاركة المقال في حال أعجبك المحتوى.
ننصحك بقراءة المقالات التالية :
بكتيريا تأكل البلاستيك ... العلماء بطريقهم للتخلص من هذه المعضلة
البلاستيك في كل عينة من عينات من المأكولات البحرية تم تحليلها : هذا ما وجدته دراسة حديثة