لا توجد في عالمنا أحداثٌ عشوائية، و لا يقع شيءٌ بمحض الصدفة ... كل المصادفات لها معانيها و دلالاتها. و بشكلٍ ما، نرتبط جميعاً ببعضنا.
عندما توسّع مداركك، سيتراءى لك كيف أن الأحداث التي كانت تبدو عشوائية تحدث لخدمة غرضٍ أكبر. - ديباك شوبرا.
إنك تعرف ما أعنيه.
أتذكر تلك اللحظات حينما كان تفكيرك منشغلاً بشخصٍ ما تحبه كثيراً و لم تره منذ فترة طويلة وإذ فجأةً تصطدم به؟
أو يأتيك منه اتصالٌ على حين غرة؟
حسناً، كيف يحدث ذلك؟
كانت لديّ صديقة تسافر كثيراً إلى النصف الآخر من العالم، و في أحد الأيام، فوجئت بالشخص الذي كانت تعشقه بجنونٍ فيما سبق – و الذي استغرقت عقداً من عمرها لتتجاوزه – في نفس البلد معها، على الجانب الآخر من الكوكب.
ما الذي كان يُفترض بها فعله؟
هل كانت تلك إشارةً تدعوها لوصل ما انقطع؟
أم هل كانت إشارةً تحثها على تجاوز كل ما حدث؟ و أن تغلق باب هذا الفصل من حياتها للأبد؟ بالنسبة لها كانت فترةً مربكة.
هل سبق لك خوض تجربةٍ من هذا القبيل؟
إننا جميعاً متصلون بقوةٍ كونية واحدة
أليس كذلك؟ حسناً. إليك السبب. جميعنا متصلون ببعضنا في أعمق أعماقنا.
يشعر البعض منا بهذا بقوةٍ تفوقُ الآخرين، و هناك عددٌ متزايد من الأدلة في مجال فيزياء الكم Quantum physics و التي تشير إلى أن هذا الأمر ليس مجرد ضرب من الوهم أو الخيال.
و لكن معظمنا معتادٌ على فكرة أن أدمغتنا تدير كل شيء. و بينما تقوم بذلك، يتسنى لها خداعنا بجعلنا نعتقد أن جميع ما نتصوّره حقيقيّ. غير أنه لا يكون كذلك بالضرورة.
و عندما نركن إلى السكون و نسمح لقلوبنا بتقلّد زمام الأمور بينما نأمر عقولنا بالهدوء، فإننا نبدأ حينها في "الإحساس"، و خوض غمار التجربة، و بالتالي استيعاب هذا الأمر بشكلٍ أفضل قليلاً.
لأنه حينها، يتسنى لنا الإنصاتُ إلى حدسنا. و في الحقيقة، إن الحدس هو الشيء الذي يجب أن نأذن له بتحمُّل المسؤولية لأنه يعرف ما الذي يُعدّ جيداً بالنسبة لنا، و ما ليس كذلك. فعندما نُفسح له الطريق لإرشادنا، فإننا نغدو أقل ميلاً إلى الشعور بالارتباك أو اتخاذ قرارات سيئة أو إضاعة الوقت في اتباع الأشياء التي لا تخدمنا.
و من أجل فهم حقيقة الأمور التي تحدث على المستوى دون الذري داخلنا عندما نفكر في شخصٍ ما أو نشعر بشيءٍ ما، يلزمُ أولاً سد الفجوة بين عالمنا الصغير و العالم الكبير.
و للعلم فإن هذا يحدث هذا داخلنا بشكلٍ تلقائي. ففي كل مرةٍ نفكر فيها، تقوم دماغنا ببث تردد معين. و بامتلاكنا للإحساس أو المشاعر الكافية، فإننا نجذب إلينا القوة الدافعة المطلوبة لجذب هذا الشيء الذي نركز عليه نحونا.
لذا ... إذا كانت الأفكار و العواطف و الطاقة ذات طبيعة ذبذبية، (وهي كذلك بالفعل)، فسيكون كل ما يتعلق بالفكر و الشعور و الإدراك و التجربة اهتزازياً (ذبذبياً) بالتأكيد – و الواقع ذاته لا يعدو كونه عرضاً اهتزازياً (ذبذبياً). وهذا معنى أن نكون جميعاً متصلين.
نهر الحياة لا يتوقف عن الجريان و الطاقة لا تتوقف أبداً عن السريان
لا تتوقف الأشجار عن النمو، و لا تتوقف الفصول عن التغيُّر، و يُضحي الليل نهاراً و النهار ليلاً. فنحن في عالم دائم التغير. و التغيير حدث ثابت. غير أن التغيير يحدث لصالحنا، و ليس لنا ... و الحقيقة البسيطة للغاية هي أننا إذا وقفنا في وجه التغيير، و حاولنا منعه من الحدوث، فمن الممكن أن نضيّع الفرص الرائعة التي تقدمها الحياة
ثم سرعان ما ينتابنا الاختناق و الارتباك. و تأخذ كل أنواع الأشياء الأخرى في الحدوث، و البعض منها لا يكون جيداً لأنها تمارس علينا ضغطاً كبيراً.
و في الحقيقة هذا الأمر شائعٌ جداً لأننا نعيش داخل عالم مزدحم مشغول دون أن يُسمح لنا بقضاء وقتٍ كاف في حالة الصمت. و الصمت ذهبي...
إننا بحاجته للاستفادة من أنفسنا و القوة الكامنة داخلنا، و كذلك تلك القوى الحيوية التي تُظهر أننا جميعاً متصلون بجميع الطاقات الأخرى المحيطة بنا.
فإذا لم نكن على دراية كافية بأفكارنا و مشاعرنا، أو إذا لم نصغِ إلى الإشارات التي توجّهنا نحو قراراتٍ حكيمة و قوية، فلن نتمكن من رؤية الفرص الاستثنائية التي لا تتوقف الحياة عن تقديمها لنا.
لكل شيءٍ جماله الخاص
كثيراً ما نتجاهل حدسنا أو شعورنا الغريزي. و أحياناً نشعر بأن شيئاً ما ليس صحيحاً، و لكننا نتجاهله لأننا لا نكون متأكدين تماماً من هويته، أو لإنه لا يمكننا تحديد كنه هذا الشعور بالضبط.
ثم لا يمر الكثير من الوقت إلا و نفاجئ بحدوث سلسلة من الأحداث المتعاقبة، و ينتهي بنا المطاف عند اللحظة (عادةً بعد فوات الأوان) التي يمكننا عندها أن نقول "أجـــــــل، إن هذا هو السبب"، عندها نمنح أنفسنا لقب الحكماء لأننا كنا نعرف ما كان يحدث طوال الوقت.
لكن دعني أخبرك سراً؛ هناك أشخاص يعرفون بالفعل ما كان يحدث طوال الوقت لهم و للآخرين. و هم يعلمون لأنهم يسمحون لأنفسهم بمزاولة الصمت.
إنهم يعيشون دون الكثير من الاضطرابات، و يتصلون مع الأرض و الطبيعة بأقدامٍ عارية و بشكل منتظم، و لذلك فإنهم ينجحون في تغذية تلك الأجزاء من أجسادهم التي تساعدهم على الاستفادة من حدسهم.
و إليك الأمر؛ بوسعك أنت أيضاً تسخير هذه القوة.
و للبدء في عيش حياة تتوائم مع القوى الكونية، الأمر الذي بوسعه أن يثبت لنا على الدوام مدى القوة التي نتمتع جميعاً بها.
بيد أننا غالباً ما نكون مشغولين في التشكيك بأنفسنا أو ملء حياتنا بالأشياء التي لا معنى لها لأننا لا نشعر بالراحة طوال الوقت. ثم ينتهى بنا المطاف في حالة من عدم التوازن... ثم ... حسناً تعبّر الكاتبة أنايز نين Anais Nin عن ذلك بشكلٍ رائع:
إننا لا نرى الأشياء بشكلها الحقيقي، بل نراها بشكلنا الحقيقي.
إنَّ كل ما ننتقده في الآخرين أو في الحياة أو في العمل هو شيءٌ بداخلنا لا نريد مواجهته. و الشيء ذاته الذي نتجاهله هو تحديداً الشيء الذي يجب أن نركز عليه.
و الأمر صحيحٌ على كلا الوجهين. فعندما يتم انتقادك أو عندما يقول لك أحدهم شيئاً ما أو يخاطبك بطريقة معينة - فالأمر لا يتعلق بك. إنما يتعلق به و بمدى الكبت وعدم الاستقرار الذي يسيطر عليهم.
وسّع مداركك
عش الحياة بوعيٍ و أناةٍ أكثر. كن ممتناً لكل الأشياء الرائعة في حياتك و صحتك و علاقاتك و عملك. فأنت إذ تفعل هذا، تجعل تركيزك منصباً على اللحظة الآنية التي تعيشها، و إلى حيث تحدث الأشياء السحرية طوال الوقت.
فعندما تكون متيقظاً، من خلال التركيز بشكلٍ كامل و باهتمامٍ كبير على الحاضر دون أي شكل من أشكال الانتقاد، فحينها يمكنك أن تعيش حقاً في اللحظة الحالية: الآن. NOW
و بعد ذلك يمكنك الشروع في "اختبار" الحياة لأنك تعيش داخلها.
فأنت في الوقت الحالي PRESENT، لست عالقاً داخل رأسك تفكر بالماضي أو بالمستقبل.
تذكّر: لا توجد أفعال عشوائية أو مصادفات أو فرص.
و مع ذلك، بإمكانك أن تكون أسوأ عدو لنفسك عندما تقف في وجه المنح العظمى التي تقدمها الحياة، لإنك لا تلقي بالاً للإشارات. إذ أن الإشارات تتجلّى لك فقط حينما تكون عيناك مفتوحتين على مصراعيهما؛ و عندما تكون متيقظاً، و تستثمر وقتاً، كلما أمكن، للسكون و الصمت.
إنها لمرحلةٌ هامة في الطريق تلك التي تغدو عندها منتبهاً لمقدار الوقت و الطاقة اللذين تستثمرهما في العالم. و عندما تجد نفسك مستغرقاً في التفكير في ماضيك أو مستقبلك، ما عليك سوى إعادة عقلك إلى اللحظة الحالية.
خذ نفساً عميقاً، واستوعب ما يحدث حولك. و تحقق دوماً من شعورك.
ابقَ بعقلٍ متفتح... و كن ممتناً لكل ما تعلمته و كل ما أضاف لخبراتك.
لأنك إن لم تتوقف و ترهف السمع، فلن تعرف أبداً ما يخبرك به حدسك.
و هذا هو الوقت الذي تتكشف عنده الحياةُ حقاً. و هذه هي الكيفية التي تربطنا جميعاً ببعضنا.