يعرف انخفاض أو ضعف الرغبة الجنسية Low libido على أنه مصطلح يستخدم لوصف انخفاض الدافع الجنسي sex drive الذي يمكن أن يتداخل مع النشاط الجنسي sexual activity .
وفي حين أن انخفاض الرغبة الجنسية يمكن أن يسبب توتراً في العلاقة ، و الذي من شأنه أن يولد الشك والشعور بالذنب لدى كل من الشريكين ، فإنه من الممكن علاجه في كثير من الأحيان إذا تم تحديد السبب الأساسي الكامن وراءه .
و تجدر الإشارة هنا إلى أنه لا ينبغي الخلط بين الرغبة الجنسية المنخفضة مع حالة ضعف الانتصاب (الضعف الجنسي) erectile dysfunction (ED) ،و ذلك على الرغم من أنه من الممكن أن تتعايش أو تتواجد الحالتان معاً . لذلك هناك حاجة إلى التواصل والصدق بين الزوجين للتعامل مع تحديد الأسباب المحتملة.
و قد يختلف العلاج وقد يشمل العلاج النفسي psychotherapy أو استبدال الهرمونات hormone replacement أو تغيير نمط الحياة أو تعديل العلاجات الدوائية.
و قد يكون سبب الرغبة الجنسية المنخفضة في بعض الأحيان عامل واحد ، إلا أنه و في كثير من الأحيان يرتبط بعوامل متعددة يسهم كل منها بطريقته الخاصة.
ومن بين الأسباب الأكثر شيوعاً : انخفاض هرمون التستوستيرون low testosterone ، والأدوية medications ، والاكتئاب depression ، والأمراض المزمنة chronic illness و التوتر (القلق stress ).
انخفاض هرمون التستوستيرون :
عادة ما يتطور انخفاض هرمون التستوستيرون أو قصور الغدد التناسلية hypogonadism مع تقدم العمر ، ولكن يمكن أن يؤثر أيضاً على الرجال الأصغر سناً لأي عدد من الأسباب. و هرمون التستوستيرون هو هرمون الذكورة الضروري للتنمية والقوة والجنس.
و في حال انخفض إجمالي هرمون التستوستيرون إلى أقل من 300 إلى 350 نانوغرام nanogram لكل ديسيلتر deciliter (نانوغرام ng / ديسيلتر dL ) ، فإن الرغبة الجنسية عند الذكور قد تنخفض ، بشكل كبير في بعض الأحيان.
وعلى الرغم من أن العلاج ببدائل التستوستيرون قد يكون مفيداً في استعادة الدافع الجنسي للذكور ، إلا أنه قد يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم blood clots والسكتات الدماغية strokes لدى الرجال المصابين باضطراب القلب والأوعية الدموية cardiovascular disorder .
و يعد كل من حالات توقف التنفس أثناء النوم Sleep apnea ، وحب الشباب acne ، و تضخم الثدي أو التثدي gynecomastia من الآثار الجانبية الأخرى الشائعة له .
الأدوية :
إن الآثار الجانبية للدواء هي أسباب شائعة لانخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجال. و قد تشمل هذه فئات كاملة من الأدوية التي يمكن أن تؤثر على الدافع الجنسي للرجل بدرجات متفاوتة.
و تشمل الأدوية الشائعة الستاتين statins ، وحاصرات بيتا beta-blockers ، ومضادات الاكتئاب antidepressants ، و مضادات الذهان antipsychotics ، و البنزوديازيبينات benzodiazepines ، ومضادات الاختلاج anticonvulsants .
وحتى الأدوية التي تباع بدون وصفة طبية مثل تاجميت Tagamet (السيميتيدين cimetidine ) يمكن أن تسبب مشاكل إذا تم تناولها لفترات طويلة من الزمن.
وقد يؤدي إيقاف أو تغيير الدواء المشتبه به إلى عكس الحالة ، و ذلك على الرغم من أن هذا غير ممكن دائماً مع بعض الأدوية المزمنة. وقد يساعد تعديل الجرعة أيضاً. ونصيحتنا كما هو الحال دائماً ، لا تغير الدواء أو الجرعة دون التحدث مع طبيبك أولاً.
الاكتئاب Depression :
من المحتمل ان يسير الاكتئاب وانخفاض الرغبة الجنسية جنباً إلى جنب. وغالباً ما يكون الاكتئاب هو السبب في انخفاض الدافع الجنسي ، ولكن قد يكون أيضاً النتيجة ، مما يجعل الوضع الصعب أكثر سوءاً.
وفي حين أن العلاج النفسي قد يكون فعالاً في علاج الاكتئاب ، فإن الأدوية المضادة للاكتئاب يمكن أن تؤدي في الغالب إلى تفاقم فقدان الرغبة الجنسية بدلاً من تحسينها.
وقد يساعد تبديل الأدوية أو تقليل الجرعة في بعض الأحيان ، إلا أن الآثار الجانبية ليست فورية ولن يساعد تخطي الجرعة أو تأخيرها. فإذا كنت تعاني من الاكتئاب ، فمن المهم مناقشة الرغبة الجنسية مع طبيبك والتحدث عن كيفية تأثير الأدوية على الدافع الجنسي.
المرض المزمن :
يمكن أن يكون للمرض المزمن تأثير كبير على الدافع الجنسي لديك من الناحية الجسدية و من الناحية العاطفية . وينطبق ذلك بشكل خاص على الحالات التي يوجد فيها ألم مزمن أو إجهاد و تعب شديد ، بما في ذلك التهاب المفاصل الروماتويدي rheumatoid arthritis ، و الألم العضلي الليفي fibromyalgia ، و السرطان cancer ومتلازمة التعب المزمن chronic fatigue syndrome .
وعندما يتعلق الأمر بمرض مزمن وفقدان الوظيفة الجنسية ، فإنه نادراً ما يتواجد خط مستقيم بين السبب والعلاج. فمن ناحية أولى ، يرتبط المرض المزمن بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب ، بينما من ناحية أخرى ، يمكن أن يتداخل بشكل مباشر مع الوظائف الهرمونية functions hormonal ، أو العصبية functions neurological ، أو الأوعية الدموية vascular functions التي تشكل محور الدافع الجنسي للذكور.
وعلاوة على ذلك ، فإن الأدوية المستخدمة لعلاج الحالة المزمنة (مثل العلاج الكيميائي chemotherapy أو أدوية القلب والأوعية الدموية cardiovascular ) قد تضعف بشكل مباشر الرغبة الجنسية الذكرية. وعلى هذا النحو ، فقد يحتاج طبيبك إلى استكشاف السبب من منظور المرض المزمن ومن وجهة نظر بعيدة عن المرض المزمن. ،كما أنه قد تكون هناك حاجة إلى عدد من الأطباء في بعض الحالات .
التوتر واضطرابات النوم :
في حين أن التوتر يمكن أن يضعف الاهتمام الجنسي عن طريق دفعك حرفياً إلى التشتت ، إلا أن تأثيره على الدافع الجنسي أكثر غدراً. ومن المعروف أن التوتر يؤدي إلى إنتاج الكورتيزول cortisol ، وهو هرمون يعمل مثل نظام الإنذار المدمج في الجسم .
حيث أن الكورتيزول لا يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية فقط ، و الذي من شأنه أن يسهم في الضعف الجنسي أو ضعف الانتصاب ED ، بل من الممكن أن يسبب أيضاً انخفاضاً سريعاً في هرمون التستوستيرون.
ويرتبط التوتر و القلق أيضاً بحالة الأرق insomnia وغيرها من حالات الشذوذ الحاصلة في النوم ، مما قد يزيد من خطر التعب ويتركك أقل اهتماماً بالجنس.
كما أن هناك أدلة على أن مستوى الكورتيزول cortisol المرتفع قد يزيد من خطر توقف التنفس أثناء النوم obstructive sleep apnea (OSA) ، وهي حالة مرتبطة بانخفاض هرمون التستوستيرون أثناء النهار بنسبة تتراوح من %10 إلى 15% .
وقد يتضمن العلاج تقنيات إدارة التوتر واستخدام الضغط الهوائي الإيجابي positive airway pressure وتحسين العادات و الأحوال المرتبطة بالنوم ، و ذلك من أجل علاج حالات مثل OSA والأرق insomnia . و إذا ارتبط التوتر باضطراب القلق anxiety disorder ، فقد تكون هناك حاجة إلى أدوية ، بعضها (مثل البنزوديازيبينات benzodiazepines ) قد يعزز الرغبة الجنسية المنخفضة بدلاً من تخفيفها أو تلطيفها.
أسلوب الحياة Lifestyle:
هناك عوامل مرتبطة بنمط الحياة والتي قد تسهم بشكل كبير في انخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجال. و تميل هذه العوامل إلى أن تكون ذات علاج سهل عن طريق تغيير السلوك أو إيقافه. و من بينها :
- وفقاً لدراسة أجريت عام 2012 من جامعة تكساس أوستن University of Texas Austin ، فإن التدخين لا يزيد بشكل مباشر من خطر الإصابة بالضعف الجنسي (ضعف الانتصاب ED ) فحسب ، بل إنه يؤدي أيضاَ إلى إعاقة الإثارة الجنسية بشكل غير مباشر .
- عندما يستخدم الكحول الزائد أو على مدار السنين ، فإنه يقوم بإعادة توجيه الأنزيمات enzymes اللازمة لتوليف هرمون التستوستيرون من الخصيتين testes إلى الكبد liver ، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون.
- تؤدي السمنة بشكل مباشر إلى إضعاف عملية الاستقلاب metabolism و وظيفة الهرمونات ، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في هرمون التستوستيرون الكلي والحر. وعلى النقيض من ذلك ، لا تؤدي التمارين الرياضية وفقدان الوزن إلى تحسين مستويات الحالة المزاجية والطاقة فحسب ، بل تعمل أيضاً على تحسين الوظيفة الجنسية والصورة الذاتية.
وعلى الرغم من أن الآثار الضارة لهذه السلوكيات واضحة ، فليس من الحكمة أبدًا "تعليق" الرغبة الجنسية المنخفضة على عامل نمط حياة واحد دون التشاور أولاً مع الطبيب لاستكشاف جميع الأسباب المحتملة الأخرى.
كلمة أخيرة :
إذا كان فقدان الرغبة الجنسية يؤثر على علاقتك ، فإنك تحتاج إلى عناية إضافية لتجنب توجيه اللوم إلى نفسك أو إلى شريك حياتك. و بدلاً من ذلك ، سيكون من الأفضل لك أن تتعامل مع الحلول كزوجين ، لا أن تحددها كقضية خاصة به وحده أو مشكلتك الخاصة بك وحدك بل كقضية تشترك فيها أنتما الإثنان معاً بالفعل .
وهذا يتطلب تواصلاً منفتحاً وصادقاً ليس فقط حول الأعراض الجسدية لانخفاض الرغبة الجنسية ولكن تلك المتعلقة أيضاً بالأعراض العاطفية. حيث يتيح لك القيام بذلك تحديد الطبيب أو الأطباء اللازمين لتشخيص الحالة و علاجها على نحو مبشر و واعد .
وقد يشمل ذلك أخصائي الغدد الصماء specialist endocrinologist ، أو أخصائي المسالك البولية specialist urologist ، أو أخصائي الأمراض المزمنة chronic disease specialist ، أو الطبيب النفسي psychiatrist أو معالج متخصص بالجنس sex therapis أو غيره من المهنيين الصحيين. وقد لا يكون هناك حل سريع ، ولكن مع الوقت والصبر ، يمكن إيجاد حل.
وفي غضون ذلك ، حاول أن تذكر نفسك بأن فقدان الرغبة الجنسية ليس هو نفسه فقدان الرغبة في العلاقة الحميمة. وحتى عندما تكافح مع العجز الجنسي أو اختلال الوظيفة الجنسية sexual dysfunction ، عليك ببذل كل جهد ممكن للاتصال عاطفياً وجسدياً. و هكذا ومن خلال القيام بذلك ، يمكنك صياغة رابطة أوثق ، وربما ينتهي بك الأمر إلى تعزيز علاقتك مع شريك حياتك .