تطمح روزاليند بيكارد Rosalind Picard إلى بناء تكنولوجيا تعتمد على الذكاء الاصطناعي تتفهم مشاعر الإنسان
روزاليند بيكارد Rosalind Picard مهندسة كهربائية ،و هي تعتبر نفسها في مهمة خاصة وذلك من خلال استخدام هندسة الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence AI - تكون قادرة على فهم مشاعر الإنسان .
و قد درست بيكارد Picard في عالم الخبراء الذين يتحدثون بالأصفار zeros و الآحاد ones ، لغة الحوسبة المرتبطة بالمشاعر و الأحاسيس ، و التي تركز على أهمية تشفير الذكاء العاطفي emotional intelligence في أجهزتنا الرقمية.
و تريد بيكارد Picard أن تتعرف التكنولوجيا على التغييرات الطفيفة في مزاجنا وتعديل ما تفعله وفقاً لذلك. حيث أنها تقول يتوجب على الذكاء الاصطناعي أن يحترم المشاعر الإنسانية.
و تحب البروفيسورة بيكارد التي تعمل بشكل ثابت و مثابر في معهد الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT’s Media Lab ، حيث تدير مجموعة أبحاث الحوسبة العاطفية Affective Computing Research Group ، أن تستشهد باستفزاز كليبي لمايكروسوفت وورد Microsoft Word’s Clippy ، وهو مشبك ورقي مجسم اعتاد أن يطفو على سطح برنامج الكتابة ورد Word مع الرسالة : "يبدو أنك تقوم بكتابة رسالة ". لقد كان من المفترض أن يكون كليبي Clippy مفيداً ، إلا أن المستخدمين شعروا بالغضب و الضيق بسبب مشبك الورق المبتسم والغامض الذي كان يرتد عبر الشاشة باستمرار. وتقول بيكارد : " إنني أعتقد أنه لو كان ذلك المشبك الورقي المجسم شخصاً ، فربما لن تدعوه إلى مكتبك".
لقد قاد عمل بيكارد إلى أدوات جديدة تستشعر حدوث تغييرات في الجسم – بالتحديد هي التعرق والتغيرات و التحولات المصاحبة في كيفية توصيل بشرتنا للكهرباء - والتي تنجم عن التغيرات في الدماغ . وبعد بداية مبكرة لإنشاء أدوات لمساعدة الأشخاص المصابين بالتوحد على التواصل ، قامت بيكارد في نهاية المطاف بتطوير جهاز معتمد من إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) للتنبؤ بنوبات الصرع epileptic seizures ، والذي يبحث الآن في خريطة أكثر تفصيلاً للعلاقة الموجودة بين الدماغ والجسم.
وتقول بيكارد أن هدفها هو منح الناس سلطة واسعة من خلال الذكاء الإصطناعي A.I. و ذلك عوضاً عن مجرد إنشاء الروبوت العظيم المقبل. كما تريد بيكارد أن تصنع أجهزة يمكن ارتداؤها وغيرها من الأجهزة التي من الممكن لها أن تشارك في حياة الناس ، وتصرح هنا قائلة : " إننا سنشعر بالرضا و نحن على فراش الموت و مدركين بأننا ساعدنا في إبداعه و صنعه ".
و قد تم تكثيف المقابلة التي أجريت مع روزاليند بيكارد Rosalind Picard وتحريرها من أجل أن تكون أكثروضوحاً.
OneZero: لقد ركز الكثير من عملك على بناء الذكاء العاطفي emotional intelligence في التكنولوجيا. ما هو هدفك في هذه المشاريع؟
روزاليند بيكارد:لقد كانت واحدة من أكبر القوى المحركة بالنسبة لي هو الانتقال من مجرد بناء الآلات إلى إعادة التركيز على مساعدة الناس في الحصول على حياة أفضل. و قد كان تصوري الأصلي للذكاء الإصطناعي A.I. هو بناء شيء مستقل وذكي. كما أنني قلت أياً تكن هوية ما بنيناه فلابد أن يمتلك ذكاءاً عاطفياً. فأنت لن تتحمل روبوتاً مزعجاً. لذلك و في نهاية الأمر، قمنا ببناء MACH [My Automated Conversation CoacH] (مدرب المحادثة الآلي) ، وهو الذكاء الإصطناعي A.I. و الذكاء الإصطناعي هو نظام يمكن أن يستجيب للإشارات غير اللفظية. وقد تم فيه تحول تركيزنا تدريجياً من إبداع و صنع "حلوى العين" eye candy A.I. ذات الذكاء الإصطناعي (و هي عبارة عن صور بصرية عادة ما تكون جذابة ومسلية بشكل سطحي ولكنها لا تتطلب الكثير من التفكير) و ذلك في سبيل التأثير على الناس لمساعدة الناس .و قد تم تصميم MACH لاستشعار المعلومات غير اللفظية والاستجابة لها وإعادتها إلى الناس حتى يتمكنوا من معرفة كيفية وصولها لهم ، وحتى يتمكنوا من إصلاح الأمور قبل ، و لنقل ، الذهاب إلى تلك المقابلة الهامة.
كيف أوصلك اهتمامك بالذكاء الإصطناعي ذي الذكاء العاطفي للعمل مع الناس الذين يعانون من طيف التوحد autism spectrum ؟
لقد حفز الأشخاص الذين يجدون صعوبة في قراءة تعبيرات الوجه بعض مشاريعنا المبكرة. و قد طلب بعض الأفراد الذين يعانون من مرض التوحد منا إيجاد برنامج لقراءة الوجه face-reading software و الذي بإمكانه أن يوفر لهم تفسيراً فورياً لتعابير وجه الشخص الذي يتحدثون معه. كما أننا قمنا بتركيب كاميرا مصغرة يمكن ارتداؤها داخل نظارات وتوصيلها بجهاز كمبيوتر مزود ببرنامج يمكنه مسح عيني الفرد وأنفه وفمه و تعابير الوجه الأخرى وتصنيف التعبير على أنه يشير إما إلى الارتباك confusion ، أو الاهتمام interest ، أو التفكير thinking أو المشاعر الأخرى feelings التي يشير إليها الأشخاص بمهارة في محادثاتهم.
قمت في النهاية بإنشاء مستشعرات للمعصم يمكنها اكتشاف التغيرات في الجلد الناجمة عن الإجهاد والقلق كوسيلة لتحسين الصحة العقلية. ما هو المبدأ الأساسي لهذه الأنواع من الأجهزة القابلة للارتداء؟
لقد أنشأنا جهازاً يقيس التغييرات المرتبطة بالجهاز العصبي الودي sympathetic nervous system ، وهو يعد مقراستجاباتنا " للقتال أوالهروب" “fight or flight” . و يقوم الجهاز على وجه التحديد ، بقياس التغيرات الكهربائية في الجلد. حيث يؤدي تنشيط نظام " القتال أوالهروب " إلى مجموعة كاملة من التغييرات ، بما في ذلك فتح غدد العرق sweat glands تحت الجلد. إذ أنه وحتى لو لم تكن تفوح منك رائحة العرق على السطح ، سيبدأ الجلد في توليد المزيد من الكهرباء و التي يمكن قياسها .
لقد أظهر لك هذا الجهاز شيئاً يثير الدهشة حول العلاقة بين الدماغ والجسم وقادك إلى إنشاء أجهزة لعلاج مرض الصرع epilepsy . هل يمكنك أن تصف ما حدث؟
حوالي عام 2007 ، أعطى طالب جامعي مجسات المعصم هذه لشقيقه ، وهو طفل مصاب بالتوحد يبلغ من العمرحوالي السبع سنوات. و الذي حدث هو أن قابلية التوصيل الكهربائية electrical conductance قد ارتفعت لدى الطفل بشكل كبير للغاية ، ولكن على معصم واحد فقط . و لم يكن لدي أي تفسير لهذا. كما أنني اعتقدت أن أجهزة استشعارنا مكسورة . إذ كيف من الممكن أن تكون قلقاً من جانب واحد من جسمك دون الجانب الآخر؟ . و لم تكن أجهزة الاستشعار الخاصة بنا مكسورة ؛ لقد كانت تعمل بشكل جيد. كما أنها لم تكن بيولوجية الأخ أيضاً.
ثم قمت بالاتصال بالطالب لأسأله عما إذا كان يعرف ما حدث بالضبط ، لأن البيانات لم تكن منطقية. و قد وجدت أنه كان يحتفظ بمذكرات و قد تم تسجيل تلك اللحظة بدقة. وأخبرني أن الاستجابة كانت قد حدثت قبل 20 دقيقة من نوبة شقيقه. ولم أكن أعرف أن الطفل يعاني من الصرع ، والذي يصاحب مرض التوحد في كثير من الأحيان.
و قد اتضح أن الجسد كان يتصرف بطريقة لم أكن أعرف أنه من الممكن له أن يتصرف بها . وكان جهازنا قد تم تصميمه لمراقبة ما يُعرف باسم استجابة الإستثارة العامة general arousal response – أكفك المفرطة التعرق palms sweat ، الإبطين ، إنه استجابة عامة. و لم يكن هناك شيئ مما قرأته أو درسته قد أعدني للحقيقة التي تفيد بأنه يمكنك التعرق على معصم اليد اليمنى وليس على اليسرى ، ما لم يكن هناك شيء خاطئ عندك .
ولم أكن أول شخص يكتشف هذا. فقد عرف أطباء الأعصاب Neurologists والأمراض الجلدية dermatologists هذا بالفعل. إلا أن ما حصل لم يكن معروفاً في الثقافة المتعلقة بالنشاط الكهربائي بشكل عام . إذاً فإن المعتقد أو المبدأ هنا هو أن الاستجابة عامة.
لقد بدأنا دراسة متزامنة مع مرور الوقت بعناية أكبر في المستشفى ، ووجدنا أن الإشارة التي يسجلها الحساس على المعصم تتزامن بدقة مع بداية نشاط كهربائي استثنائي في الدماغ- و التي هي عبارة عن نوبات . و قمنا بنشر ذلك العمل في [المجلات] العصبية Neurology والخاصة بمرض الصرع Epilepsia في عام 2012. وقد أدى هذا العمل إلى إنشاء مستشعرأو حساس للمعصم يتم ارتداؤه لحالة الصرع ، و الذي يتم من خلاله تنبيههم إلى بداية النوبة.
ما هي التفاصيل الأخرى التي تعلمتها عن هذا الرابط المحدد للغاية بين الدماغ والجسم؟
لقد اكتشفت أنه وبالنظر إلى أن النوبة في جزء معين من الدماغ يمكن أن تتسبب في تعرق جزء معين من الجلد أو التعرض لتغير كهربائي ، و قد تساءلنا عن مقدار هذا الاتصال الذي يمكن تعيين منطقته. و لنقل ،أنه إذا تم تنشيط الجانب الأيمن من اللوزة amygdala لديك ، فربما يغير منطقة واحدة أو جزءاً واحداً وليس آخراً. و في حال قمنا برسم مخطط لتلك الروابط ، عندما يحدث النشاط على الجلد ، يمكننا استنتاج حدوث شيء ما في عقلك من المفيد معرفته.
وفي بعض الأحيان يمكن اكتشاف هذا التغيير في النشاط الكهربائي باستخدام أقطاب كهربائية متصلة بفروة الرأس. ولكن في أحيان أخرى ، قد لا يؤدي النشاط الحاصل في عمق الدماغ ، كما هو الحال في الهيبوكامبوس hippocampus ، إلى ظهور شيء ما على فروة الرأس ولكن يمكن التقاطه على المعصم. وعندما تبدأ في فهم كيفية اتصال هذه الأشياء ، عندها يمكنك أن ترى أن هذا الجزء من الدماغ قد تم تنشيطه على الرغم من أنك لا تقيسه مباشرةً.
و نحن نجري دراسة يتم فيها دعوة المرضى الذين يخضعون لجراحة دماغية لأسباب أخرى للمساهمة ببيانات حول ما يحدث في أدمغتهم متزامنة مع معلومات من جهاز يرتدونه على معصميهم وأجزاء أخرى من الجسم أثناء الجراحة. و لابد لنا في الإشارة هتا إلى أن هذه الدراسة قد بدأت في مركز دارتموث-هيتشكوك الطبي Dartmouth-Hitchcock Medical Center ، ونحن في انتظار الموافقة في موقعين آخرين.
ما هي تداعيات هذه الفكرة في المجتمع العلمي؟
إنها أشياء غريبة على نحو مضحك للغاية. و لو كنت أنا الذي سمعت بها لكنت أنا التي ستقوم بمحوها و شطبها بالكامل. و لكن العديد من أطباء الأعصاب وعلماء النفس منفتحون للغاية على إدراك أن الدماغ يؤثر على الجسم بطرق بدأنا للتو في فهمها.
كما اعتاد العديد من العلماء أن يعتبروا مجال التحفيز العصبي the field of neurostimulation - الذي يؤدي إلى تنشيط نشاط الدماغ من خلال التحفيز الكهربائي electrical stimulation - منطقة سخيفة أو غريبة أخرى ، إلا أنها قد اكتسبت الاحترام و الموثوقية إلى حد عظيم الآن.
ما علاقة كل هذا بعملك في الذكاء الإصطناعي A.I. للاستخدام بشكل أكثر عمومية؟
إن كل هذا مرتبط بمشاعرنا التي تلعب دوراً قوياً في حياتنا. فهي مرتبطة بالعديد من الاضطرابات الصحية. ومثل النوبات ، فإنها تحفز و تؤدي إلى تغييرات على سطح بشرتنا.
وعلى مدار سنوات من دراسة الذكاء العاطفي في الذكاء الإصطناعي ، فقد بدأت أتساءل عن الدور الذي تلعبه العواطف في جعلنا مرضى أو بصحة جيدة. وكيف يمكننا تمكين كل فرد من السيطرة على ذلك؟
و قد كان للتنبؤ بالنوبات تأثير كبير على هذا الخط الفاصل من التفكير. إذ أن معرفة ما سيحدث يمنحك السيطرة. وعدم اليقين يزيد من التوترالذي يرتبط بشكل كبير بالصحة العقلية. و نحن نريد أن نقدم للأفراد شيئاً لمساعدتهم على القيام بعمل أفضل عوضاً عن التركيز فقط على الذكاء الإصطناعي A.I. وأن الأشخاص الذين يشغلون مناصب قوية هم فقط من يمكنهم الوصول إليه. ونحن نعمل مع علماء نفس إيجابيين لفهم كيفية بقاء الأشخاص الذين هم بالفعل يتمتعون بصحة جيدة . و هذا ما حول تركيزنا إلى العمل ليس فقط على الأشخاص غير الأصحاء والمرضى ولكن أيضاً على معرفة واكتشاف كيفية الحفاظ على صحة الأشخاص.
كيف غير هذا العمل تصورك الكلي عن الذكاء الإصطناعي A.I.؟
إن البعض منا في عالم الذكاء الإصطناعي A.I ، يتراجع الآن ويسأل عما نفعله من أجل صحة الإنسان . وما الذي يؤدي إلى ازدهار الإنسان الحقيقي و سعادته و رفاهيته ؟ وهل يمكننا تمكين ذلك النوع من الذكاء الإصطناعي A.I. الذي يمنح الثروة والسلطة لعدد أصغر وأصغر من الناس؟ أم هل بإمكاننا أن نجعله ( A.I. ) قادراًعلى مساعدة الناس؟
لقد قمنا بالتفكيرملياً لمعرفة كيفية إنشاء الأدوات التي من شأنها تمكين مستقبل أفضل للبشر ، وليس للآلات. إنني ، أشعر بالسعادة من الرأس إلى أخمص القدمين عندما نبني تكنولوجيا تذكّر الناس بأهميتهم ، وتساعدهم على تحقيق شيء لم يستطيعوا فعله من قبل .