لم يتوصل العلماء بعدُ لإثبات ما إذا كان فيتامين (د) vitamin D يمكنه علاج مرض السكري من النوع الثاني type 2 diabetes أو المساهمة في جعل تقدمه أبطأ.
و قد خلصت دراسة جديدة أجريت على أشخاص كانوا قد شخصوا مؤخراً بالإصابة بمرض السكري أو معرضين لخطر تطوره إلى أن الفيتامين قد يكون مفيداً.
و وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) Centers for Disease Control and Prevention ، فإن مرض السكري من النوع الثاني و مقدمات مرض السكري prediabetes تصيب الآن أكثر من مائة 100 مليون شخص في الولايات المتحدة United States .
و تصف مقدمات مرض السكري Prediabetes الحالة التي تكون فيها مستويات الجلوكوز blood glucose في الدم أعلى من المعتاد ، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
و يقدر أن حوالي 40% من البالغين في الولايات المتحدة ، يعانون من نقص فيتامين (د).و لذلك يتساءل بعض الباحثين فيما إذا كان هذا الأمر يلعب دوراً في ظهور مرض السكري وتطوره.
وقد وجدت الدراسات المبكرة، صلةً محتملةً بين انخفاض مستويات فيتامين (د) ومرض السكري من النوع 2. فعلى سبيل المثال ، وجدت دراسة من عام 2010 أن مستويات فيتامين (د) المنخفضة قد ارتبطت بانخفاض حساسية الأنسولين Insulin sensitivity .
أما في النوع الثاني من السكري ، فتصبح خلايا الجسم أقل حساسية للأنسولين. لذلك ، لا يمكن للأنسولين التحكم في مستويات السكر في الدم بشكل فعال.
البحث بشكل أعمق :
على الرغم من التحقق من وجود صلة بين فيتامين (د) ومرض السكري ، و ذلك في الوقت الذي اكتشف فيه العلماء هذه النتائج من خلال تجارب عشوائية محكومة ، بدا أن الآثار تتلاشى.
و خلصت إحدى الدراسات التي جندت أشخاصاً يعانون من نقص فيتامين (د) ومرض السكري ، إلى أن مكملات فيتامين (د) لم تحسن حساسية الأنسولين. كما توصل بحث آخر إلى استنتاجات مماثلة ، وخلص إلى ما يلي:
" إن تجديد جرعة كبيرة من فيتامين D-3 ل[الأشخاص] المصابين بـ [ مرض السكري من النوع 2] ونقص فيتامين D لم يغير حساسية الأنسولين أو إفراز الأنسولين."
و توصل باحثون آخرون إلى استنتاجات مماثلة. ومع ذلك ، فقد ركزت العديد من هذه الدراسات المبكرة على الأشخاص الذين عانوا من مرض السكري لفترة طويلة ، أو الذين لم يكن لديهم نقص في فيتامين (د).
و لابد لنا من الإشارة هنا أيضاً ، إلى أنه قد تم إجراء العديد من الدراسات لبضعة أسابيع فقط.
ومع أخذ ما سبق بعين الاعتبار ، فقد قامت الدراسة الأخيرة بالتركيز على مكملات فيتامين (د) لدى الأشخاص الذين تلقوا تشخيص مرض السكري مؤخراً أو كانوا معرضين لخطر تطور المرض لديهم . حيث امتد إجراء التجربة لمدة ستة 6 أشهر.
مرض السكري وفيتامين د :
لقد كان العلماء مهتمين بشكل أساسي بقياس حساسية الأنسولين ، و لكنهم قاموا أيضاً بقياس العوامل الأخرى - بما في ذلك إفراز الأنسولين ، ووظيفة خلايا بيتا beta-cell ، وضغط الدم blood pressure.
و قد كانت الدراسة - التي أجراها الفريق في مدينة كيبك Québec City ، كندا Canada - عبارة عن تجربة مزدوجة التعمية double-blind (اختبار أو تجربة -خاصةً للدواء- يتم فيها حجب أي معلومات قد تؤثر على سلوك المختبر أو الشخص المعني إلى ما بعد الاختبار.) ، ذات سيطرة وهمية تضم 96 مشاركاً.
و لم يكن أي من الذين جندوا في التجربة يتناول دواء السكري ، كما لم يقم أي منهم بتناول أدوية تتفاعل مع فيتامين (د) أو مكملات فيتامين (د) في الأشهر الأخيرة.
ومن ثم قام الباحثون بإعطاء نصف المشاركين 5,000 وحدة دولية من فيتامين D-3 (vitamin D-3) كل يوم لمدة ستة 6 أشهر ؛ وهذا يساوي حوالي 5 إلى 10 أضعاف الجرعة الموصى بها. فيما أعطوا النصف الآخر من المشاركين دواءً وهمياً placebo يشبه كبسولات فيتامين دي -3.
وفي الواقع فإن فيتامين (د) هو عبارة عن مجموعة من المركبات. أما فيتامين D-3 ، أو الكولي كالسيفيرول cholecalciferol ، فهو نسخة من فيتامين (د) الذي تنتجه أجسامنا في الجلد استجابة لأشعة الشمس.
و قد قام الباحثون في نهاية التجربة التي استمرت مدة ستة 6 أشهر ، بتقييم المشاركين مرة أخرى. وخلصوا إلى أنه قد : " أدت الجرعة العالية من فيتامين (د) لمدة ستة أشهر إلى تحسن ملحوظ في حساسية الانسولين المحيطي peripheral insulin sensitivity [...] ووظيفة خلايا بيتا beta-cell في الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بشكل كبير بمرض السكري أو أولئك الذين تم تشخيصهم بالإصابة بمرض السكري النوع 2 حديثاً."
كما أظهر الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يعانون من حساسية الأنسولين في أقل مستوياته في الأساس ، قد استفادوا أكثر من مكملات فيتامين (د).
أما بالنسبة للمشاركين الذين كانوا معرضين لخطر الإصابة بالسكري ولكنهم لم يكونوا يعانون من ضعف حساسية الجلوكوز glucose sensitivity ، لم يصنع فيتامين (د) أي فرق لديهم .
ومع ذلك ، لم يجد الباحثون أي فوائد فيما يخص المقاييس الأخرى ، بما في ذلك جلوكوز الصيام fasting glucose ، أو ضغط الدم أو وزن الجسم.
لماذا كانت الاستجابة مختلفة؟
لم تجد العديد من التجارب أي اختلاف فيما يتعلق بحساسية الأنسولين بعد إضافة مكملات فيتامين د. حيث يعتقد المؤلفون أنه من الممكن أن يعود الأمر في ذلك لعدة أسباب محددة.
- وقد كانت بعض التجارب كما ذكرنا سابقاً ، أقصر أو تضمنت عدداً أقل من المشاركين.
- وكعامل آخر، قد تكون الطريقة التي قام الباحثون بتقييم حساسية الأنسولين ؛ ففي الدراسة الأخيرة ، قاموا باستخدام مشبك سكر الدم في حالة فرط الأنسولين hyperinsulinemic euglycemic clamp . وهذا يعتبر جهاز القياس المثالي الذهبي.
- كما أنه من الممكن أن يكون السبب -بدلاً من ذلك - هو أن التجارب السابقة كانت قد جندت أشخاصاً كانوا مصابين بداء السكري لفترة أطول من الوقت. ومع ذلك ، فإن المؤلفين ليسوا متأكدين من السبب في هذا الأمر ، حيث أدلوا بتصريحات مفادها أنه : "ما زال من غير الواضح كيف يمكن أن تؤثر مدة السكري على النتائج."
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة كانت أكبر من بعض التجارب الأخرى ، إلا أنها لا تزال صغيرة نسبياً. كما لاحظ مؤلفوها المزيد من القيود و العوائق. وعلى سبيل المثال ، فقد كان المشاركون في الغالب من العرق الأبيض ، و لذلك، فقد لا تكون النتائج صحيحة بالنسبة للمجموعات العرقية الأخرى.
كما كان حوالي نصف المشاركين في هذه الدراسة فقط يعانون من نقص فيتامين (د) عندما بدأت التجربة. و في بعض الحالات ، كان هذا بسبب وجود فجوة كبيرة بين الفحص الأولي وبداية الدراسة.
و قد يكون هذا قد ساهم في تشويه و انحراف النتائج.
وفي الواقع ، عندما أجرى الباحثون تحليلاً شمل فقط أولئك الذين كانت مستويات فيتامين "د" لديهم طبيعية ، لم يكن هناك اختلاف في حساسية الأنسولين بين المجموعتين.
و يمكننا التوصل إلى أنه و بشكلٍ عام ، فإن هذه الورقة - رغم أنها ليست كبيرة بما يكفي لإلقاء حجر الزهر الفائز - تشكل جزءاً من الاستكشاف المستمر لدور فيتامين د في مرض السكري.
و سيتعين علينا انتظار المزيد من الدراسات قبل أن نتمكن من تأكيد أو نفي أن مكملات فيتامين (د) قد تساعد في إدارة أو تقليل خطر الإصابة بمرض السكري.