توصل باحثون من اليابان إلى طريقة لمساعدة المواد على النمو بشكل أقوى بمرور الوقت ، تماماً مثل العضلات في أجسامنا. و يمكن أن تسمح هذه التقنية الجديدة للمهندسين بتصميم مواد قابلة للتكيف و التشافي لمجموعة واسعة من التطبيقات و الاستخدامات.
إن الإجهاد الميكانيكي الذي يمارس على عضلاتنا عندما نرفع الأوزان في صالة الألعاب الرياضية ، سيؤدي إلى مط ألياف عضلاتنا و ربما إلى تمزقها ، لكن هذا الإجراء المؤذي يسمح -في نفس الوقت- للألياف بأن تنمو (أو العودة للنمو) بشكل أقوى بعد ذلك. و في المقابل ، تميل المواد غير الحية مثل الأربطة (الشرائط) المطاطية أو المشابك (clips) الورقية إلى الضعف و التلف بعد الاستخدام المتكرر.
التجربة العلمية:
و استلهاماً من الأنسجة العضلية ، فقد قامت مجموعة بحثية من جامعة هوكايدو Hokkaido University في سابورو Sapporo ، باليابان ، بتصميم هيدروجل (hydrogel و هو هلام يكونْ فيه المكون السائل هو الماء) يحتوي على شبكتين متداخلتين من البوليمرات (polymers) - وهي المواد التي تكونت من سلاسل طويلة من الجزيئات مثل تلك الموجودة في
البلاستيك
.
و مع البدء بالتجارب قامت المجموعة البحثية بغمر خيوط الهيدروجل (الهلام المائي) -و شدها أو مطّها في نفس الوقت- في محلول يحتوي على مونومرات - مواد بناء للبوليمرات مشابهة لما تفعله الأحماض الأمينية للعضلات. حيث أن التمدد (الشد) يؤدي إلى تمزق الخيوط جزئياً ، ومن ثم تسمح المونومرات في المحلول بإعادة النمو وتصبح أقوى.
وبعد ذلك رصد الباحثون خصائص خيوط الهيدروجل hydrogel بعد شدّها مراراً وتكراراً. و في نهاية المطاف ، أصبحت الخيوط أقوى بمرة و نصف (1.5) و أكثر صلابةً بـ 23 مرة ، كما أنها أظهرت مرونة (لياقة) أكثر من ذلك بكثير ، حيث عززت إلى أكثر من الضِعْف (مرتين) الكتلة الأصلية.
و يشير الباحثون إلى أن تقنية التصنيع الجديدة هذه يمكن استخدامها لتخصيص مواد محددة لتحدّيات معينة ، من خلال البدء ببوليمرات مختلفة ومركَّبات مونومر متعددة. و قد يؤدي ذلك إلى مواد قابلة للإشفاء وقابلة للضبط (tunable) في نفس الوقت , و ستكون هذه المواد مفيدة في التطبيقات الطبية الحيوية ، مثل الأطراف الصناعية وتقويم العظام.
و من الجدير بالذكر أن هذه الورقة البحثية تم نشرها بتاريخ (31 يناير 2019) في مجلة العلوم The Journal
Science.
التقنية الجديدة والأنسجة الحية :
إذ تنمو الأنسجة الحية ، مثل العضلات ، بشكل مستقل وتعيد تشكيل نفسها للتكيف مع البيئة الميكانيكية المحيطة بها من خلال العمليات الأيضية. وعلى النقيض من ذلك ، لا يمكن للمواد الصناعية النموذجية النمو وإعادة بناء هياكلها بمجرد تشكيلها. و في هذه البحث نقترح إستراتيجية لتطوير مواد بوليميرية "ذاتية النمو" و التي بدورها تستجيب للإجهاد الميكانيكي المتكرر من خلال تحويل (نقل) فعّال ميكانيكي-كيميائي (Mechanochemical). إذ أن الهلاميات المائية (الهدروجل hydrogels) القوية ذات الشبكة المزدوجة المزودة بمونومرات مستدامة تخضع لنمو ذاتي ، ويتم تعزيز المواد بشكل كبير من خلال التحميل المتكرر عبر عملية تدمير و إعادة بناء هيكلي. و ما تقدمه هذه الاستراتيجية هو تلك اللمسات الميكانيكية التي تقوم بها الهلاميات المائية hydrogels مع الوظائف المتناسقة في مواضع محددة مرغوبة. و قد يمهد هذا العمل الطريق أمام تطوير مواد هلام ذاتية النمو للعديد من التطبيقات مثل الروبوتات الذكية والأجهزة الذكية.
المصدرالمصدر